- الدكتور صلاح فوزي في حوار لـ"صدى البلد":
- قانون إسقاط الجنسية يُطبق على المحكوم عليهم في قضايا "إرهاب"
- تجنس بعض المنتمين للجماعات الإرهابية بالجنسية القطرية يسهل تحركاتهم في المطارات
- أطالب برفع السقف المالي للإنفاق على الانتخابات الرئاسية بسبب "التضخم"
- يجوز تعديل مدة الرئاسة من خلال البرلمان وباستفتاء شعبي
فيما يترقب المصريون تتابع الأحداث بشأن الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في منتصف العام المقبل 2018 بعد أن تبقى عام واحد من المدة الأولى للرئيس عبد الفتاح السيسي، كثر الحديث عن تعديل الدستور بأن تكون مدة الرئاسة 6 سنوات، إلا أن الحديث تواتر أيضًا حول مدى إمكانية سريان هذا التعديل –حال الموافقة عليه من البرلمان والشعب- على المدة الحالية للرئيس.
الدكتور صلاح فوزي، رئيس قسم القانون العام بكلية الحقوق جامعة المنصورة، وأحد أبرز الفقهاء الدستوريين، والذي كان عضوًا بلجنة "العشرة" لإعداد الدستور المصرى فى يناير 2014، شرح المواد القانونية التي يستند إليها بعض نواب البرلمان ممن طالبوا بتعديل مدة الرئاسة.
فوزي الذي يشغل أيضًا عضوية لجنة الإصلاح التشريعي التابعة لمجلس الوزراء، قال إن فكرة سريان التعديل على المدة الحالية للرئيس عبد الفتاح السيسي أمر جائز من خلال كتابة عبارة على بطاقات الاستفتاء تقول "على أن يسري التعديل على المدة الحالية" وبهذا يتم الأمر.. وإلى نص الحوار..
دار الحديث خلال الأيام الماضية حول مشروع قانون يتعلق بإسقاط الجنسية عن المتهمين بتهم إرهابية على أن يناقش في دور الانعقاد الثالث.. كيف يتم تطبيق ذلك من الناحية الدستورية؟؟
قانون إسقاط الجنسية سيناقش في إطار إضافة عقوبة تبعية مضمونها أن من يحكم عليه في قضية إرهاب تسحب عنه الجنسية المصرية، لا سيما وأن المنتمين لهذه الجماعات يرتكبون جرائم إرهابية ضد الوطن والمواطنيين ويحملون السلاح في وجه الشعب ولا يحق لهم أن يحملون الجنسية المصرية.
معنى ذلك أنه لا يوجد مانع تشريعي؟
بالطبع لا يوجد مانع من تشريع دستوري يجيز إسقاط الجنسية وضرورة أن يوضحها القانون، فالنص الدستوري ينص على أن "الجنسية تمنح لمن يولد لأب مصري وأم مصرية واعتراف القانون به ومنحه أوراقا رسمية"، وهذا حق يكفله القانون لمن يولد، أما الوضع بعد الميلاد يختلف، فهناك أشخاص يتجنسون بجنسيات أجنبية وأحد مكونات الجنسية سواء الأصلية أو المكتسبة الانتماء للدولة، فمن يكتسبها يؤدي يمين الانتماء، إذًا فهناك شروط لحاملها ألا وهو الولاء وليس محاربة مواطنيها، وأنا أؤيد النواب في إدخال التعديلات المشار إليها.
كما أن لجنة انفاذ القانون، أثناء ورش العمل التي نظمتها اللجنة العليا للإصلاح التشريعي تمهيدًا لإعداد قانون الإجراءات الجنائية المتكامل، ناقشت أيضًا مقترحات بإدخال عقوبة تبعية في قانون العقوبات أو الإرهاب، بالشكل الذي يقود إلى إسقاط الجنسية تلقائيًا بمجرد الإدانة في جرائم الإرهاب.
وماذا عن حمل بعض المنتمين للجماعة الإرهابية للجنسية القطرية؟
تجنس بعض المنتمين للجماعات الإرهابية بالجنسية القطرية أو التركية، ما يسهل لهم التحرك في المطارات بحرية أكبر، وأطالب في ضوء ذلك بتفعيل المادة 10 ، 16 من قانون الجنسية الحالي، حيث الأولى تشترط للحصول على جنسية دولة أجنبية أن يأخذ موافقة الحكومة المصرية، أما الثانيه فتحدد الحالات التي يجوز فيها إصدار قرار مسبب من مجلس الوزراء بإسقاط الجنسية عن مصرى منها إذا تجنس بجنسية دولة أجنبية بالمخالفة للمادة 10.
وبتفعيل هاتين المادتين يمكن إسقاط الجنسية عن كل إخواني يتجنس بجنسية دولة أخرى دون علم الحكومة المصرية، لاسيما أن كثيرا منهم تجنس بالفعل بجنسيات أجنبية دون إخبار الدولة ومصر ليست الوحيدة، حيث إن فرنسا التي صدر عنها إعلان حقوق الإنسان والمواطن عام 1789، وقد ناقشت الجمعية الوطنية الفرنسية الأسبوع الماضي مسأله إسقاط الجنسية عن الإرهابيين، انطلاقًا من أن من يقترف أعمالًا إرهابية ضد بلده لا يستحق أن يكون حاملًا لجنسيتها.
إذا انتقلنا إلى الحديث عن أمر آخر متعلق بالانتخابات الرئاسية.. من هم المحرومون سواء نهائيًا أو مؤقتًا طبقًا لآخر تعديلات في الدستور وقانون مباشرة الحقوق السياسية؟
قانون مباشرة الحقوق السياسية الذي يحمل رقم 45 لسنة 2014 ينظم مباشرة الحقوق السياسية، وينص على أن المحرومين مؤقتًا هم المحجور عليهم من أبنائهم أثناء فترة الحجر، والمصاب بمرض نفسي أو عقلي خلال مدة الاحتجاز، ومن صدر ضده حكم لارتكاب جريمة تهرب من أداء الضريبة أو من المادة المنصوص عليها 132 من قانون الضريبة على الدخل، الصادر برقم 91 لعام 2005، ومن صدر ضده حكم نهائي من محكمة القيم بمصادرة أمواله وتم تعديل هذه المادة لقانون 92 لعام 2015، ويكون الحرمان في الحالة الأولى والثانية بحكم نهائي، وإذا كانت جريمة ارتكبت تخل بالشرف فيكون بعد 6 سنوات من تاريخ الحكم، وكل من صدر ضده حكم نهائي في قضايا تدليس أو اختلاس، جناية، رشوة، أوراق رسمية مزورة، جرائم اختلاس المال العام، هتك العرض، ويحرم من الترشح للرئاسة وفقا لما جاء بالمادة الثانية للقانون 45 لعام 2014 والذي ينظم مباشرة الحقوق السياسية، وأيضا قانون إسقاط الجنسية لا يسمح له بالترشح إلا بعد مرور 10 سنوات على الحكم الصادر.
قضية عزوف المواطنين عن المشاركة في العملية الانتخابية بشكل عام.. كيف يمكن حل هذا الأمر؟
حمل الرئيس عبد الفتاح السيسي المواطنين المصريين رسالة غاية في الأهمية خلال مؤتمر الشباب الأخير بالإسكندرية، حيث وجه رسالة للناخب المصري وقال: "انزلوا لابد من المشاركة السياسية"، ولابد أن يعي المواطن خطورة المرحلة التي تمر بها مصر وأن يفرق بين الغث والثمين دون أن تفرض عليه إملاءات أو إغراءات، وندرك تماما أن التزوير الذي يطال العمليات الانتخابية لا يتم داخل مراكز الاقتراع بل يتم في الخارج في ظلام الليل، فالواجب الوطني يحتم على كل مواطن أن يؤدي دوره، وفي إطار إنجاح العملية الانتخابية جاء الدستور قاطعا في ذلك وجاءت الهيئة الوطنية لممارسة دورها بإشراف قضائي على الانتخابات حتى 2024، بعدها يجوز اختيار أعضاء من الهيئات القضائية كالنيابة الإدارية وقضاء الدولة.
وعن تجربة انتخابات فرنسا الأخيرة، أذكر أن العمليات الانتخابية البرلمانية بفرنسا بعد انتخاب ماكرون رئيسا لولاية فرنسا الثامنة تمت بدون وجود قضاة ولكن بتطوع من الشباب الواعد الذي يخاف على مصلحة بلاده وفي يوم عمل لعدم توقف الإنتاج، أطالب بتعديل المادة 122 والتي حددت سقف مالي للانتخابات بـ 20 مليونا في الجولة الأولى و5 ملايين في الجولة الثانية وفقا لما حددته الهيئة الوطنية للانتخابات وأطالب برفعها في ظل التضخم الذي تعاني منه الدولة.
تكرر الحديث مؤخرًا حول تعديل مدة الفترة الرئاسية.. هل الأمر جائز من الناحية الدستورية؟ وكيف يتم ذلك طبقًا للقانون؟
الحديث حول إمكانية تعديل الدستور فيما يتعلق بالمدة الرئاسية أمر قانوني طبقًا لمواد الدستور المصري، والمادة 140 من الدستور قالت "ينتخب رئيس الجمهورية لمدة 4 سنوات ميلادية ولا يجوز إعادة إنتخابه سوى مرة واحدة"، وهذه المادة تتحدث عن الولاية والمدة داخل الولاية وحددت المدة بـ4 سنوات، وبعدها جاءت المادة 226 وقالت: "في جميع الأحوال لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية"، إذًا المحظور هو تكرار المدة الرئاسية أكثر من مرتين وبالتالي لا يوجد حظر على المدة داخل الولاية، وبالتالي يجوز تعديل مدة حكم الرئيس من 4 إلى 6 سنوات.
ووفقا للدستور، يجوز تعديل مدة الرئاسة لتصبح 6 سنوات وهذا التعديل طرحه بعض نواب البرلمان والمجلس يحق له ذلك.
لكن في المقابل يتساءل البعض عن سريان مدة الـ 6 سنوات على المدة الحالية للرئيس حال تعديل القانون.. هل هذا الأمر وارد ويمكن تطبيقه قانونيًا؟
الأمر سيتوقف على الاستفتاء الذي سيطرح بشأن تعديل المدة إلى 6 سنوات بأن يُكتب على البطاقة جملة "على أن يسري ذلك على الولاية الحالية".
ماذا عن دوري الانعقاد للبرلمان وتقييم الأداء وأهم التشريعات التي جاءت فيهما؟
للحكم على دور البرلمان لابد من معرفة ماهية اختصاصات هذه التشريعات ومن ثم الحكم على الأداء الذي يتوافق مع الاختصاصات، أرى أن إدارة البرلمان ناجحة بكل المقاييس، فالبرلمان ينقسم إلى 3 شعب يتم العمل عليها، أولا التشريعات، ثانيا الرقابة التي تحكم هذه التشريعات، ثالثا الرقابة السياسية مثل الموافقة على أمور كإعلان حالة الطوارئ أو تمديدها، التعديلات الوزارية، أو إقرار المعاهدات وهذه هي المهام الرئاسية للبرلمان، فالإنجاز الذي حققه دور الانعقاد هو استصدار حزمة القرارات المصاحبة للقوانين والتي أصدرها المستشار عدلي منصور والرئيس عبد الفتاح السيسي واستهلكت وقتا كبيرا، وأنا أرى أن القرارات الصادرة قبل 19 يناير 2014 الصادرة بقوانين لا تعرض على البرلمان لأنها صدرت في ظل غياب الحياة النيابية والدستور، ولكن الدستور ينص على عرض هذه القرارات حال حل البرلمان، ونظرا لأن البرلمان المصري يشكله فئة شبابية كبيرة لا تمتلك الخبرة واجه عديد من الإشكاليات والاتفاق والاختلاف على القوانين مثل قانون الخدمة المدنية تم رفضه مرة ثم قبوله بعد ذلك، ومن ضمن الإنجازات التي حققها البرلمان استصدار قانون الكنائس والذي ظل متعثرا لسنوات داخل أروقة البرلمان، والقوانين المتعلقة بالاقتصاد مثل قانون الاستثمار.
بالنسبة لتقييم أداء دور الانعقاد الأول والثاني "الحالي"، أداء البرلمان خلال دوري الانعقاد كان مرضيا جدا وعلى قدر المسئولية، فالدكتور عبد العال، رئيس المجلس، على مستوى عالٍ من الأداء الفكري، فهو صديق مقرب لي، والبرلمان يواجه أعباءً ثقيلة لأنه لا يوجد كتلة حزبية ذات أغلبية كبيرة تقف بجوار رئيس البرلمان، وفيما يتعلق بالقوانين فدور الانعقاد الحالي شهد توقيع 65 اتفاقية دولية وهذا يعد إنجازا والقوانين الكبرى بمعنى أنها تبدأ بكلمة الرئيس وتنتهي بتوقيعه، مثل قوانين الخدمة المدنية ومكافحة الهجرة غير الشرعية، بالإضافة لتعديلات أخرى.
والدكتور على عبد العال نجح فى إدارة البرلمان خلال الفترة الماضية بشكل غير مسبوق، فالرجل وجد نفسه أمام 596 نائبا يمثلون أفكارا وطوائف مختلفة وانتماءات متعددة، وحقيقة الأمر أن إدارة الزملاء عمل صعب وشاق ولكن لأن عبد العال له خبرة مسبقة تتمثل فى رئاسته لقسم القانون العام وإدارته لزملائه من الأساتذة استطاع أن يدير البرلمان بشكل محترم.