الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محكمة الأسرة: 19% من الرجال رفعوا شعار "المدام تشتغل وأنا أربي العيال"

صدى البلد

من المتعارف عليه أن الرجل هو المسئول فى المقام الأول عن الإنفاق على زوجته وبيته، ومع تزايد الأعباء المادية بدأت الزوجات يتقاسمن تلك الأعباء مع أزواجهن ويخرجن للعمل ويساهمن بمرتباتهن فى مصروف البيت، لكن يبدو أن المفاهيم قد تبدلت واختلت عند بعض الأزواج فى السنوات الأخيرة فباتوا يرفضون العمل ويفضلون البقاء فى البيت بعد الزواج والقيام بالأعمال المنزلية وتربية الصغار على أن تخرج زوجاتهم للعمل وتتولى هى مسألة الإنفاق رافعين شعار "المدام تشتغل وأنا أربى العيال".

هذا ما كشفت عنه دراسة حديثة صادرة عن محاكم الأسرة حيث أظهرت أن 19% من الأزواج رفضوا العمل بعد الزواج وأصبحوا عاطلين، وأن 43% من الزوجات.

المتقدمات بطلبات للخلع والطلاق قد أكدن أنهن قد اكتشفن بعد زواجهن طمع أزواجهن فى راتبهن، كما بينت تلك الدراسة التى أجريت على عينة عشوائية من النساء المترددات على محكمة الأسرة أن 63 % من المطلقات العاملات تعرضن للابتزاز المادى والمعنوى على يد أزواجهن وهددن بالطرد من أجل الحصول على ما تكسبن من عملهن، وأن أكثر من33 % من تلك السيدات المترددات على محاكم الأسرة لاتفضلن العودة الى الحياة الزوجية مرة اخرى.

تتنقل "آية" بوجهها الخمري الذى أشقاه الحزن بملابسها الرثة التي تخفى ورائها جسد منهك نحيل بين أروقة ومكاتب مجمع محاكم الأسرة بمصر الجديدة، حاملة فى يدها أوراق دعوى الخلع التى أقامتها ضد زوجها بعد زواج دام لما يقرب من الخمس سنوات بسبب رفضه الدائم للبحث عن عمل يسد به جوعها هى وابنتها التى لايتجاوز عمرها الثلاثة أعوام، وبعد عناء تستقر الزوجة التى تستعد لمغادرة عامها الحادى والعشرين على مقعد خشبى بجوارنافذة صغيرة فى انتظار المثول أمام القاضى لتسرد له معاناتها وتطلب منه تخليصها من رجل يكره العمل كالعمى فى أسرع وقت، وبعد ساعات من الانتظار تبدأ الجلسة.

وتقول الزوجة الشابة فى البداية: "تزوجته منذ مايقرب من خمس سنوات بعد قصة حب عنيفة، أعمت بصرى عن حقيقة الرجل الذى تركت دراستى امتثاﻻ لرغبته وارضاءا له، وعاديت أمى من أجل أن أفوز به وأعيش معه ماتبقى من عمرى، لاكتشف بعد الزواج أنه من النوع الذى يتزوج من النساء ليس حبا فيهن أو طمعا فى أجسادهن المفعمة بالأنوثة، ولكن لكى يستغلهن ويستثمر فيهن، فهن بالنسبة له مشروع حياته ومصدر دخله بعدما أغلقت ورشته أبوابها بسبب إهماله لها، وعليهن أن يسعين بحثا عن الرزق ثم يأتين فى أخر سعيهن اللاهث ليلقين فى جعبته ماجنين، وطبعا لا يسألهن عن مصدر تلك الأموال أو كيف حصلن عليها، المهم أن جيبه قد امتلأ على آخره".

تواصل الزوجة حديثها:" زوجى يشغل يومه بالقيام بجميع الاعمال المنزلية من كى ومسح وغسيل، فى المقابل كان لايكف عن الالحاح على فى النزول الى العمل كى أوفر له سجائره ومخدره، ومع ذلك صبرت على قدرى لعل حاله يتغير، لكنى لم أعد احتمل استغلاله وطمعه أكثر من ذلك ويكفى ماعانيته على يديه خلال 5 سنوات، ولذلك قررت أن ارفع دعوى خلع لاخلص من هذا العاطل، فأنا بحاجة إلى رجل وليس إلى خادمة فلبينية".

تنهى "آية" حديثها بصوت خافت لتبدو وكأنها تحدث نفسها وتحاسبها على عنادها: "ياليتنى أنصت لحديث أمى عن الأوقات التى كان يقضيها زوجى قبل الزواج متنقلا بين أحضان النساء وأوكار المدمنين، وياليتنى صدقت قسمها بأنه لن يريح بدنى ولن يصون عشرتى وسيهين كرامتى، لكن بماذا يفيد الندم بعد أن وقع المحظور وهدمت حياتى على صخرة الحب والتسليم بالوعود الزائفة والكلام المعسول".

يعلن الحاجب الثلاثينى انتهاء موعد الجلسات، فيلملم المتقاضون أوراقهم سريعا، استعدادا للرحيل، تاركين آثارهم على ملامح القاعة البائسة كحالهم، إلا "رشا" ظلت ملتزمة بمقعدها فى الصفوف الخلفية، عاقدة ذراعيها اللتين أنهكهما العمل فى المصانع لسنوات طويلة سعيا وراء بضعة جنيهات تسد بها جوع طفليها، فطلبها بإلزام زوجها بتطليقها طلق بائنة للخلع لم ينظر بعد.

تقول الزوجة الثلاثينية:" لم أعرف مع زوجى الأول طعم الخوف من الغد، ولم أحمل هما للايام، فالمال والذهب كان بلا حدود، لكن هذة السعادة لم تدم طويلا كماعودتنى الحياة، حيث بدأ الطمع يتسلل الى قلب زوجى وعقله، واستوحش وبات يجاهربتجارته للمخدرات أمام العالمين، واهما بأنه قد أصبح فوق الجميع بعدما زاع صيته وراجت بضاعته، وأخذ يتردد على الحانات والملاهى الليلية ويجالس النساء، يسهرون ويسكرون معا حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالى ويتركنى أنا وحيدة تحرقنى نار القلق والألم، حاولت كثيرا أن ارده إلى رشده، لكن موج لهوه وأوهامه كان أعتى، فلم اتحمل واتخذت قرارى بالرحيل وصممت على الطلاق ليسقط بعدها فى قبضة الأمن ويصدر حكم بسجنه 10 سنوات بتهمه الاتجارفى المخدرات".

تشرد الزوجة ببصرها وهى تواصل روايتها:"ومرت السنوات وأنا ماكثة فى بيت أهلى برفقة ابنتى اتلقى من شقيقى غليظ القلب اللكمات والاهانات واتجرع سم الكلام ، فاضطررت إلى الزواج ثانية من اول رجل تقدم لى، لاهرب من جحيمه، هذة المرة كان يكبرنى بـ 13 عاما، مطلق ولديه من الأولاد ثلاثة، وتمت مراسم الزفاف سريعا، وبمجرد أن أغلق علينا باب واحد حتى تجلت حقيقته، رجل يعيش على عرق النساء، ولايسعى فى مناكبها بحثا عن رزق بيته، يرى أن مكانه فى البيت ودوره هو القيام بالأعمال المنزلية، أما زوجته فعليها العمل والإنفاق عليه، وإذا قصرت فى أداء مهمتها يستبدلها بأخرى لتستكمل مهمة الانفاق عليه كما فعل مع زوجته الاولى التى كانت تعشقه وتتمنى له الرضى بعدما اصابها العجز ولم تعد تقوى على العمل".

تلوح ابتسامة حزينة على وجه الزوجة البائسة وهى تختتم روايتها:" لكنه للاسف اختار المرأة الخاطئة هذة المرة، فأنا لاأجيد فعل شىء فى الحياة، فطوال عمرى كنت فتاة مدللة، ومع ذلك صبرت على قدرى، فليس أمامى خيار أخر، لكن مالم اتحمله هو افراطه فى المعاشرة وتعذيبه لى حينما أعلن رفضى لقائه حيث كان يقيد يدى وقدمى بالحبال ويلقى الماء المغلى على جسدى بعد ان يطرحنى ارضا وذات مرة حلق شعر رأسى على "الزيرو"، فقررت أن أقيم دعوى خلع لانهى معاناة دامت لـ3 سنوات".