قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

الحج وحيثيات الخطاب الديني

0|ناصر خليفة   -  

كل عام يأتي المسلمون من كل البقاع قاصدين حج بيت الله الحرام، مجتمعين في مكان واحد يبتغون رحمة ربهم ومغفرته، أيا كانت مذاهبهم وتوجهاتهم وعلاقاتهم، يجتمعون من شتى أنحاء المعمورة ليتساووا جميعا بلباس واحد، ولا فرق بين غني وفقير، ولا بين عربي وأعجمي، فالجميع يطوفون ويسعون ويقفون بعرفة ويؤدون مناسك واحدة، ابتغاء رحمة رب واحد، كذلك قلوب كل المسلمين في كل فج عميق أو قريب ، متعلقة بهذا الحدث السنوي المهيب والكبير.

هذا الركن العظيم من أركان الإسلام الخمسة، وهو فرصة لكل مسلم كي يفكر في وقفة مع نفسه لتصحيح مسار ذاته وبواطن نفسه، ثم تصحيح اتجاهات العقل والقلب من الزلات بسبب البعد عن المنهج السليم لعقيدة الإسلام بوسطيته وسماحته، فالإسلام الصحيح هو الذي قصد سلامة نفس المؤمن وسكينته الداخلية لتنعكس بجلاء على تعامله مع الآخرين مهما كان حجم الإختلاف في الرأي أو الدين أو المذهب.

فالحج هذا العام أتى وأغلب بلاد الإسلام بها حرب على الإرهاب بعد أن ابتليت بطوفان من الإرهاب والتعصب الديني والذي تمثل في تنظيم "داعش" الإرهابي الذي أعطى أسوأ صورة عن الإسلام والمسلمين لكل الدنيا، فما من مجتمع غير مسلم إلا وتأكد عنده أن الإسلام دين إرهاب وإرهابيين! والإسلام بريء منهم وممن شابههم من الذين ساروا على منهج العنف والقتل.

والغريب أنهم أوهموا أنفسهم المريضة بأنهم يخدمون الإسلام ويسعون لتسود الشريعة من خلال مبدأ الخلافة والحاكمية، في الوقت الذي هم فيه من أشد المخالفين لشريعة الله في أرضه ومن أكبر من أضر بالإسلام وبالعقيدة الإسلامية.

نحن في زمن أصاب مجتمعاتنا مرض التعصب الفكري والمذهبي والذي طغى على كل نواحي حياتنا، فتشوهت المفاهيم وأبحرت بها أمواج محملة بكثرة التأويلات وتعدد الخطابات الدينية، وإن النفس لأمارة بالسوء، حتى أن دول بعينها وأنظمة سياسية حاكمة أو غير حاكمة، ساعدت ومولت تلك التنظيمات الغبراء، ودعمت الخطابات الدينية من فوق المنابر في الإعلام المشبوهة ومنابر المساجد المحتلة والمستعمرة بهؤلاء المتطرفين في أغلب بلاد المسلمين وخارجها في دول أوروبا وغيرها، ومعروف أن الخطاب الدينى من أهم أسباب نشر الأفكار المتشددة وبث روح الكراهية والعداء والعنف، لأنها تغذى الشباب بالأفكار المتطرفة المدمرة.

لينضموا إلى التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها "داعش" ومن قبل داعش تنظيم الإخوان والفكر السلفي المتشدد، فنوعية تلك الخطابات منحت الإسلام رؤية أصولية وانحرفت به عن رسالته الحقيقية، رسالة السلام، وفي ذلك الهرج الكبير والجدل المستعر يأتي دور الخطاب الديني من خلال موسم الحج وهذه الفرصة العظيمة لتجمع كل القلوب، فلماذا لا يتوحد الخطاب الموجه لكل المسلمين وغير المسلمين، ليقول كلمة الإسلام الواحدة متبرئا فيها من تلك الأفكار المغلوطة عن العقيدة والمنهج الإسلامي الصحيح، ليعلم القاصي والداني أن ديننا ليس دين إرهاب وليس دين قتل ولا عنف، ديننا لا يطالب ولا يدعو لإقصاء الآخر، ديننا دين سلام ومحبة، ومن شذ عن تلك القاعدة وشرد عن هذا المنهج فهو ليس من الإسلام في شيء ولا علم له بجوهر الإسلام الذي تبرأ من العنف وقتل النفس وإرهاب البشر بدون وجه حق .