الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عمرو عادل‎ يكتب: الماتريكس

صدى البلد

"ماتريكس" أو "المصفوفة"، واحد من أشهر الأفلام فى ذاكرة السينما العالمية ويناقش العديد من الأفكار الفلسفية فى إطار من التشويق والإثارة والذى أنتج فى العام 1999 ومن كتابة وإخراج الأخوين لانا وليلى واتشوسكى.

تتناول قصة الفيلم حدوث طفرة فى تقنية الذكاء الصناعى أو AI، ونتيجة لهذا التطور حدث تمرد منها على البشر، ما أدى إلى حدوث حرب طاحنة بين الطرفين ومع توالى انتصارات الذكاء الصناعى قرر البشر اللجوء إلى الحل الأخير وهو تفجير العديد من القنابل النووية حول الأرض لإنشاء سحابة تستخدم لعزل الشمس كمصدر للطاقة عن الذكاء الصناعى، والذى بدوره اضطر للبحث عن بديل ووجده فى أجسام البشر لأن جسم الإنسان يحتوى على مقدار لا بأس به من الطاقة يمكن الذكاء الصناعى من الاستمرار فى الحياة.

وتتم هذه العملية بوضع البشر فى سبات عميق فى وجود أسلاك متصلة بأجسادهم للتغذى على الطاقة المتولدة منهم مع توفير عالم افتراضى فى عقولهم لإعطائهم إيحاءً بأنهم يتعايشون فى حياة طبيعية.

بعض من البشر استيقظوا من سباتهم وهربوا من الماتريكس وتمردوا عليها وبدأوا فى المقاومة عن طريق الدخول فى ثغرات بداخلها لتنفيذ أعمال تخريبية بها، ما يضعهم فى مواجهة أنظمة الحماية الموجودة فيها والمتمثلة فى العملاء أو "الإيجنت" بستراتهم ونظاراتهم السوداء.

من الممكن أن نشاهد فلسفة الفيلم من جانبين؛ جانب تقنى والآخر إنساني.

تقنيا؛ سنجد أن صناع الفيلم جسدوا لنا فكرة عامة عن عالم الكومبيوتر بكل جوانبه وأشكاله، لنركز قليلا فى الأحداث، "الماتريكس" وهى نظام التشغيل مثل الويندوز على سبيل المثال، أما أبطال الفيلم نيو "كيانو ريفز" وترينتى "كيت موس" ومورفيوس "لورانس فيشبورن" هم فيروسات تدخل إلى المنظومة لتنفيذ عمليات تخريبية بها عن طريق الدخول عبر ثغرات فى الماتريكس وبالفعل هذا ما تفعله فيروسات الحاسب.

أما "الإيجنت" أو العملاء فهم "الأنتى فيروس" أو مكافح الفيروسات الذى صنعته المنظومة لحماية نفسها، والعرافة التى يذهبون إليها من أجل معرفة تنبؤاتها ونصائحها هى قاعدة البيانات الخاصة للمنظومة بعد إخضاعها تحت سيطرة البشر حتى أن صناع الفيلم أطلقوا عليها لقب "أوراكل"، أما صانع المفاتيح والذى ظهر فى الجزء الثانى، فهو "الكراكر" المسئول عن الدخول إلى المنظومة من أماكن عشوائية عن طريق صناعة المفتاح وهو "الكراك" الذى يستخدمه البعض حاليا بفاعلية لتشغيل بعض الألعاب أو البرامج المدفوعة الثمن.

أما إنسانيا؛ فربما نجد أن صناع الفيلم يوضحون لنا مدى الصراع الذى يعيشه الإنسان بين الحياة المادية والحياة الإنسانية، لنركز قليلا على حياتنا، سنكتشف أن الحياة المادية لمجرد أن تتقبل العيش فيها ستجد أنك مجرد آلة أو ترس فى هذه المنظومة، من الممكن أن تعطيك بعضا من المشاعر الإنسانية فى الحب أو الكره ولكنها مشاعر مزيفة وليست حقيقية لأن القناع الحقيقى لها هو المادة، فعلى سبيل المثال قد نجد علاقة حب تنشأ بين طرفين أساسها حب المال أو المنصب ولكن بعيدة كل البعد عن الحب الحسى المتعارف عليه، كما أن هذه الحياة تقتل الإبداع بداخل الإنسان لأنها حياة جامدة تنحصر بين الأبيض والأسود بعيدا عن باقى الألوان.

أما الحياة الإنسانية، فتتجسد فى قوة المشاعر والأحاسيس الموجودة بين البشر وبعضهم البعض المليئة بالحب والرحمة والاحترام بين الناس والتى تحاول أن تقاوم الحياة المادية وتحافظ على كينونتها ولا تريد الخضوع لها وعلى الرغم من مدى عنفوان الحياة المادية، إلا أنها تحاول أن تقاومها.

وربما أراد صناع الفيلم إيصال هذه الرسالة تحديدا، فلعلك لاحظت أن أبطال العمل عند تواجدهم فى عالم الماتريكس أو المادة سنجد أن ملامحهم جامدة خالية من أى مشاعر وإذا خرجوا منها سنكتشف أن ملامحهم تتغلب عليها العواطف فى علاقاتهم.

إذًا فمغزى الفيلم هو أن الحياة توفر لك اختيارين وهو ما تم تجسيده فى مشهد "مورفيوس" وهو يضع أمام البطل "نيو" كبسولتين واحدة حمراء اللون وهى تمثل عالم المادة، وواحدة زرقاء وهى تمثل عالم المشاعر، وأنت الذى تختار نوع حياتك التى تريدها، فهل تستسلم لحياة زائفة تسيطر عليها المادة أم تحاول أن تقاوم وتتحرر وتهرب منها لتستطيع أن تشعر بجمالها ومتعتها رغم كل الصعوبات التى من الممكن أن تواجهها فيها؟

ما لا تعرفه عن فيلم "ماتريكس"
- تم عرض دور "نيو" على الممثل ويل سميث وكانت إجابته بالرفض، وبعد عرض الفيلم وتحقيقه نجاحا ساحقا قال إنه أخطأ فى رفضه ولكنه غير نادم لأن الدور ذهب للنجم كيانو ريفز الذى قام بتجسيد الشخصية بمنتهى الحرفية.

- فى عام 2012 تم حفظ فيلم "ماتريكس" فى مكتبة الكونجرس كواحد من الأفلام الوطنية.

- قبل تصوير الفيلم أمضى أبطال العمل أربعة أشهر كاملة للتدرب على الفنون القتالية من خبراء فى هذا المجال.

- تم عرض دور "مورفيوس" على راسل كرو ولكنه رفض وكان تعليقه على السبب أنه بوصوله إلى صفحة 42 من السيناريو لم يفهم الفيلم، فبدا له غير مثير للاهتمام.

- تم إنتاج الفيلم فى أستراليا ليكون تصويره هو أول افتتاح لاستوديهات "فوكس" فى مدينة سيدنى.

حصاد ماتريكس
فاز الفيلم بـ 4 جوائز أوسكار بجانب 32 جائزة متنوعة، ومصنف فى المركز رقم 18 فى أعظم 250 فيلما فى التاريخ، مع أرباح تقدر بـ 172 مليون دولار داخل الولايات المتحدة و464 مليون دولار حول العالم.