ميسرة السيد تكتب: سايكس بيكو 2‎

ترجع فكرة تقسيم الوطن العربي لعام 1980 مع بداية حرب الخليج الأولي عقب تصريح بركيزنجي- مستشار الأمن القومي الأمريكي- بأن أمريكا يمكنها إعادة تقييم حدود سايكس بيكو1916؛ تفاديا لحرب خليج ثانية ,ذاك التصريح كان بمثابة إشارة إلي برنارد لويز- مهندس تقسيم الشرق الأوسط - ؛ لوضع مشروع " الشرق الأوسط الكبير" , ففي عام 1983 , وافق الكونجرس الأمريكي بالإجماع علي إدراج خطة التقسيم في ملفات السياسة الأمريكية المستقبلية , إذ يتضمن هذا المشروع تقسيم المنطقة العربية إلي عدة دويلات علي أساس طائفي , وعرقي ( مصر ,السودان , دول الشمال الإفريقي , العراق , سوريا , ولبنان ) من أجل تمهيد السبيل لدولة إسراءيل الكبري _من النيل إلي الفرات _ , كما أنه من المقرر أن تختفي بعض الدول من الخريطة (الأردن ,الكويت , قطر ,البحرين , سلطنة عمان , اليمن , والإمارات)

تبني أمريكا لخطة المشروع ليس من أجل تدعيم حليفتها إسرائيل فحسب، بل لأنها تري الإسلام خطراَ علي الحضارة الأمريكية ؛لذا وضعت واشنطن ميزانية كبيرة لدعم المخطط بما يتلائم مع مصالحها , وأهدافها المتمثلة في السيطرة علي النفط , وعلي الطرق البحرية التي تعبر فيها سفن النفط , وبالفعل استطاعت امريكا استغلال ثورات الربيع العربي للبدء في مخططها حيث توالت عدة أحداث أعقبها تقسيم السودان إلي شطرين : شمال السودان للمسلمين , وجنوب السودان للمسيحيين إلي جانب المساعي القائمة لفصل إقليم دارفور. لقد انشغلت الدول العربية بأمورها الداخلية , ومشاكلها مع الدول العربية الأخري , ووصل الصراع إلي أشده حيث انقسمت الدول العربية علي نفسها إزاء القضايا العربية , والإقليمية ممها مهد الطريق لأمريكا ؛لإعلان نقل سفارتها من تل أبيب إلي القدس غير آبهة بموقف العرب من هذا الإعلان ؛نظرا لانشغالاتهم الداخلية.
حدثت بعض التغيرات في المشروع نظراَ لتسارع الأحداث في العالم العربي , وأضحت سوريا هي المسرح البديل الخصيب لاستكمال العمليات بدلا من لبنان ,لذا ليس غريبا أن يشن عدوان دولي بقيادة أمريكا علي سوريا لردع نظام "الأسد" لاتهامه باستخدام أسلحة حرب محرمة دولياَ قبل وصول بعثة التفتيش الدولي عن الأسلحة الكيماوية في سوريا , حيث سبق لأمريكا أن استخدمت ذاك السيناريو عام 2003 لشن حرب علي العراق بزعم امتلاكها السلاح النووي رغم كل التقارير التي اثبتت عدم وجود نووي بالعراق ,وهنا تأكدت مقولة أن التاريخ يعيد نفسه

ومن هذا المنطلق يممكنا أن نتوقع تقسيم سوريا إلي 4دويلات : دويلة علوية شيعية_ دويلة سنية في منطقة حلب _ دويلة سنية حول دمشق _دويلة الدروز , ويجب أيضاَ أن نتهيأ للموضوع حيث أنه أصبح وشيكاَ ,وستتوالي الدول الأخري واحدة تلو الأخري , وهذا أيضا لن يكون التقسيم النهائي للمنطقة بل ستستمر سلسلة التقسيمات إلي أن ترجع النتطقة للعصور البدائية بعد أن يخلص العرب علي بعضهم البعض , ولكن تتمثل قوة العرب في وحدتهم , وتماسكهم من أجل البقاء , ويشهد العالم ان وحدة العرب في حرب 1973 هي أهم أسباب الانتصار الذى نفتخر به حتي يومنا هذا , فإذا توحد العرب مرة ثانية يمكنهم دحر المؤامرات العالمية ،ومن المؤسف أن نعترف-حاليا- بنجاحنا في تدمير أنفسنا , وتفتتيت أوطاننا بمساعدة أعداؤنا.