الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وثائق بريطانيا تكشف دور مبارك البارز خلال اجتياح الكويت.. صدام حاول استمالة مصر إلى جانبه في الحرب.. الرئيس العراقى عرض 20 مليار دولار ومبارك رفض تشكيل قوات وصاية على الخليج

صدى البلد

  • وثائق بريطانيا تكشف اجتماعات أوروبية وغربية مع مبارك قبيل وخلال اجتياح الكويت
  • مبارك: صدام يعاني جنون العظمة
  • صدام عرض على مبارك 50 مليون دولار لإطعام شعبه قبل الاجتياح
  • صدام عرض بعد الاجتياح إسقاط الديون الكويتية وتقديم 20 مليار دولار لمصر لسداد ديونها الخارجية

كشفت الوثائق السرية البريطانية عن الدور البارز الذي لعبه الرئيس السابق، محمد حسني مبارك، في تحرير الكويت من الغزو العراقي، وكذلك لم شمل دول المنطقة من أجل إنهاء هذه الحرب ووضع لجام لطموحات الرئيس العراقي صدام حسين في المنطقة.

وأبرزت الوثائق الدور الكبير الذي لعبه الرئيس المصري السابق في تحرير الكويت والمفاوضات التي جرت في الفترة بين اجتياح العراق وتحريرها، بين الغرب والرئيس مبارك، والتي أبرزتها الصحف الكويتية الصادرة اليوم.

وبحسب ما نشرت صحيفة "القبس" الكويتية عن الوثائق، فإن الرئيس مبارك أكد خلال لقائه مع وفد أوروبي، أن صدام حسين يعاني من جنون العظمة وأنه لن ينسحب من الكويت بشكل سلمي أو مفاوضات، وشن هجوما ضاريا على الملك حسين وياسر عرفات، وعلي عبد الله صالح، الذين دعموا صدام حسين في خطوته.

وأوضحت "القبس" أنه على الرغم من الانقسام العميق الذي عاشه العالم العربي بعد الاجتياح حول دعم أو رفض موقف صدام حسين، إلا أن الرئيس المصري حسني مبارك اتخذ موقفا ثابتا منذ بداية الأزمة، رافضا إسقاط سيادة دولة الكويت.

موقف مبارك
وبحسب الوثائق، في 5 سبتمبر 1990، كتب السفير جيمس آدامز من السفارة البريطانية في القاهرة مذكرة "محدودة التوزيع" ومرسلة تحديدًا إلى وزير الخارجية دوجلاس هيرد وطاقمه بخصوص لقاء جرى بين وفد أوروبي والرئيس حسني مبارك في قصر رأس التين في الإسكندرية.

وجاء في المذكرة: "الرئيس مبارك في معنويات عالية.. أعاد سرد أصول النزاع.. لا يتوقع نجاح العقوبات ضد صدام ولكن يجب أن نمنحها فرصة.. كلماته قاسية في حق صدام حسين، الملك حسين، عرفات وآخرين.. ربما أخطأ مبارك قليلًا في أخذ مستمعيه في الاعتبار، لكنه بلا شك في مزاج من صمم على شيء".

وتابعت الوثيقة بالقول إن نائب رئيس البعثة البريطانية رافق وفدا لتقصي الحقائق من البرلمان الأوروبي قضى ساعتين مع الرئيس مبارك في قصر رأس التين في الإسكندرية، موضحة أن الرئيس مبارك هو من بدأ بالمناقشات، بالتحدث لمدة ساعة وعرض رؤيته لأصول الأزمة.

وأضافت الوثيقة أنه خلال المناقشات أكد مبارك أن العراق ليس لديه نية للانسحاب من الكويت، فصدام لديه طموح أن يكون قوة عظمى إقليمية، ومثلما قالت تاتشر: "أن يكون هناك شخص واحد في مثل هذا الوضع فذلك يمثل خطرا كبيرا"، معربا عن عدم توقعه بأن يسفر لقاء وزير الخارجية العراقي والأمين العام للأمم المتحدة حينها عن شيء.

وأضاف مبارك: "صدام تحدث عن مساعدة فقراء العالم العربي، لكنه لا يفكّر فيهم.. هل ساعد الفقراء في عام 1973 عندما ارتفع سعر النفط الارتفاع الذي بلغه؟ كل ما حاول أن يفعله هو أن يقطع رقاب المصريين، كما أنه هدد الزعماء العرب الآخرين في قمة بغداد عام 1979 وأرغمهم على قطع العلاقات مع مصر".

رفض الوصاية على الخليج
ووفق ما جاء في الوثائق، فإن صدام حسين قدم مرارا وتكرارا مطالبات للرئيس مبارك بالدخول في قوات مشتركة لفرض وصاية على الخليج من خلال، عميله، الملك حسين، بحسب ما وصف مبارك خلال الاجتماع.

وجاء في الوثيقة: "بدأ مبارك سردًا طويلًا للأحداث التي تُظهر أن الملك حسين كان مجرد عميل لصدام حسين.. بعد حرب إيران ــــ العراق أرسل الملك حسين أكثر من مرة كي يسأل المصريين أن يشاركوا في قوة عسكرية مشتركة أردنية ــــ مصرية من أجل مساعدة الدول الخليجية.. لكن مبارك سأل حكام الخليج، ولم يقل أي منهم إنه يريد تشكيل مثل هذا الفيلق العربي.. ثم جاء دور مجلس التعاون العربي".

وأوضح مبارك: "صدام حاول أيضا أن يحول مجلس التعاون العربي الاقتصادي إلى مجلس عسكري، بمحاولة إضافة معاهدة دفاعية مشتركة ودمج أجهزة الاستخبارات في وظائف مجلس التعاون العربي".

وتابع: "الأمر كان مستحيلا لأن القاهرة لا يمكن أن تقبل ذلك، لكن صدام رفض الاستسلام وأرسل رئيس الاستخبارات الدفاعية إلى القاهرة قبل عشرة أيام من الغزو للسعي إلى الحصول على تعاون مصر، واقترح العراقيون عملية استخباراتية مشتركة في الولايات المتحدة مخصصة من أجل تأييد الأمريكيين العرب هناك، بالإضافة إلى مناورة مشتركة لتصفية المعارضين للسلطات العربية في الخارج، لكن مصر رفضت ذلك".

كواليس ما قبل الغزو
توضح الوثائق أنه قبل يومين من الغزو، اتصل صدام بمكتب مبارك، (وكان هذا مثل الأفلام كما قال مبارك)، عارضا عليه 50 مليون دولار من أجل إطعام الشعب المصري، من أجل إغرائه وضمان وقوفه لجانب العراق في غزوها، مثلما فعل صدام مع الأردن واليمن بتقديم 50 مليون دولار لكل منهم.

وأوضحت الوثائق أنه في خطوة سريعة، قام صدام بإرسال 25 مليون دولار في نفس يوم المكالمة بمكتب مبارك كدليل لحسن نيته في تنفيذ ذلك، لكن الرئيس مبارك اتصل بصدام وطلب منه أن يستعيد أمواله، لكن صدام أصر على أن يتركها قائلا إنه سيكون لديه الكثير من المال قريبا.

وتستطرد الوثائق: "الغزو حدث في 2 أغسطس، رغم أن صدام أكد لمبارك أن جنوده ستظل بعيدة عن الحدود الكويتية بـ 70 كيلومترا، ويؤكد مبارك حينها أن صدام كذب عليه"، موضحا بغضب: "قال إن هدفه إخافة الكويتيين قليلا، لا شيء أكثر، إنه يعيش في عالم آخر".

وبحسب الوثائق، فإن الملك حسين اتصل بمبارك في صباح يوم الغزو وعرض المجيء إلى القاهرة فورا، وقرر مبارك حينها أن يرجئ إصدار بيان يعلن فيه موقف بلاده العلني من الغزو، موضحة أن مبارك اتصل بعدها بصدام وقال له إنه "لو صدام همس في أذان الملك حسين بأن العراق سوف تنسحب من الكويت، فإن مصر سترتب اجتماعا لحفظ ماء الوجه للعراق والرؤساء العرب الموالين للغزو".

لكن مبارك أيقن أن الملك حسين كان يعمل فقط لمصلحة صدام وكان يحاول تحييد مصر، وبعد يوم بكامله من المفاوضات مع الملك الأردني، أصدر مبارك بيانا يدين العراق يوم الجمعة 3 أغسطس.

صدام عرض 20 مليار دولار
بعد كلام كثير عن لقاءاته اللاحقة غير المجدية مع الملك حسين ونائب الرئيس العراقي، قال مبارك إن رئيس اليمن جاء إلى الإسكندرية من بغداد وجدة، وسأل علي عبد الله صالح مبارك إذا كانت لديه أي ديون للكويت، قال مبارك إن لديه ودائع كويتية كبيرة في مصرف مصري أنتجت فوائد بـ1.6 مليار دولار.

وتوضح الوثائق البريطانية أن الرئيس اليمني علي صالح قال إن صدام سيلغي كل الديون المترتبة على مصر (أي الديون للكويت). وعلّق مبارك بالقول إن الجميع يعرفون أن الكويتيين لم يطلبوا أبدًا استعادة أموالهم، ثم سأل الرئيس اليمني مبارك كم يبلغ دين مصر الخارجي (يقول مبارك إنه يبلغ 47 بليون دولار)، ورد صالح بأن صدام أخذ 100 بليون دولار من الكويت، وأنه يعرض على مبارك 20 بليون دولار.. لقد جاء صالح كي يرشوه.

وتشير الوثائق إلى أن مبارك كان يعلم أن عبد الله صالح ليس لديه خبرة في السياسة فقد كان عريفا وهو الآن رئيس.

العقوبات الاقتصادية
توضح الوثائق أن الرئيس مبارك كان يرى صدام رجلا يعاني جنون العظمة، موضحا أن العقوبات الاقتصادية يمكنها أن تهز نظام صدام، لكنه شكك في جدواها في إجبار صدام على الانسحاب.

وأكدت الوثائق أن 60 من أعضاء الكونجرس الأمريكي ومساعديهم جاءوا إلى مبارك ليسألوه حول رؤيته في حل أزمة الكويت، أكد لهم أن عليهم أن يكونوا صبورين، فخلال شهرين أو 3 يمكن أن تكون هناك نتيجة، لكن صدام لن ينسحب أيضا.