الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حكاوي ستات قهر الفتيات.. إلى متى؟


حكايتي عن الفتيات اللائي مازلن يقهرن حتى الآن بسكين من العادات والتقاليد والأعراف تحت مسمى الختان أو الطهارة.

وكلمة الطهارة هي التسمية الشعبية للختان التي يعرفها الناس وترتبط عند الكثيرين بالنظافة والعفة والطهارة للفتيات.

أي أن ممارسة هذه العادة في التراث الشعبي وحتي الأن ترتبط في اذهان الغالبية بحماية الفتيات من الأنحراف الجنسي .

والخرافة القديمة المتوارثة تقول أن هذه الأعضاء التي تبتر من الفتاة أذا لم تستاصل تكبر وتصبح في طول وحجم غير لائق .. رغم أنه معروف أن كل عضو في جسم الأنسان يكبر الي أن يصل الي حد معين ثم يقف عند هذا الحد. 

وحقيقة الختان هو تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى اعتقادا أنها أعضاء زائدة تضر ولا تنفع تثير الفتيات وتحثهن علي الفساد .رغم أن الأطباء يؤكدون أن هذه الأعضاء حية لها وظائف حيوية هامة في جسد الفتيات ليس من بينها أبدا زيادة أو نقصان الرغبة الجنسية لديها. 

والسؤال الذي يجب أن نسأله لماذا تصر بعض العائلات على قطع هذه الأجزاء من أجساد بناتهن رغم كل الجهود التي تبذل لمواجهة هذه العادة البشعة وحماية الفتيات منها.

ومايحدث هو سحب الفتاة داخل غرفة الذبح وهي في مقتبل العمر لإذلالها وقهرها وتذكيرها بأنها كائن خانع ضعيف ذليل ويجب كسر عينه وإرهابه حتى لا يقوم بأي أفعال شاذة فيتم قطع أجزاء من أعضائها التناسلية.. تحت رداء من التقاليد البالية والتي يجعلها البعض أقوى من شرع الله وسنة رسوله.

وللأسف يتحدثون دائما عن الختان وأنه لكبح الرغبة الجنسية لدى الفتاة، ونسوا أن الرغبة الجنسية والسلوك الجنسي والإشباع أو الارتواء الجنسي عند المرأة لا يتأثر بوجود الأعضاء التناسلية أو عدم تواجدها أو بكبرها وصغرها، وإنما يتحكم المخ في كل ذلك.

فما يحدث هو تحرك الرغبة الجنسية للمرأة أو الرجل من خلال مؤثرات كثيرة أهمها الحواس الأساسية للإنسان مثل البصر واللمس والشم والتي تستقبل المؤثرات الجنسية والتخيل واستعادة الخبرات السابقة مع الميل النفسي أو العاطفي.

فالتحكم الوحيد في السلوك الجنسي للمرأة والرجل عن طريق العقل ولا شيء سواه حيث يوجد بالمخ منطقة تسمى القشرة الحوفية بها مراكز مسئولة عن التحكم في السلوك الإنساني بوجه عام. 

ويكفي أن نعرف أن رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام لم يختن بناته وأن الكنيسة تحرم الختان ولا تشجع عليه. 

وللأسف تظل المشكلة قائمة لدينا فطبقا لآخر الإحصائيات المسح السكاني بمصر نسبة 92% من النساء من سن 15- 49 مختنات وحوالي 74% من هذه العمليات يجريها أطباء و16.1%دايات و7.9 % ممرضات. 

أما مشاكل الختان للفتيات فهي كثيرة .. فيعتبر النزيف من أهم المضاعفات وأكثرها حدوثا في معظم حالات الختان بالاضافة للألم الشديد بسبب الأنسجة التي يتم بترها وتكون غنية بالنهايات العصبية.

وللأسف الكثير من الفتيات المختنات يتعرضن للصدمة العصبية والتلوث والعدوي والالتهابات، بالإضافة للالتصاقات التي تحدث لـ30% من المختنات نتيجة استئصال جزء كبير من الشفرين، وتكون أكياس دهنية في أماكن حساسة مما يؤدي لمشاكل كثيرة للفتيات في المستقبل، بالإضافة الي عدم وصول المرأة الي الإشباع الجنسي عند الزواج وبالتالي عدم إقبالها على العلاقة الجنسية بعد ذلك.

ويظل الختان رغم تغليظ العقوبة على مرتكبيه فالمادة 242 من قانون العقوبات تؤكد على أنه يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تجاوز سبع سنوات كل من قام بختان أنثي بأن أزال أيا من الأعضاء التناسلية الخارجية بشكل جزئي أو تام أو الحق أصابات بتلك الأعضاء دون مبرر طبي وتكون العقوبة بالسجن المشدد إذا نشأ عن هذا الفعل عاهة مستديمة أو إذا أفضى ذلك الفعل إلى الموت. 

وللأسف رغم تغليظ العقوبة لم تحجم عمليات ختان الأناث.
والسؤال الآن ماذا نفعل لمواجهة هذه الكارثة ؟

أعتقد أننا نحتاج إلى أسلوب مختلف ورسائل بتفاصيل أخرى وبلغة أكثر تفاعلا وتواصلا مع الأهالي بالذات الأمهات والجدات.

أيضا أعتقد أن الأطباء الذين يقومون بحوالي 74% من هذه العمليات يحتاجون إلى توعية أكثر بمشاكل الختان وأضراره علي الفتيات، على أن يخصص لهم جزء عن ذلك بكليات الطب.

كما أننا نحتاج إلى التركيز على استخدام الفن بشكل أكبر مثل المسرح التفاعلي للوصول إلى الأهالي وتبادل الآراء معهم وجها لوجه، وقد رأيت بعض الجمعيات الأهلية مع صندوق الأمم المتحدة للسكان UNFPA يستخدمون المسرح التفاعلي فيقدمون مسرحية صغيرة أمام الأهالي تعرض لمشكلة الختان، ويتم تبادل الحوار حول القضية وحلولها من أبطال المسرحية .. يحدث هذا وسط تفاعل حقيقي بين الأهالي وفناني المسرحية وأعتقد أن مثل هذا النوع من الفنون تكون نتيجته أجدي واسرع لمواجهة الختان. 

بقي لنا أن نعرف أن مصر من أعلى دول العالم في انتشار عادة ختان الإناث لأن الختان لدينا كان يتم قبل ظهور الأديان بجذور أفريقية وليست دينية، لذلك فالقضاء على عادة الختان يجب أن يكون مسئولية مجتمعية يشارك فيها الإعلام والجامع والكنيسة والمدرسة لمحاولة إقناع الأهالي المقبلين على تختين بناتهن بمشاكل هذه العادة البشعة والإبلاغ عن أي حالة ختان ستجرى لفتاة عن طريق الرقم الخاص بحماية الأطفال للمجلس القومي للطفولة والأمومة 16000.

وأخيرا علينا أن نعلم فتياتنا الكرامة والاعتزاز بالذات ولا نسعى لقهرهن وهن مازلن في بداية الطريق.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط