أزمة الأمن والفوضي.. ومطب وزير العدل؟!

كما ذكرت فإن أمام حكومة الدكتور هشام قنديل، تحديات في غاية الصعوبة تحتاج إلي قدرات هائلة وإمكانات أرجو أن تكون متوافرة من أجل إنقاذ هذا الوطن من الغمة التي يعيشها. ليس هذا الكلام تجنيًا أو تجاوزًا ولكنها الحقيقة الاليمة التي تدل عليها تلك الاحداث المأساوية التي شهدتها القاهرة والعديد من محافظات مصر من بلطجة وصدامات وفتنة واعتصامات وأصوات تشكو أو تحتج علي أحوالها.
هنا لابد من ان يوضع في الاعتبار ما ترتب علي ذلك من مناخ فوضوي اصبح مرتبطا بالانفلات الاخلاقي والتمرد علي القوانين وهو ما يلقي التشجيع من بعض القوي. هذا الامر يضع قوات الشرطة المسئولة عن حفظ النظام والقانون في موقف حرج. يأتي ذلك علي ضوء تجربتها مع الاحداث المصاحبة لثورة 25 يناير. وفي هذا المجال علينا أن نذكر أن أعدادا من رجال الأمن كانوا بعيدين عن ميدان التحرير إبان الثورة قد تم تقديمهم للمحاكمة لانهم دافعوا عن أقسام الشرطة حيث مقار عملهم لمنع الافراج عن المتهمين في قضايا جنائية ومنع سرقة الاسلحة. هل يمكن ان يصدق أحد تلك الاتهامات والادعاءات التي تتهم حماة الأمن بأن تصديهم لهؤلاء الفوضويين البلطجية بالاضافة إلي الدفاع عن حياتهم.. هو قتل واعتداء علي الثوار!!
من ناحية أخري ومع التشكيل الوزاري الجديد يظهر علي السطح وفي الباطن مرارة شديدة عند غالبية رجال القضاء الذين يمثلون سدنة العدالة التي يتطلع إليها الوطن ومن ورائه الشعب. ان هذه الفئة هي حصن الامان للحقوق والحريات وتحقيق التوازن الذي يحفظ للوطن وجوده وسط هذه الفوضي التي تستهدف كل شيء. من المؤكد أن السؤال المطروح علي الساحة القضائية الان يدور عما يجب ان يكون عليه الموقف بعد ان اسندت وزارة العدل التي ترعاهم ادارياً إلي المستشار احمد مكي المحسوب علي جماعة الاخوان والذي هاجم احكام القضاء والقضاة خاصة حكم الدستورية العليا بحل مجلس الشعب للعوار الدستوري.
إنه وللاسف لم يفرق في موقفه بين انتمائه للقضاء وبين انحيازه وتواطئه مع توجهات جماعة الإخوان الرافضة لحل مجلس الشعب رغم التوافق القانوني العام علي حتمية هذا الاجراء تمشياً مع الأحكام الدستورية.. انني لا أستطيع ولا يمكنني أن اقدر ما سوف يكون عليه موقف رجال القضاء من هذا الاختيار الذي لا يمكن وصفه سوي بأنه تحد ما كان يجب الاقدام عليه حفاظاً علي كرامة وهيبة القضاء. لا جدال إن اصلاح هذا الموقف يحتاج الي شبه معجزة لقبوله من جانب رجال هذه الهيئة الموقرة. هل يمكن الاطمئنان الي تصريحات الرئيس محمد مرسي ووزير العدل المستشار أحمد مكي تجاه مستقبل استقلالية القضاء وحماية هيبته؟. ما هي ضمانات عدم اعادة تكرار مذبحة القضاء لضرب هذا الاستقلال؟ ان السعي لخدمة هذا الهدف يستوجب ان يوضع في الاعتبار المثل الذي يقول: يوم لك ويوم عليك؟
في هذا المناخ السائد لا يستطيع أحد ان ينكر اهتزاز الثقة المتبادلة بين الغالبية القضائية ووزير العدل الحالي.. ان استعادة هذه الثقة تحتاج إلي خطوات عملية تتسم بالمصداقية والشفافية بما يؤكد عدم انعدام نية توريط القضاء في دهاليز اتجاهات وسياسات بعينها.
نقلاً عن الاخبار