الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الدعم دعمنا


كل فترة يخرج علينا أحد السادة المسئولين بتصريح يبرر فيه فشل الحكومة فى إصلاح الأوضاع الاقتصادية وبخاصة عجز الموازنة، قائلًا إن الدعم هو سبب عجز الموازنة، ويكلفنا رُبع الإيرادات العامة للدولة، ثم يخرج علينا آخر ليتحدث عن قلب الحكومة الحنين على هذا الشعب من خلال زيادة الدعم عامًا بعد عام، وكأن الحكومة هبطت على مصر من السماء، حاملة أموال الدعم فتوزعه على المواطنين كنوع من الصدقات أو الزكاة أو عشور أموالهم.

والحقيقية أن أموال الدعم التى توزع على المواطنين فى صورة عينية هى أموال المواطنين أنفسهم، فالإيرادات العامة للدولة التى يتم تخصيص جزء منها سواء رُبعها أو حتى نصفُها فى صورة دعم لأسعار عدد من السلع التى لا غنى للمواطنين عنها، سواء كهرباء أو مياه أو وقود أو مواد غذائية أساسية، هى ملك لجميع المواطنين المصريين دون استثناء وليست ملكًا للحكومة.

فالحكومة هى مجرد مسئول عن توزيع ما لا تملك على من يملك وهم المواطنين، فالأموال هى ملك الشعب ويتم توزيعها على الشعب، ودورها هو تنظيم هذه العملية فقط، وضمان وصول الدعم لمستحقيه، والبحث عن أفضل السُبل لتحقيق ذلك، ومن حق مالك الأموال -وهو الشعب- أن يحاسب الحكومة على نجاح أو فشل إدارة هذه الأموال عن طريق نوابه المنتخبين فى البرلمان.

لذا فأن أى حديث عن تفضل أحد من السادة المسئولين على المواطنين بأى زيادة فى الدعم، أو تفضله بالتباهى بالاستمرار فى تقديم الدعم رغم الظروف الاقتصادية الصعبة هو مغالطة غير منطقية، فمن يملك المال هو صاحب الفضل، وليس من يُديره بأجر، فعلى سبيل المثال لا الحصر فأن سيارات السادة أعضاء الحكومة تستخدم البنزين المدعم، وأجهزة التكييف فى قصورهم تستخدم الكهرباء المدعمة، فالشعب هو الذى يدعمهم وليس العكس.

أضف الى ذلك أن دعم الدولة لمواطنيها من إجمالى أموالهم، هو نظام معمول به فى الغالبية العظمى من دول العالم، ففى أمريكا التى تمثل نظريًا أقصى معسكر اليمين يدعمون غير القادرين، وفى روسيا التى تمثل من الناحية النظرية أقصى معسكر اليسار يدعمون المواطنين، وفى الصين وفى الدول الاوروبية حيث الحكومات المحترفة يتم دعم المواطنين غير القادرين والمنتجين للسلع والخدمات معًا، أذن فالدعم ليس ابتكارا مصريا كنوع من الصدقات أو العشور الحكومية على المواطنين، فهو من الشعب وإلى الشعب.

ومن حق الشعب بصفته مالك الأموال أن يراجع سياسة الحكومة فى توزيع الدعم، ومراجعة آلية إيصاله إلى مستحقيه، فهناك العديد من السلع بات دعمها بصورة نقدية أفضل كثيرًا من دعمها بصورة عينية، فعلى سبيل المثال لا الحصر، دعم الخبز ودعم السلع التموينية من الأفضل من وجهة نظرى أن يتم توزيعه نقدًا على جميع المواطنين دون استثناء، مع دخول الدولة كأحد المنتجين لهذه السلع لضمان عدم احتكارها من أحد، وبذلك نوفر الوقت والجهد والمال الذى يتم إهدارهم فى متابعة منظومة التوزيع العينية وما يشوبها من أخطاء.

فى النهاية.. الدعم ليس فضلًا من أحد على هذا الشعب، والفضل الذى يمكن لأحد أن يدعيه هو قيامه بواجبه فى إيصال هذا الدعم لمستحقيه فقط لا غير، فالدعم دعمنا.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط