الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مين السبب في الحب؟


القلب ولَّا العين.. مين السبب في الحب، من أجمل ما غنت الفنانة "سعاد محمد" وهي من مواليد محافظة أسيوط، ولدت في 2 فبراير 1926، من أب مصري وأم لبنانية، لحن لها ملحنون كبار مثل (محمد القصبجي، زكريا أحمد، رياض السنباطي، ومحمود الشريف، وغيرهم)، وتُعد أغاني فيلم "الشيماء سنة 1972" (يا محمد، إنك لا تهدي الأحبة، رويْدَكُمْ رويْدَكُمْ، طلع البدر علينا (من أجمل ما غنت، بالإضافة إلى العديد من الأغنيات الجميلة والتي يُعد من أشهرها (وحشتني، أوعدك، ومين السبب فـــ الحب)، توفت في القاهره في 4 يوليه 2011. 

اسمحوا لي في السطور القليلة القادمة أعرض لكم وجهة نظري في موضوع أغنية (مين السبب فــي الحب)،،،،

إذا فرضنا أن السبب في الحب هو (العين)، لكان الكفيف لا يعرف الحب أبدا، وهذا بالطبع غير معقول، إن العين ليست أساسا في الحب؛ وإن كان لها دور كبير، والدليل أن هناك من يحب عن طريق السمع فقط (الأذن)، فعندما نسمع عن شخص ما متفوق مثلا في حياته، أو يمتاز بروح الود والأخلاق، فإنه من الممكن أن يأخذ مسامع الآخرين، ومن ثم نتلهف لرؤية هذا الشخص الذى فَتَنَ مسامعنا، ونكون بذلك مُهَيَّئِين لحبه قبل أن نراه، وربما أيضا لا نحبه بعد رؤيته!

وكثيرا منا يسمع عبارة (أن الرجل يحب بعينيه، والمرأة تحب بأُذُنَيها)، وذلك ما يجعل المرأة تتزين والرجل يكذب أحيانا!

ولا نُنْكِر أن الحب بالأذن موجود وله دلائل كثيرة، فكم رأينا فتيات وقعن في الحب من خلال مكالمات هاتفية، فقد تحب الفتاة شخصا لم تراه مطلقًا لمجرد أنه ألقى على مسامعها من حلو الكلام ما دغدغ مشاعرها، وجعلها تشعر بأنوثتها وأهميتها بالنسبة له، وبذلك يمكن القول أن الحب هنا حدث بسبب (الاهتمام).

وإذا قلنا أن السبب في الحب هو القلب، فكل إنسان يحمل بداخله قلبًا (النَّمَّام ، الحَاقِد، الحَاسِد، اللص، والقاتل أيضًا)، هل لايحبون؟ ولماذا لم تتغير قلوبهم التي بداخلهم ويَتَغَيَّر بالتالي سلوكهم بعد وقوعهم في الحب؟ وكلنا يعرف أن الحب يسمو بالنفس فوق الأحقاد والرذائل!

لقد علمنا من الأطباء أن القلب ما هو إلا مَضَخَّة للدم الذي يحمل الأكسجين ليتوجه به بغزارة إلى أكثر مناطق الجسم احتياجا له، وهو منطقة إحساس قوية, فإذا أصاب الإنسان خوف شديد، فإن القلب ينبض بقوة (ليضخ الدم)، ويتأثر الإنسان بهذا الخفقان ويشعر بالخوف، كذلك عندما يُعْجَب إنسان بأخر ويراه فجأه أمامه فإن القلب يخفق بقوة من هول المفاجأة، ليَظُن الشخص أن هذا هو (الحُب)، بينما يكون ذلك من أثر المفاجأة فقط, وعندما نقترب من هذا الشخص قد ننصدم ونفترق ويحترق القلب.

وأنا أرى أن الحب أولا وأخيرًا هو (هِبَةٌ) ورِزْقٌ مقدر من عند الله (عز وجل)، ويمكنني تفسير اتجاه إحساسنا إلى إنسان معين دون غيره بأن الله (قَدَّرَ) علينا حُب هذا الإنسان، فجاء الإعجاب أولًا، ثم أتى الحب الذي كتبه الله على الإنسان، ومن الممكن أن يُتَوَّج هذا الحب بالزواج، كما يمكن أن ينتهي بالفراق، ومن الممكن أيضا أن تتحول العلاقة بين الطرفين إلى شكلٍ راقٍ يصعُب وصفه إذا لم تكن الظروف مهيئة للزواج!

إننا نقابل كل يوم كثير من الأصدقاء، في العمل، في الكليات والمعاهد، في النوادي والأماكن العامة، أقارب من هنا وهناك، ولكن نميل نحو إنسان معين، لماذا هو بالذات؟

أعود مرة ثانية إلى (القَدَرْ) الذي يوجه العقل إلى التفكير في إنسان دون غيره، ويبدأ ذلك بإعجاب بسيط، ثم شديد، ثم يتطور الى حب حقيقي حينما تتواجد الظروف المناسبة ويتوفر الإخلاص بين الطرفين، فيشاهد كل منهما معالم الجمال الروحية في الآخر، ويتعمق الحب ويزداد بالأخلاقيات والصدق.

والخلاصة أن القلب لا يعشق دون سبب يوصله لذلك، فالنظرة سبب، والكلمة سبب، والاهتمام أيضا سبب، ويستحيل أن يعشق القلب دون وجود سبب يؤدي إلى عشقه، وربما يكون هذا السبب كامنًا في العقل الذي يختار بحكمة وتفكير منطقي، وإذا اقتنع العقل أرسل إشاراته للقلب، فيُكتب لهذا القلب الحب... دمتم بحب وفن.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط