الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الكعبة المشرفة ترتدي كسوتها الحريرية الجديدة المرصعة بـ120 كيلوجرام ذهب و25 فضة بمساعدة 86 فنيًا.. فيديو

صدى البلد

  • الكعبة بثوب جديد:
  • الكسوة القديمة تعود إلى مستودع المصنع وتُغسل مرتين سنويًا
  • يستهلك 700 كيلوجرام حرير خالص وأكثر من 120 كجم ذهب و25 كجم فضة
  • «ملك حمير» أول من كساها قبل الإسلام
  • «أم العباس» أول امرأة كست الكعبة بنذر قبل الإسلام
  • مصر تكسو الكعبة منذ عهد «الفاروق»
جرت مراسم تبديل الكسوة القديمة للكعبة المشرفة عقب صلاة الفجر، اليوم، الأحد، بأخرى جديدة، على يد 86 فنيًا، جريًا على عادة الرئاسة العامة لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوي في مثل هذا اليوم من كل عام، بحضور عدد من منسوبي الرئاسة ومصنع كسوة الكعبة المشرفة.

وكان الرئيس العام لشئون الحرمين الشريفين عبدالرحمن بن عبد العزيز السديس، والذي ألقى خطبة عرفة اليوم، قد أعلن -بحسب صحف سعودية- أن الجهة المختصة فى الرئاسة ستبدأ مراسم تغيير الكسوة الجديد للكعبة فجر اليوم، الأحد 9 ذى الحجة، حيث سيتم إنزال الكسوة القديمة وإبدالها بالكسوة الجديدة التى تمت صناعتها من الحرير الخالص والذهب فى مصنع كسوة الكعبة المشرفة بمكة المكرمة.

وشرع الفريق المعني بوضع ثوب الكعبة المشرفة الجديد بفك أركان الكسوة من المذهبات ظهر اليوم الثامن من شهر ذي الحجة، حسب الخطة التشغيلية والفنية لتبديل الثوب القديم بالثوب الجديد.

وأوضح مدير عام مصنع كسوة الكعبة المشرفة الدكتور محمد بن عبد الله باجودة أن هذا الإجراء متبع سنويًا، ويتخذ كبداية لمهمة تبديل الكسوة القديمة للكعبة المشرفة بحُلّتها الجديدة فجر التاسع من شهر ذي الحجة يوم الوقوف بعرفات.

وقال إن المذهبات يجري فكها بطرق فنية متبعة تعمل على سلامة القطع، والمذهبات عبارة عن ستارة باب الكعبة المشرفة المصنوعة من الذهب الخالص بالجهة الشرقية، و4 صمديات تتضمن سورة الإخلاص والموجودة في الأركان الأربعة بالكعبة المشرفة و4 قناديل (الله أكبر) والمثبتة عند خطة النية.

وكشف عن أن هذه المهمة تنفذ باستخدام آليات رافعة حديثة تمكن العاملين من الوصول لسطح الكعبة المشرفة و"سقالات" من نوع متحرك وثابت لتسهيل التنقل ومباشرة المهام المطلوبة بتعاون الجهات المعنية والفنية بالرئاسة.

وأفاد مدير عام مصنع كسوة الكعبة المشرفة الدكتور محمد عبد الله باجودة، بأن الكسوة القديمة تعود إلى مستودع المصنع للاحتفاظ بها، لافتًا إلى أنه يعمل في مصنع كسوة الكعبة المشرفة أكثر من 240 صانعًا وإداريًا، موزعين بأقسام المصنع المزودة بآلات حديثة ومتطورة في عمليات الصباغة والنسج والطباعة والتطريز والخياطة.

وأضاف: "والمكونة أقسامه من: الحزام، وخياطة الثوب، والمصبغة، والطباعة، والنسيج الآلي واليدوي، وتجميع الكسوة، إلى جانب أكبر ماكينة خياطة في العالم من ناحية الطول حيث يبلغ طولها 16 مترًا، وتعمل بنظام الحاسب الآلي، كما أن هناك بعض الأقسام المساندة مثل: المختبر والخدمات الإدارية والصحية للعاملين بالمصنع".

مكونات كسوة الكعبة المشرفة
تتكون كسوة الكعبة من ثوب مكون من أفضل أنواع الحرير المزخرفة بخطوط الفن الإسلامي والآيات القرآنية، ولكسوة الكعبة عدة مسميات "غطاء الكعبة"، "سدين"، و"ريتاج" و"وراما" ويعني ستار الكعبة.

ويتم وضع هذا الثوب على الكعبة، ويتم تغييره مرة كل عام وغسله مرتين في السنة، ويتم تصنيع الكسوة في مصنع أم القرى، ووفقًا لقرار ملكي يصبح المصنع مسؤولا عن صناعة كسوة وغطاء الكعبة كل عام، ولدى المصنع أجهزة وتقنيات حديثة مستخدمة في عالم النسيج لزخرفة الثوب بشكل رائع يليق بمكانة الكعبة المشرفة.

ويُشار إلى أنه فى عام 1346 هـ/ 1926م أصدر الملك عبد العزيز آل سعود أمرًا ملكيًّا بتشييد مصنع أم القرى الخاص بصناعة الكسوة الشريفة، وجلب له أبرع الفنيين والعمال المهرة، وفى عام 1382هـ صدر مرسوم بتجديد المصنع، واستمر إنتاجه حتى عام 1977م، وافتتح الملك عبد العزيز مقرًّا جديدًا فى أم الجود الذى يؤدى رسالته مواكبًا للتطور العلمى والفنى، ويتكون المصنع من ستة أقسام، هى: الحزام والنسيج اليدوى والصباغة والنسيج الآلى والطباعة والستارة الداخلية.

مراحل صناعة كسوة الكعبة
تمر كسوة الكعبة بـ6 مراحل في التصنيع، أولها الصباغة، ويبدأ قسم الصباغة بصباغة أفضل أنواع الحرير الطبيعي فى العالم، ويتم تأمينه على هيئة شلل خام عبارة عن خيوط مغطاة بطبقة من الصمغ الطبيعى لمادة تسمى "سرسين"، تجعل لون الحرير يميل إلى الاصفرار، وتزن الشلة حوالى 100 جرام وبطول حوالى 3000 متر تقريبا وبارتفاع 76سم.

ويمر بمرحلتين، مرحلة إزالة الصمغ وغسله بماء ساخن تصل حرارته إلى 95 درجة مئوية، ويعاد غسله بماء دافئ لإزالة المادة، لتبدأ عملية الصباغة بإضافة المواد الكيميائية والأحماض القلوية في أحواض مضادة للصدأ لمدة 30 دقيقة.

ويأتي دور قسم النسيج الآلي في المرحلة الثانية، وهو المسئول عن زخرفة الخيوط الحريرية بالعبارات والآيات القرآنية المنسوخة، وتتم عملية النسج بالآت وتقنيات حديثة، وتجمع الخيوط التي تبلغ أكثر من 9 آلاف خيط، لتدخل في مرحلة طباعة الآيات على الخيوط مباشرة.

أما المرحلة الثالثة، فمن نصيب قسم المختبر الذي يُطابق الخيوط للمواصفات من حيث الدقة والجودة والقوة المحددة، وتركب ألوان الصبغة ويعاد اختبارها للتأكد من ثبات اللون ومقاومة الغسيل بإجراء تجارب عديدة بواسطة مواد كيميائية وأبحاث.

وفي المرحلة الرابعة، يجهز النسيج في قسم الطباعة على ضلعين لتبدأ عملية الزخرفة والتصميمات والكتابة المطرزة ويثبت بعدها القماش الحرير غير المنقوش، وينقل التصميم المراد طباعته على شرائح بلاستيكية بقلم خاص ليحدد الرسوم المطلوبة والآيات المحددة بشكل ثابت ودقيق.

والمرحلة الخامسة، قسم التطريز وهي أهم مرحلة لأنها تميز كسوة الكعبة بالتطريز بالفضي والذهبي، وتضع الخطوط القطنية بكثافات مختلفة فوق الخطوط، ويطرز فوقها خيوط من القطن الأصفر والفضي والذهبي بمهارة عالية ودقة في الخطوط.

أما المرحلة السادسة، فتجميع الكسوة تتم بالآت بعد عملية تفصيل كل قطعة على جانب، وتشكل لجنة مسؤولة عن عملية تجميع وتثبيت القطع المزخرفة مع مراعاة النسب والأطوال ومقاسات الكعب بجوانبها الأربعة المختلفة.

وعقب جميع هذه المراحل، يقام فى موسم حج كل عام احتفال سنوى فى مصنع كسوة الكعبة المشرفة يتم فيه تسليم كسوة الكعبة المشرفة إلى كبير سدنة بيت الله الحرام، ويقوم بتسليم الكسوة الرئيس العام لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوى الشريف، كما يسلم كيس لوضع مفتاح باب الكعبة تم إنتاجه فى المصنع.

تكلفة الكسوة بالتفصيل
تحتاج كسوة الكعبة 700 كيلوجرام من الحرير الخالص، ويصل ارتفاع الثوب إلى 16 مترًا، ويبلغ مسطح الثوب 658 مترًا مربعًا، ويتكون من 47 طاقة قماش، ويوجد في الثلث الأعلى من الكسوة حزام مطرز بالذهب والفضة، كتبت عليه آيات قرآنية بخط الثلث المركب.

ويستهلك تطريز الحزام أكثر من 120 كيلوجراما من أسلاك الذهب، و25 كيلوجراما من أسلاك الفضة، ويبلغ عدد العاملين فى إنتاج الكسوة 240 عاملا وموظفًا وفنيًا وإداريًّا، من بينهم 86 فنيًا يقومون بتبديل ثوب الكعبة، لتصل تكلفة صناعة الكسوة سنويًا إلى أكثر من 22 مليار ريال سعودي.


تاريخ كسوة الكعبة قبل الإسلام وبعده
ويعود هذا التقليد إلى عصر ما قبل الإسلام، حيث عدّت كسوة الكعبة المشرفة من أهم مظاهر الاهتمام والتشريف والتبجيل لبيت الله الحرام.

تذهب بعض المصادر التاريخية إلى أن سيدنا إسماعيل -عليه السلام- هو أول من كسا الكعبة، والبعض الآخر يذهب إلى أن عدنان جد النبي "محمد"- صلى الله عليه وسلم- الأعلى هو أول مَن كساها، غير أن الثابت تاريخيًّا أن أول مَن كساها هو "تبع أبى كرب أسعد" ملك حمير سنة 220 قبل الهجرة بعد عودته لغزوة يثرب.

وروى عن النبى- صلى الله عليه وسلم- أنه نهى عن سب تُبَّع ملك حمير بقوله: "لا تسبوا تبعا، فإنه كان قد أسلم"، رواه أحمد فى مسنده عن سهل بن سعد وكان تُبّع هو أول مَن كسا الكعبة كسوة كاملة – كساها "الخصف"، تدرج فى كسوتها حتى كساها "المعافير" وهى كسوة يمنية، كما كساها "الملاء" وهى كسوة لينة رقيقة، وعمل لها بابًا ومفتاحًا، ثم تبعه خلفاؤه من بعده فكانوا يكسونها "الوصايل"، وهى أثواب حمر مخططة، و"العصب" وهى أثواب يمنية يصعب غزلها؛ أى: يجمع ويشد.

وأخذ الأمراء فى تقديم الهدايا إليها من الأكسية المختلفة، وكلما جاءت كسوة طرحت سابقتها إلى أن جاء عهد "قصى بن كلاب"، ففرض على القبائل رفادة كسوتها سنويًّا، وما زالت قريش تقوم بكسوة الكعبة حتى زمن "أبى ربيعة بن المغيرة المخزومي" وكان من الأثرياء، فقال لقريش: "أنا أكسو الكعبة وحدى عامًا وجميع قريش عامًا، فوافقت قريش، وسمى بذلك "العدل"، لأنه عدل بفعله قريشًا كلها".

أول امرأة كست الكعبة بنذر
أما أول امرأة كست الكعبة فى الجاهلية فهى "نبيلة بنت حباب" أم العباس بن عبد المطلب، وكانت قد نذرت ذلك. ومن المعلوم أن الكعبة قبل الإسلام كانت تُكسى فى يوم عاشوراء، ثم صارت تُكسى فى يوم النحر، وصاروا يعمدون إليها فى ذى القعدة فيعلقون كسوتها إلى نحو نصفها، ثم صاروا يقطعونها فيصير البيت كهيئة المحرم، فإذا حل الناس يوم النحر كسوها الكسوة الجديدة.

النبي والصديق يكسوان الكعبة بالثياب اليمنية
وعن كسوة الكعبة بعد الإسلام، فلم يتح لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- كسوة الكعبة إلا بعد فتح مكة، فكساها هو وأبو بكر الصديق بالثياب اليمنية، ثم كساها عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان "القباطى المصرية"، وهى أثواب بيضاء، رقيقة كانت تُصنَع فى مصر.

وحظيت مصر بشرف صناعة كسوة الكعبة منذ أيام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- حيث كتب إلى عامله فى مصر لكى تحاك الكسوة بالقماش المصرى المعروف باسم "القباطي" الذى كان يصنع فى مدينة الفيوم، وقد تعددت أماكن صناعة الكسوة مع انتقال العاصمة فى مصر من مدينة إلى أخرى حتى انتهى الأمر إلى مدينة القاهرة المُعزِّيَّة.

وتأسست دار كسوة الكعبة بحى "الخرنفش" فى القاهرة عام 1233هـ، وهو حى عريق يقع عند التقاء شارع بين السورين وميدان باب الشعرية، وما زالت هذه الدار قائمة حتى الآن، وتحتفظ بآخر كسوة صنعت للكعبة المشرفة داخلها، واستمر العمل فى دار الخرنفش حتى عام 1962 ميلادية؛ إذ توقفت مصر عن إرسال كسوة الكعبة لما تولت المملكة العربية السعودية شرف صناعتها.