قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

نبيل علي يكتب: "من النيش يبدأ التطفيش"‎


صور متنوعة وعروض شتي يجدها الباحث لمجرد كتابة كلمة "النيش" علي محرك جوجل، ما بين صورة لنيش من الخشب وأخرى لنيش من الألمونتال وحوار لمهندسة ديكور وفيديو لمصممة تعرض طرق مختلفة لرص النيش مقابل مبالغ تبدأ من 100 جنيهوتقف عند حد الـ500، وما بين هذا وذاك شباب أكلت الأيام جسده وأفنت المتاعب أمله حتىكاد اليأس من الزواج يجد إلي قلبه سبيلًا.

لغويًا، لكلمة "نيش" أو "نيتش" Niche أصول فرنسية وتعني المكان اللائق والمناسب للشيء القيم، ولها معنى مماثل في الإنكليزية تقريبًا كوضع الشيء أو الشخص المناسب في المكان المناسب، فضلًا عن معنى آخر وهو الشرفة، من هنا يمكن أن نستنتج تسمية تلك القطعة الخشبية بهذا الاسم، حيث تحتفظ فيه ربة المنزل بأثمن القطع الكريستالية والفضية وغيرها في دولاب عرض.

هو مكان لما زاد عن الحاجة من الأواني والأدوات يُحضِره وفق أعراف الزواج العريس وتتعهد العروسة بملئه بالغالي والنفيس من الأصناف والأنواع، وهو من أكثر قطع الأثاث التي يدور عليها خلاف، فقد اتخذ بعض الشباب موقفًا ثوريًا ضده، معتبرين أنه من القطع التي لا حاجة لها في المنزل المعاصر وفي ظل الظروف الحالية، وهنا يكمن السؤال كيف عرفت تلك العادة طريقها إلينا؟ وما أهمية تلك الكتلة القابعة في غرفة طعام البيت؟

لو قلنا إنها عادة أخذناها عن أجدادنا الفراعنة لضحك منا الفرعون-علي فساد معتقده- ملء شدقيه فهو يستبقى الذهب لنفسه بعد مماته ونحن نستبقى للورثة أوانٍ لن ينتفعوا بها لأن الزمن حينها سيكون قد تجاوزها بنصف قرن أو يزيد وسوق الموضة في تجدد وتغير، والفرعون استبقى ساعة ثراء وترف ونحن نستبقي ساعة حاجة وعوز وتعب، فهل يستويان مثلا!!!

ولو قلنا إنه صنم من أصنام الجاهلية يحضر في كل بيت لسخر منا كفار قريش، ولقالوا اتخذ الواحد منا صنمًا صغيرًا في بيته من العجوة إذا بلغه الجوع أكله، وجعلنا في نوادينا أصناما كبيرة من الحجر وغيره، أما أنتم فقد استأثر كل واحد منكم بصنم عظيم في بيته وكأن سعر الأصنام في البورصة سيزداد في قابل الأيام!!!

هي رغبة البشر في التملك التي لا تشبع فهل سمعنا يومًا أن طالب مالٍ قد شبع من دنياه واكتفى وهل يملأ عين ابن آدم إلا التراب، ألم تر أنه إن أعطي طقم من الصيني طلب آخر من الميلامين وإن أعطي ما يكفي لحياته طلب ما يُترك ليتراكم عليه التراب بعد مماته، تالله لعن الله عادات ابتدعها أقوام وجبن عن مواجهتها آخرون فتحملوا عبئها كاملا في غير ما حاجة لها إلا إرضاء قناعات أكل عليها الدهر وشرب.

أفرأيتم إن لم نجد نيشًا أو سفرةً أو أطباقًا أو ملاعقًا أكان الجوع قاتلنا؟ كلا والله!! أفرأيتم إن اتسعت الصدور وتعالت الهمم وسكنت النفوس هل نجد بعدها ضيق في مكان أو قلة في رزق أو حاجة لما لا حاجة له؟ أفرأيتم إن اعتدلت الموازين فلم تعد تزن المال بالرجال، هل سنقيد أنفسنا بعدها طواعية بأغلال عادات جَبُنا عن مواجهتها؟ أفرأيتم إن اتسق كل واحد منا مع نفسه مرة فطلب ما يُطاق وتحمل ما يطيق هل يصبح لدينا 13.5 مليون عانس؟