الشعب يريد "الأخونة" (1)
طبعا: الشعب يعلم، وأنا، وأنت نعلم، والجميع يعلمون.. فلم هذه الجَلَبة، وقد منح الشعب في الداخل والخارج، الأغلبية للدكتور مرسي في الانتخابات الرئاسية بجولتيها، ولحزبه "الحرية والعدالة"، في جولتيها أيضا، بانتخابات غرفتي البرلمان: مجلسي الشعب والشورى؟
هل كان الشعب يريد من الرئيس أن يطبق برنامج مرشح آخر لم ينجح؟ أم كان الشعب يمنح أغلبيته ل "الحرية والعدالة"، كي يكون مصيره الإقصاء من تشكيل الحكومة، في مخالفة لمبدأ التداول السلمي للسلطة، كونه حزب الأغلبية؟
الشعب يريد "الأخونة"، والدليل صندوق الانتخابات، فلماذا لا تتحقق إرادة الناخبين؟ وهل مطلوب من الإخوان أن يحكموا بغير ما لديهم من مشروع "إخواني"؟!
إن هناك مؤامرة لقطع الطريق على الإخوان كي لا يمارسوا حقهم العادل في تشكيل حكومتهم، والدفع بكوادرهم، حتى أصبحنا أمام وضع عجيب: أقلية تحاسب الإخوان -حزبا ورئيسا وجماعة- على كل "ذرة" تخص الدولة، وتمنع الإخوان من أن يقدموا ما لديهم من تصورات ورؤى إصلاحية؛ كي يحكم الشعب عليهم؟
سيقولون إن الإخوان جماعة غير مشروعة، فهل تذكروا ذلك الآن بعد أن انهزموا في الانتخابات، وانكشفوا أمام الشعب؟
إن وجود " الإخوان" قانوني، ولا مُشاحة فيه، وعلى هؤلاء المعارضين -أنفسهم- أن يحصلوا على المشروعية الشعبية، والقانونية، لوجودهم، وممارساتهم.
سيقولون إن المشروع الإخواني إقصائي للآخرين، واستئثاري للسلطات، وتأبيدي في الحكم، فهل اطلعوا على نيات الإخوان، أم شقوا عن صدورهم؟ وهل الإخوان -حقا- كما يصورون للشعب
-كذبا- ديناصور ضخم سيلتهم البلاد والعباد، بعيدا عن أي انتخابات أو وسائل قانونية، أو آليات دستورية، لتداول السلطة؟؟
إن الإخوان نبت هذا الشعب، وهم ملكه، ولدى الإخوان -فيما أرى- مشروع مصري خالص للنهضة، إنه مشروع شعبي محلي حضاري عالمي..آمن به عشرات الملايين في الداخل والخارج، وقدموا في سبيله التضحيات الزكية، من الأنفس والأموال، زهاء ثماني عقود.
فما قيمة المشروع الإخواني ، كمشروع إصلاحي، إن لم يصل إلى الحكم، ويتبلور في سلطة وتجربة في دنيا الناس؟
إن "الإخوان" ليست جماعة.. إنها فكرة، وروح. ومؤسسها ليس ملكا للإخوان وحدهم، بل هو ملك للشعب. وتراث الإخوان، ونظرياتهم، وجهودهم في الإصلاح والتغيير، تظل كلها، ملكا للمصريين كافة.
والمطلوب من الإخوان في هذه اللحظة الفارقة من تاريخ الوطن والأمة، والأمر هكذا، أن يقدموا مشروعهم المتكامل في التربية والإصلاح لنقاش المجتمعي والشعبي، وأن تُتاح لمشروعهم للنهضة المصرية فرصة الدرس والبحث، و"الجرح والتعديل"، بهدف التخلص منه إن أثبت عدم جدارته، أو الانطلاق به قُدُما إلى الأمام، إن أثبت كفاءته.
وعلى المخالفين للإخوان.. أن يقدموا مشاريعهم الإصلاحية –أيضا- دون استعلاء، كي يحكم الشعب بنفسه عليها، بشكل سليم، وبالتالي: يتمكن من الاختيار بينها بشكل موضوعي وسليم؛ بدلا من الصراخ والعويل :"اضبط .. إنها أخونة"!
لتكن.. فما المشكلة؟
افهموا "الأخونة" جيدا، ثم احكموا عليها؛ قبل أن تعارضوها .. لمجرد المعارضة؟
[email protected]
نقلا عن الاهرام