الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ديموقراطية المولوتوف


اسوأ ما حدث للمصريين بعد الثورة هى حالة التعصب الشديد للرأى التى تحولت الى خلافات حادة ثم انقسامات حتى تطورت الى رفض للآخر ومحاولة اقصاءه ، وصولا الى العنف والاقتتال والدماء التى سالت فى بقاع عديدة من مصر لتؤكد ان المصريين لم يعودوا - او على الأقل بعضهم - كما كانوا دائما مسالمين .

من الطبيعى الا نتفق جميعا على رأى واحد ولا ان نكون فصيلا واحدا ، وليس من الطبيعى ولا من الصحى ان ننتمى جميعا لفكر واحد او فصيل سياسى واحد ، لكن لا اعرف ما الذى جرى لنا وملأ قلوبنا بكل هذا الكم من الكره والتعنت للآخر المختلف معنا ؟

والغريب ان من يطلقون على انفسهم النخبة السياسية والنخبة الثقافية هم من تورطوا وورطوا الشعب معهم فى هذه الحالة الخطيرة من التعصب ورفض الاخر واقصائه وصولا الى العنف وسفك الدماء ، وبدلا من ان يضرب هؤلاء المثل فى الديمقراطية ويقدموا النموذج لاحترام الاخر غلبت عليهم المصالح الحزبية والشخصية الضيقة وتعاملوا بمنطق " الكره " وليس" الخلاف " ، فرأينا اقصى واشد حالات الاستقطاب والرفض والاقصاء على شاشات الفضائيات وصفحات الفيس بوك وتويتر والندوات والمنتديات السياسية ، ورأينا حالات الخلاف السياسى الطبيعى يتحول على صفحات الفيس بوك وتويتر الى سباب بأقذع الشتائم ومسح الآخرين من الصفحات وقطيعة نهائية بين الاصدقاء.

من كان يعتقد حين قمنا بأتبل واطهر ثورة فى التاريخ وحين وقف العالم كله منبهرا ومشيدا بها ، ان هذا سيكون حال المصريين بعد اشهر من الثورة ؟ من كان سيصدق ان المصريين سيسفكون دماء بعضهم فى محمد محمود ومجلس الوزراء وماسبيرو وبورسعيد وقصر الاتحادية ؟

ما كل هذا العنف ؟ وهل من ابجديات السياسة ان ترفض الآخر وتحاول اقصاءه وتحرق مقرات الاحزاب الاخرى ؟ وهل من الطبيعى ان تفقد صديقك او "تدلته " من قائمة اصدقائك لمجرد الاختلاف فى الرأى ؟ وهل من الديمقراطية او التحضر او الانسانية ان تصف المخالفين لك فى الرأى بأوصاف لا تليق مثل الخرفان او غيرها من المصطلحات الشائعة هذه الايام ؟ وهل من المقبول او المعقول ان يتحول الخلاف السياسى الى بغض وكره وضرب وحرق وان يكون المولوتوف والاسلحة البيضاء والرصاص الحى هى اسلوب الحوار مع الآخرين ؟

وهل من الطبيعى الا يستوقف كل ذلك من يسمون انفسهم بالنخبة وان يستمروا فى حرب المليونيات وحشد الجماهير خاصة الشباب الصغير وشحنهم بكل مشاعر الكره والرفض والعنف لتصفية الآخرين ؟

تبا لهؤلاء من سياسيين ، وتبا لتلك من نخبة ، وتبا لتلك من ديمقراطية اذا كانت قد تحولت على يد هذه النخبة الفاشلة الى عنف ودماء تجرنا الى حرب اهلية ، اقول ذلك لجميع من يساهم فى هذه الحالة المزرية التى وصلنا اليها ولا استثنى احدا .