الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

دولة الفيس بوك !!


أصبحنا نعيش الآن في دولة الفيس بوك .. حقيقة دون تجاوز أو مبالغة أو تهويل .. يسقط كل ساعة شهيد أو مصاب .. وتدور الحرب الشرسة في سيناء .. تلك الحرب التي لا يدركها نجوم الفضائيات والفيس بوك وتويتر ولا يدركون حقيقتها ولا يتخيلون ولا يدركون أنها حرب حقيقية يسقط فيها الشهداء والجرحى بلا نهاية ..

وفي كل مكان على أرض مصر المحروسة يسقط الشهداء من رجال الشرطة في الكمائن التي أصبحت مصايد سهلة مفتوحة "عالبحري" لكل إرهابي يريد أن يقتل ضابطا أو يفجر كمينا !

الحرب الدائرة الآن مع الإرهاب حرب تواجه فيها الدولة أقذر الحروب في تاريخ مصر الحديث والقديم .. حروب يتسم فيها العدو بالجبن والخسة والندالة .. فلا هو قادر على المواجهة وجها لوجه ولا هو يمتلك الشجاعة ليقاتل بشرف .. فيقتل بخسة وغدر عن طريق قنبلة عمياء يتم زرعها في شجرة أو في صندوق قمامة فيقتل الأبرياء قبل أن يقتل من يستهدفهم من الضباط والأفراد .. أو يفجر كنيسة لأناس آمنين فيقتل منهم أبرياء أمرنا الله أن نحميهم ونحافظ عليهم وأمرنا رسوله أن نبرهم .. حتى أصبح القتل على المشاع وليس مهمًا عدد الشهداء ولا كثرة المصابين الذين تحولوا من شباب يمتلك القوة والحيوية إلى مصابين ومعاقين بقية حياتهم ..

هذا ما يفعله الإرهاب الأسود في مصر .. يقتل بدم بارد وهو يرى ويعتقد أنه يجاهد في سبيل الله .. والحق أن الله لم يأمرنا بقتل المسلمين ولا المسيحيين .. فيقول الحق سبحانه وتعالى " مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا " ... وإن كنت أعتقد أن خبراء الفيس بوك سيخرجون علينا بفتاوى عديدة للآية كما تعودنا منهم ليؤكدوا أن الآية تخص بني إسرائيل فقط .. ولكن في النهاية يبقى النص النهائي الذي يؤكد أن من قتل نفسا بغير حق فقد قتل الناس جميعا ..

ثم يأتي القرآن ليؤكد لنا أن ما يفعله البعض من قتل المسيحيين هو إثم كبير عندما يقول الحق جل وعلا : " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم " .. هكذا هو القرآن وهكذا هي تعليماته وأوامره ..

ورغم هذا مازال الإرهابيون يعتقدون أنهم يجاهدون في سبيل الله .. ومازال الشهداء يسقطون في كل لحظة على أيدي جهلة مغيبين .. ثم نجد من يدعمهم ويؤيدهم على صفحات الفيس بوك بحجة أن الدولة ظالمة وفاشلة .. ويستمر مسلسل "الفتي" على الفيس بوك الذي أصبح بمثابة دولة داخل الدولة .. فكلما ظهر قانون يناقشه الفيسبوكيون ولا أجدع خبير قانوني .. ولو وقع هجوم إرهابي خرجوا علينا بالتحليل الاستراتيجي الكامل المتكامل ورفضوا التصريحات الرسمية ناهيكم عن الهجوم العنيف على الدولة وعلى الشرطة وعلى الجيش .. وتظهر لنا نغمة التقصير الأمني .. ويزيد البعض من خبراته الكونية ليضع خططا لتوزيع القوات وكيفية عمل الكمائن الثابتة والمتحركة ولا يبقى إلا أن يحدد عدد القوات وكيفية تسليحها وتوزيعها.. وبالمرة كمان كيفية استعمال السلاح !

الخلاصة أن هناك إرهابا غاشما يضرب بكل قوته لأنه أصبح في الرمق الأخير بعد ضربات قاصمة تلقاها .. فلم يعد لديه ما يحافظ عليه .. وفي المقابل لدينا جيش وشرطة يواجهان بقوة أيضا لأن الأمر لم يعد يحتمل التأجيل أو التراخي في المواجهة .. والكارثة الأكبر أننا بين هذا وذاك أصبح لدينا دولة الفيس بوك التي لم يعد يعجبها العجب ولا الصيام في رجب .. أصبحت تمارس "الفتي" في كل كبيرة وصغيرة وترفض كل ما هو موجود .. تضع الخطط وتوزع القوات وتتهم من يقف على خط المواجهة بالتقصير الأمني وهم يعلمون تمام العلم أن هذا من شأنه أن يفت في عضد الجيش والشرطة ويؤثر في الروح المعنوية لرجالنا الذين يحملون أرواحهم على أيديهم ويقدمونها طواعية وعن طيب خاطر هدية للوطن .. وفي المقابل تخرج علينا دولة الفيسبوك لتقلل من حجم الإنجاز والبطولة التي يصنعها رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه..

البعض سينكر علينا ما نقول ويؤكد أن حرية الرأي مكفولة للجميع .. نعم حرية الرأي مكفولة للجميع بلا شك ولكن هل من الرأي أن تتم مناقشة أمور تخص الجيش على الفيس بوك .. وهل من المقبول أن يتم التهكم على الجيش والشرطة على مواقع التواصل الاجتماعي وهو الأمر الذي لا يحدث في أي دولة في العالم حيث يحترم الجميع جيشوهم بشكل لا يقبل الشك ولا التشكيك كما يحدث في مصر ..

وهل يجوز أن تدور المعارك الطاحنة في سيناء بينما عباقرة الفيسبوك يمارسون التنظير والرفض والتقليل من حجم الإنجاز .. حتى وصل الأمر بالبعض بالاستهزاء بشهدائنا الذين يتساقطون في كل مكان على أرض مصر ..

وهل من المقبول أن يصل السخف بنا أن نقارن بين شباب ثبت تورطهم في العمالة والخيانة وبين رجال الشرطة الذين فقدوا أعينهم أو أيديهم وأرجلهم أو حياتهم ثم يخرج علينا " السادة نشطاء الفيس " بالسخرية منهم لأن الضابط من وجهة نظرهم خرج وهو يعلم أنه قد يموت وأنه يفعل ما يفعل لأنه يحصل على مرتب مقابل ذلك .. وكأن هناك مقابلا يوازي حياة الإنسان أو عينه أو جزءا من جسده !

السادة نشطاء الفيس .. كلمة أخيرة .. هناك من يموت أو يفقد عينه وبصره أو جزءا من جسده حتى يأمن الوطن على نفسه وحتى تجد سعادتك مكانا آمنا لتجلس فيه مطمئنا على الموبايل أو على اللاب لتهاجم شهداء الشرطة وشهداء الجيش وتمارس مهامك المقدسة في التحريض ضد الوطن الذي يأويك .. بصراحة وبجد .. حاجة تقرف !
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط