الأوقاف: الضمير اليقظ يتيح الفرصة لأداء العبادات على أكمل وجه

قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إن شهر رمضان هو شهر المراقبة، والخشية، وصناعة الضمير الحي، منوهًا بأن غاية الصوم هي التقوى بكل ما تحمله كلمة التقوى من معاني الإخلاص والمراقبة، والبعد عن الحرام، والأمل في رضوان الله -عز وجل-.
واستشهد «مختار» في بيان له اليوم الجمعة، بقول الحق سبحانه وتعالى في كتابه العزيز : « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»،مضيفا:"أنه إذا كان رمضان شهر القرآن، والتأمل فيه، والعمل به، والإفادة من عبره وعظاته، فإن القرآن الكريم قد جاء مفعمًا بالآيات الحاثة على المراقبة المؤدية إلى صناعة الضمير الحي، فقال تعالى: «إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ » .
وأضاف أن ذلك حيث يقول الحق سبحانه في سورة المجادلة : «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» ، ويقول سبحانه في سورة الأنعام « وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ».
ودلل بما قال تعالى في سورة يونس : «وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآَنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ» ، ويقول على لسان لقمان عليه السلام في وصيته لابنه: « يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ» .
وتابع: ويقول نبينا -صلى الله عليه وسلم- : «ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ وَثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ، فَأَمَّا الْمُهْلِكَاتُ فَشُحٌّ مُطَاعٌ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ، وَالثَّلَاثُ الْمُنْجِيَاتُ تَقْوَى اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَكَلِمَةُ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالسَّخَطِ، وَالِاقْتِصَادُ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ» .
ونبه إلى أن الإنسان يحتاج إلى أن يربي نفسه دائما على مراقبة من لا يغفل ولا ينام ، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ، وإذا كان شهر رمضان يعلمنا المراقبة الذاتية ، فإنه كذلك يساعد على صناعة الضمير الحي اليقظ الذي يخاف من الله (عز وجل) ويسعى لتحقيق مرضاته ، حتى إذا غابت عنه رقابة البشر وهمَّت نفسه بالحرام والإفساد في الأرض تحرك ضميره ؛ فيصده عن كل ذلك ويذكره بأن هناك من لا يغفل ولا ينام .
واستند إلى ما قال سبحانه : «وإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ»، ويقول جل في علاه : «وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفي بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ».
وأكد أنه بهذا الضمير الإنساني اليقظ يستطيع الإنسان تأدية العبادات على الوجه الأكمل، فتجده خاشعا لله ، مراقبا له تمام المراقبة في صلاته وصيامه ، ثم يتعدى أثر هذه المراقبة إلى بيعه وشرائه ، وعمله وإنتاجه ، وسائر تصرفاته ، وبذلك ينضبط السلوك والتصرفات ، وتُحفظ الحقوق وتُؤدى الواجبات .
واستطرد: أمـا إذا مـات الضمـير وانعــدمت المـراقبــة لله (عز وجل) نتـج عن ذلك فسـاد في الأخلاق والمعاملات، وكثير من جوانب الحياة ، وجنى المجتمع كله حسرةً وندمًا ، وعانى كثيرًا من وجوه الخلل والاضطراب الاجتماعي وفقدان الثقة لغياب الضمير الحي.