- روبرت إليس:
- أردوغان استشهد بألمانيا النازية للترويج للنظام الرئاسي
- الرئيس التركي ينظر إلى أوروبا باعتبارها "إقطاعيته الخاصة"
- أردوغان سار على خطى هتلر بعد محاولة الانقلاب
نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية مقالًا للكاتب البريطاني روبرت إليس، علق فيه على اتهام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ألمانيا بالعودة للممارسات النازية، بسبب رفضها تنظيم فعاليات تركية على أراضيها للدعوة إلى تصويت الجالية التركية هناك بالموافقة على الاستفتاء المزمع إجراؤه في تركيا منتصف أبريل المقبل، لتوسيع صلاحيات منصب الرئيس التركي.
وقال إليس إنه بعدما وعدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تركيا باسم الاتحاد الأوروبي بمساعدات قيمتها ستة مليارات يورو، وإلغاء تأشيرة دخول الاتحاد للمواطنين الأتراك، من أجل وقف سيل المهاجرين الأجانب المتدفق إلى ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي عبر الأراضي التركية، تنكر أردوغان لكل هذا وبات ينظر إلى أوروبا – وخاصة ألمانيا – باعتبارها "إقطاعيته الخاصة".
رفض 77% من الألمان في استطلاع رأي استقبال أردوغان في بلادهم من أجل تعبئة الجالية التركية للتصويت بالموافقة على توسيع صلاحياته، لكن أردوغان لم يعبأ بهذا الرفض وقال بصفاقة أمام حشد من المواطنين في إسطنبول الأحد الماضي "إذا أردت أن أذهب [إلى ألمانيا] فسأذهب"، واتهم الألمان بالعودة إلى الممارسات النازية لأنهم يرفضون استقباله.
يضيف إليس أنه كان من الطبيعي أن تبدي ميركل انزعاجها إزاء هذه التصريحات، خاصة أنها تستعد للانتخابات المقبلة في ألمانيا، وهي تعرف جيدًا أن قطاعًا كبيرًا من الشعب الألماني يرفض سياسة الباب المفتوح التي تتبعها إدارتها، والتي تسمح باستقبال أعداد كبيرة من المهاجرين الأجانب.
وينبه إليس أردوغان بأن عليه أن يكون حذرًا من اللعب بورقة النازية، لأنها قد ترتد إلى صدره، فأردوغان – وليس غيره – كان من بدأ بالاستشهاد بعهد الزعيم الألماني النازي أدولف هتلر كمثال على النظام الرئاسي الذي يود تطبيقه في تركيا من خلال تمرير استفتاء أبريل المقبل.
في 2009، دافع أردوغان عن الرئيس السوداني عمر البشير ضد اتهامه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في دافور بحجة أن "المسلم لا يمكن أن يرتكب جرائم إبادة عرقية"، وهنا يتساءل إليس: إذن من الذي ارتكب نفس هذه الجرائم بحق الأرمن واليونان والسريان خلال الحرب العالمية الأولى؟ ناهيك بما تفعله أنقرة مع الأكراد الآن، ويخلص إليس إلى أن تاريخ تركيا – مثل دول كثيرة – عبارة عن بيت من زجاج لا يتحمل قذف الحجارة.
يمضي إليس بعدها لرصد "الممارسات النازية" التي ترتكبها السلطات التركية، خاصة فيما يتعلق بالحق في التعبير، فيقول إن الكاتب التركي بوراك بكديل تحدث منذ ثلاثة شهور عن خطط رئاسة الشئون الدينية التركية لتشكيل تنظيمات شبابية تتبع 87 ألف مسجد في تركيا، وشبّه هذه التنظيمات بتنظيمات الشبيبة الهتلرية في ألمانيا النازية، فتعرض لهجوم حاد في الصحافة التركية وفُصل من عمله ككاتب عمود في صحيفة "حريت".
وقبل عامين، نشر إليس مقالًا في صحيفة "ديلي زمان" التركية بعنوان "صعود الرايخ التركي"، ولم تتخذ السلطات التركية أي رد فعل تجاه الصحيفة في حينه، لكنها تعرضت للإغلاق بعد محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة بتركيا في يوليو 2016، وبعد ستة أيام من محاولة الانقلاب نشر إليس مقالًا في صحيفة "فاينانشال تايمز" شبه فيه رد فعل أردوغان على محاولة الانقلاب برد فعل هتلر على مؤامرة لاغتياله عام 1944.
ويضيف أن صحيفة "الاندبندنت" البريطانية نشرت له مقالًا بعد تسعة أيام من محاولة الانقلاب بعنوان طكيف أصبحت تركيا أردوغان أشبه بالرايخ الثالث"، حيث سجل المقال خلال الساعات الأولى من نشره أربعة آلاف مشاركة، لكن في اليوم التالي لنشر مقال إليس في "الاندبندنت"، تلقى مراسل الصحيفة في تركيا تهديدات، فحذفت الصحيفة المقال حفاظًا على حياة مراسلها.
ويشير إليس إلى أن الصحفيين المعارضين للنظام في تركيا يسيرون على نصل سكين، وأن هناك 191 منهم في السجون التركية بل إن الصحفيين المهادنين للنظام لم يسلموا من بطشه، فقد كان مالك صحيفة "حرية" آيدين دوجان هو من قرر إقالة بكديل، لكن بعد نشر الصحيفة مقالًا حول العلاقة بين الجيش والحكومة التركيين، قال أردوغان إنه سيجعل الصحيفة تدفع ثمنًا باهظًا، وبالفعل أُقيل رئيس تحريرها واستُدعي دوجان للمحاكمة بتهمة تهريب الوقود.
ويختتم إليس مقاله بمحاولة تقريب صورة أوضاع حرية التعبير في تركيا من خلال اقتباس من القس الألماني باستور مارتن نيمولر الذي اعتقلته السلطات في ألمانيا النازية، والذي قال "في البداية جاءوا لأخذ الاشتراكيين ولم أتكلم لأنني لم أكن اشتراكيًا، ثم جاءوا لأخذ أعضاء الاتحادات التجارية ولم أتكلم لأنني لم أكن عضوًا فيها، ثم جاءوا لأخذ اليهود ولم أتكلم لأنني لم أكن يهوديًا، وحين جاءوا لأخذي لم يعد هناك أحد ليتكلم من أجلي".