لم يعد الخطر في العالم الرقمي مقتصرًا على فيروسات أو اختراقات تقليدية، بل بات يمتد إلى مساحات خفية من الإنترنت لا يراها أغلب المستخدمين ولا يدركون حجم ما يدور داخلها.
هذه المساحات، التي يُطلق عليها «الإنترنت غير المرئي»، تحمل في طياتها تهديدات حقيقية، خاصة للأطفال والشباب، ما يستدعي وعيًا أكبر وحذرًا دائمًا عند التعامل مع الفضاء الإلكتروني.

الإنترنت لم يعد مجرد وسيلة تواصل
أكد المهندس رامي المليجي، مستشار الإعلام الرقمي والأمن السيبراني، أن الإنترنت لم يعد كما كان في بداياته مجرد وسيلة للتواصل أو تبادل المعلومات، بل تحول إلى واقع افتراضي متكامل نعيش داخله يوميًا.
وأوضح أن الحياة الحديثة أصبحت مرتبطة بالإنترنت في كل تفاصيلها، سواء على المستوى الشخصي أو العملي، من التعليم والعمل إلى الترفيه والتفاعل الاجتماعي.
%90 من الإنترنت غير مرئي للبشر
وخلال مداخلة هاتفية ببرنامج «حديث القاهرة» مع الإعلامية هند الضاوي، كشف المليجي أن ما يقرب من 90% من شبكة الإنترنت غير مرئي ولا يستخدمه غالبية البشر.
وأشار إلى أن ما يُعرف بـ«الدارك ويب» ليس سوى جزء صغير من هذا العالم الخفي، إلا أنه الأكثر شهرة بسبب ارتباطه بأنشطة غير قانونية واعتماده على تقنيات متقدمة لإخفاء هوية المستخدمين وصعوبة تتبعهم.

الدارك ويب… مساحة محفوفة بالمخاطر
حذر خبير الأمن السيبراني من خطورة «الدارك ويب»، مؤكدًا أنه يمثل بيئة خصبة للأنشطة غير المشروعة وغير الأخلاقية.
وأوضح أن هذا العالم الخفي لا يخضع للرقابة التقليدية، ما يجعله جاذبًا لممارسات خطرة قد تستهدف فئات غير مدركة لطبيعته، وعلى رأسها الأطفال والمراهقون.
استهداف الأطفال عبر الألعاب والتطبيقات
وأشار المليجي إلى وجود محاولات منظمة لاستقطاب الأطفال والشباب إلى غرف ومجتمعات «الدارك ويب» من خلال بعض الألعاب الإلكترونية والتطبيقات المنتشرة.
وأوضح أن هذه الوسائل تُستخدم كمدخل ناعم لجذب المستخدمين الصغار سنًا، قبل تعريضهم لمحتوى أو سلوكيات قد تشكل خطرًا نفسيًا وأخلاقيًا وأمنيًا عليهم.
دور الأسرة في الحماية والرقابة
وشدد خبير الأمن السيبراني على أهمية دور الأسرة في حماية الأبناء من مخاطر العالم الرقمي، داعيًا إلى فرض رقابة واعية على استخدام الأطفال للهواتف المحمولة والإنترنت.
وأكد أن كثيرًا من المخاطر الرقمية خفية ولا يدركها المستخدم العادي، ما يجعل المتابعة الأسرية والتوعية المستمرة ضرورة لا غنى عنها في العصر الرقمي.
تليجرام… بين الاستخدام الواسع والتحديات الأمنية
وتطرق المليجي إلى تطبيق «تليجرام»، موضحًا أنه بات يُستخدم على نطاق واسع في الوقت الحالي، ليس فقط من قبل الأفراد، بل أيضًا على مستوى الحكومات والمؤسسات.
وأشار إلى أن التطور السريع في أدوات الاتصال الرقمي يفرض تحديات أمنية متزايدة، تتطلب وعيًا مجتمعيًا أكبر، وتعاملًا مسؤولًا مع المنصات الرقمية المختلفة.
وعي رقمي لمواجهة المخاطر الخفية
واختتم المهندس رامي المليجي حديثه بالتأكيد على أن العالم الرقمي، رغم ما يقدمه من فرص وإمكانات هائلة، يحمل في داخله مخاطر حقيقية.
وشدد على أن الوعي الرقمي، إلى جانب الرقابة الأسرية والتثقيف المجتمعي، يمثل خط الدفاع الأول لحماية الأفراد، خاصة الأجيال الصغيرة، من الوقوع في فخاخ العالم الخفي للإنترنت.

