الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حصار الجيش العراقي في الموصل


ليس حصارًا بمعنى قطع الإمدادات أو تضييق الخناق.. وإنما هو حصار الأهداف العراقية التي يمثلها الجيش العراقي في الموصل وما بعدها.. فالجيش العراقي يدخل الموصل لطرد الميليشيات المسلحة.. وإعادة سيادة الدولة العراقية عليها وعلى كل العراق.. لكن هل يتخيل أحد أن الأطراف الموجودة على أرض العراق وفى محيط الصراع تريد هي الأخرى أن تحقق هذه الأهداف.

يدخل الجيش العراقى إلى الموصل .. تحاصره أربعة أطراف إقليمية .. تركيا وايران وإسرائيل والأكراد.. وتقوم واشنطن بهندسة الأدوار الوظيفية لكل الأطراف.

كل هؤلاء حاضرون على الأرض.. وأنا هنا أتحدث عن وجود الجيش التركي داخل العراق وبالقرب من العمليات.. وكذلك الخبراء الأمريكان والقوات الخاصة والتي بلا شك يوجد من داخلها إسرائيليون.. بالإضافة إلى الغطاء الجوي تحت مسمى التحالف الدولى لمحاربة داعش.. بالإضافة إلى ايران الموجودة بميليشياتها وأهدافها داخل العراق.. ووقفت روسيا تراقب من بعيد الأحداث وعينها على مسرح العمليات في سوريا.. أما عن العرب واقصد بعض الخليج .. فاختاروا أن يرهنوا المصالح العربية في العراق لحسابات الأمن الجيواستراتيجى التركي.

تركيا لم تدخل العراق من أجل السنة.. تلك ليست قضيتها.. ما يعنيها هو تطويق المناطق الكردية السنية أيضًا.. وفى ذلك يتفق الأتراك مع الايرانين .. على ضرورة إحباط القدرات الكردية المتنامية.. وكذلك تمرير خط الغاز القطرى عبر الموصل مرورًا بالمناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة في سوريا والمدعومة من قطر وتركيا.

يتفق الأتراك مع إسرائيل أيضًا.. فتل أبيب تريد إعادة الأكراد الإسرائيلين  إلى مناطقهم التاريخية فى الموصل لتنفيذ وعد من النيل إلى الفرات وفق نظرية أن ديمغرافية الوجود اليهودي من النيل للفرات.. بالإضافة إلى التمهيد لإعادة إحياء مشروع خط أنابيب النفط من الموصل إلى حيفا.

إيران تريد الدخول بقوات الحشد الشعبي للموصل لتثبيت نفوذها فى العراق كله ولفتح الطريق البرى لإمداد ميليشياتها فى سوريا، وكذلك تنفيذ خط الغاز عبر الموصل إلى سوريا وأوروبا .. نهايك عن استكمالها لمشروعها الاستراتيجي بتنفيذ الهلال الشيعي.

أما الولايات المتحدة المتحدة فهى من تقوم بتوزيع الأدوار.. فهى المستفيد الأول من حالة الفوضى.. من جانب استطاعت اقناع أوروبا بالخيارات الأمريكية المستقبلية.. ومن جهة أخرى هي تستعد لنقل حالة الفوضى إلى غرب ووسط آسيا وعند تخوم الصين.. بالتزامن مع تفجير الأوضاع في القوقاز عند حدود روسيا.. والصيغة الوحيدة لهذه العملية هي تنظيمات شبيهة بداعش.

وهذا يفسر لماذا اختارت روسيا التدخل بالقوة مع حالة الفوضى في المنطقة فى سوريا، عملًا بأسلوب الدفاع الأستباقى، ولا شك أن هذا الدخول الروسي قد أدى إلى خلط الأوراق الأمريكية في المنطقة، وأدى إلى قيام واشنطن بالدخول عميقًا إلى الموصل.

الناظر بعمق الى المناورة الأمريكية في عملية تحرير الموصل يكتشف.. أن لها هدفا واضحا .. وهو إعادة ترتيب عناصر الصراع في المنطقة مجددًا .. وإيصالها إلى نقاط تماس جديدة  في سوريا واليمن.. بالإضافة الى إعادة ترتيب مواقع السلطة في العراق نفسه.

ليس متوقعًا أن الأطراف التي ساهمت في إغراق العراق في الفوضى.. هي من تسعى إلى تحقيق سيادته أو قتال داعش والقضاء عليه.. ببساطة كلهم يريدون بقاء داعش.. فداعش هي مبرر وجودهم.

وهم في ذلك يحاصرون الجيش العراقي.. وفكرة الدولة العراقية.. ومنطق السيادة العراقية.. ودور العرب في تقوية الدولة العراقية والنظام السياسي العراقى وهذا كفيل بأن يقاوم محاولات السيطرة على النظام السياسي في العراق الحبيب.

على العرب أن يعيدوا إدراك أنفسهم في المنطقة .. وأن ينبذوا التشوهات في مفاهيم الأمن القومي .. وأن يعيدوا إنتاج حالة سياسية تقوم على المكون العربي قبل المكون الطائفى أو المذهبى .. وهذا وحده قادر على استيعاب كل التناقضات العربية .. ولا يعطى الفرصة لإيران مثلًا في أكتساب الشيعة العرب ولا تركيا في تنفيذ مصالحها بنفاذها الى المنطقة لتحقيق الزعامة ارتكانًا لفكرة الصراع المذهبى.

من يتم قتله هم العرب.. ومن يتم انتهاك سيادتهم هم العرب.. ونحن نواجه نفوذين الأول فارسي والثانى عثماني.. برعاية أمريكية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط