قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

من يحكم تركيا الآن


ما الذى تبقى من تركيا... الآن اختل توازن الجميع في داخل تركيا.. فلا القرار الاستراتيجي حاضرًا في غرفة القرار.. ولا القرار السياسي يستند على جهاز إدارى مستقر.

رأينا شبه انقلاب.. وأشباه مظاهرات تقول إن الشعب التركي تصدى لشبه انقلاب.. إذ أن الالاف ليست مظاهرات توقف انقلابًا عسكريا إلا إذا كان فعلًا شبه انقلاب... لم نشاهد تليفزيونيًا الصورة الكاملة فى تركيا حتى الآن... كل ما رأيناه هو صور منقوله من جسر البسفور.. ومظاهرة فى مطار أتاتورك.. ومظاهرة أخرى فى أحد شوارع أسطنبول.. والصور اقتصرت على مدينتى اسطنبول ومدينة أزمير.. الغريب أنه لم يتم تداول أى صور من العاصمة التركية أنقرة.. أردوغان نفسه لم يذهب للعاصمة حتى الآن.

نخطئ عندما نقرأ المشهد التركى على خلفية أن هناك منتصر ومهزوم .. الحقيقة أن هناك شرخا كبيرا.. أو إسفين كبير تم ضربه في المشهد التركى كله.. انتقلت معه أوراق اللعبة من الداخل التركي إلى خارجه.

ويبدوا أن هناك من شجع الانقلاب ثم تخلى عنه بهدف تحريك المشهد.. هذا الطرف الخارجي اختار أن يضرب في أتجاهين .. الأول ضرب مركز القرار الاستراتيجي للدولة التركية متمثلًا في الجيش التركى .. ومركز القرار السياسي المعبر عنه حزب العدالة والتنمية.

لكنه أختار أن يستخدم اردوجان شبه المنتصر ليبدأ بنفسه عملية هيكلة تم هندستها بحرفيه لتشمل عدد كبير من الموظفين.. وكأن الأمر كان محسومًا ومجهزًا سابقًا.

المثير هنا أن هذا الحجم الكبير من الإقالات يعنى أن هناك فراغا كبيرا في هرم القيادة في الجيش التركى... وهذا يعنى أن القرار الاستراتيجي التركى بات مشلولًا، الأمر نفسه تم مع قوات الشرطة والقضاء.. لحق ذلك قرار بنقل ثكنات الجيش خارج المدن وهذا ينسف تمامًا كل خطط السيطرة والتأمين للجيش التركى ...ثم بدأت مرحلة الهيكلة الشاملة .. وفى مقدمتها حل الحرس الرئاسي التركى.

المثير أن حجم من تم إقالتهم واعتقالهم من الشرطة أكبر من عدد الموقوفين في الجيش، ورقم ال 8000 آلاف كبير وضخم جدًا على أن تتحمله مؤسسة أمنيه، هذا الرقم الكبير ينفى ما قالته المنابر الإعلامية التركية والتي قالت أن الشرطة تصدت لمحاولة الانقلاب مع الشعب . أو ربما تصدت في أسطنبول فقط.

السؤال الأهم هنا ..إذا كان الجيش مهزوز نفسيًا ولديه فراغ في هرم القيادة ويحاول بإستماته الحفاظ على تأمين غير كامل للحدود، وإذا كانت الشرطة قد دخلت هي الأخرى في عملية إعادة هيكلة ضخمة .. وتم حل الحرس الرئاسي.. وتم طرد الالاف من الموظفين في الجهاز الإدارى... ما هي أدوات أردوغان الفعلية لممارسة الحكم.

البرلمان مصدر شرعية وتشريع.. لكنه ليس أداة حكم ... وليس قاعدة النظام الإدارى .. قد يتخذ قرارات لا يعتد بها أو يصعب تنفيذها.

يبدو أن ضغط الجيش التركي وأطراف متعددة من داخل حزب العدالة والتنمية على رأسها أحمد داود أوجلوا وعبدالله جول المؤمنان بمبدأ تصفير المشكلات.. هم السبب في تحرك أردوجان لإعادة العلاقات مع روسيا ومصر.

مستقبلًا لن يصمد حزب العدالة والتنمية.. فهناك انقسامات بدأت تلوح في الأفق.. مع صعود طموح هاكان فيدان رئيس المخابرات التركية في لعب دور سياسي.. سيحاول مقاومته رجال أردوغان داخل الحزب بفرص ضعيفة داعمين أوجلوا من جديد بمساندة جول، ونحن أمام حكومة ائتلافيه يتم إعدادها مع الأحزاب التي أيدت موقف أردوغان ضد شبه الانقلاب. ووسط كل هذا يظن البعض أن أردوغان خرج منتصرًا.

في ظل كل هذه الإشكاليات الداخلية... بات الموقف الخارجي لتركيا صعبًا.. فحسابات تركيا المتوترة تعقدت للغاية... روسيا تتقارب بحسابات مدروسة.. وإيران تتداخل للنفاذ الى العمق الاجتماعىالتركى عبر العلويين وهم 15% من الأتراك.. والعالم الآن وفى مقدمته اوربا يدفعون الأكراد ليكونوا المولود الأول في الشرق الأوسط الجديد، وكان الجيش التركى هو أكبر عائق ضدها.

إسرائيل ترى أن انكفاء تركيا على نفسها مع علو صوتها سيجعلها داعما لاستمرار الانهيار السورى الى جانب لعبها دورًا سياسي أكبر في دعم الانقسام الإقليمي.. وكذلك وواشنطن مطمئنه تمامًا لعملية الهيكلة الجارية.. فأمريكا مستريحة جدًا لتركيا في ثوبها الجديد، فهمايريدان بلد جيوسياسي بشعارات عثمانية وقوة ناعمة وليسبلد جيواستراتيجى بشعارات قومية وقوة صلبة تفرض التصالح مع جيرانها... المراد لتركيا أن تكمل دورها... لا ان تصنع لنفسها دورًا.

أعذرنى عزيزى القاري لأنني لم اتطرق لموضوع فتح الله كولن .. لأنه ليس أكثر من غطاء سياسي لعملية إعادة هيكلة تركيا.