الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فاز أردوغان وسقطت الليرة التركية والمعارضة السورية


المتابع لمسيرة اردوغان في تركيا منذ توليه رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية مؤخرًا يدرك جيدًا أن الجهات والأسباب التي دفعته وروجت له هي نفسها التي حافظت عليه طيلة هذه الفترة وهي نفسها التي ستطيح به حينما ينتهي مفعوله. ورغم الشخصية التي رسمها لنفسه يبقى اردوغان الكاريزما التي استطاعت خداع الشعب التركي ودول الجوار من دون منازع.

تركيا التي تشكلت على انقاض خلافة الرجل المريض وبيد موقعي المنتصرين في الحرب العالمية الأولى والثانية، هي نفسها تركيا التي سيتم تشكيلها ثانية على انقاض حفيد السلاطين وبنفس الأيادي المنتصرة في الحرب العالمية الثالثة والتي ما زلنا على أبوابها. إنها روسيا وانكلترا وفرنسا وامريكا الأيادي التي تحرك العرائس لإضحاك الجمهور تارة وابكائها تارة أخرى.

نقول أن هذه الأيادي هي المتحكمة بالمنطقة ليست لأنها القوية والعظيمة والتي تمتلك أسلحة زبانية جحنهم التي من خلالها يتم ترويع الشعوب وترهيبهم، في أن جهنم وأسلحتها الفتاكة هي عاقبة كل من لا يطيعها، نقولها لأننا ضعفاء وارتضينا لأنفسنا الخنوع والذل وتقبلنا نفسيًا في أنه ينبغي أن توجهنا قوة ما نطيعها ونقدم لها ما تريد. العيب فينا قبل أن يكون في الآخر المستبد والظالم والقاهر.

أردوغان، والتي اقتضت الدول الغربية مصالحها في هكذا شخصية، هي التي أوصلته لما هو عليه الآن. أرادت من تركيا أن تلعب الدور المنوط بها في المرحلة المقبلة وهي مرحلة تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير، وقالها أردوغان علانية بأنه خير متعهد لهكذا مشروع. وعليه كان فوزه بالانتخابات ضرورة لا مفر منها، حتى ولو حصلت المعارضة على كل الأصوات.

لم تنته الحروب في المنطقة إن كان في العراق وسوريا أو ليبيا والان في ايران وحتى أوكرانيا والصين. اللعبة مستمرة والواجبات الملقاة على عاتق أردوغان كثيرة وعليه أن ينفذها، وإن كانت له مشاريعه الخاصة في عثمنة تركيا وترويج الاسلام السياسي المعلمن، فهذا لا يجعله يتهرب مما عليه تنفيذه. وما انهيار العملة التركية مقارنة بالدولار في الفترة الأخيرة، ما هي إلا وخزة أذن له في حال تمرده على أسياده، فأنها ستودي به من الأساس.
ستستمر لعبة عملية هبوط الليرة في تركيا حتى يتم تسييس وارجاع أردوغان للحظيرة التي علفته وحافظت عليه طيلت السنوات السابقة. هو أدرك أن مشروعه في سوريا والعراق على حافة الافلاس والفشل وهو والمعارضة أول الخاسرين مما سمي زورًا وبهتانًا بالثورة السورية في يومٍ ما.

وبما أن ما كانت تسمى "المعارضة" السورية تخلت عن أسباب الثورة ومتطلبات الشعب، وارتهنت لأردوغان تركيا ومصالحه هو فقط وليس مصالح الشعب السوري، وكذلك لهثت المعارضة لتأمين الأمن القوي التركي ودافعت عنه بعدما تخلت عن الأمن الوطني لسوريا المستقبل. بات مصيرها متعلق بشكل مباشر مع الليرة التركية التي تترنح يمنة ويسرة، تستغيث بالقشة كي تحافظ على ماء وجهها في الوقت الضائع، وهي التي تُعرف في ألعاب الكورة بأنها حجرشة ما قبل الموت والتي تعتمد كليًا على القدر والحظ، والتي هي من صفات المغامرين ومراهقي السياسة والثورة. 

تعلمت امريكا وروسيا من المعارضة العراقية الكثير من الدروس والعبر وأنها لا تريد تكرار غبائها العراقي في سوريا. لأن المعارضة العراقية التي اعتمدت عليها في اسقاط صدام لم تكن بالمسؤولية التي تحافظ على العراق بعد السقوط. والمعارضة السورية ليست بأحسن حال مما كانت عليه المعارضة العراقية من قبل، هي نفسها التي ترتهن لمن يدفع أكثر وتتخلى عن الشعب والمجتمع وحتى عن الثورة كلها من أجل مصالحها العائلية والشخصية وليذهب المجتمع والشعب وحتى الدولة للجحيم.

تركيا خذلت المعارضة السنية العراقية ولم تساندها ولم تفسح الطريق لما كان يسمى قوات التحالف في استخدام الأراضي التركية لدخول العراق، والآن تركيا دعمت المعارضة السنية في سوريا وفتحت حدودها لكل الارهابيين لتدمير سوريا. والنتيجة هي وبما أن أردوغان هو نفسه إبان الأزمة العراقية والسورية وإن كان مع أو ضد، إلا أنه في النهاية ليس إلا عبارة عن محمول وآلة ينفذ ما يُطلب منه فقط. النتيجة هي تدمير البلدين وضياع المعارضة أو بالأحرى فشلهم في أن يكونوا معارضة وما هم إلا عن دمى وعرائس مثل أردوغان، وانتصر الكرد في العراق وكذلك سينتصرون في سوريا.

سقطت المعارضة السورية حينما ارتهنت لليرة التركية المترنحة بالأصل، ولكن هو المال والذي يعبده ويكون أسيرًا له لن يكون مصيره إلا مواخير عاهرات الثورة، مصيره سيكون متعلق بانخفاض القيم الأخلاقية والقيمة الاستهلاكية لليرة التركية، وسقطت المعارضة السورية من المكان نفسه الذي بدأت منه في درعا، وها هي اليوم تبكي على الأطلال ولسان حالها يقول: "هون حفرنا، وهون طمرنا" وباللهجة السورية لدراما الثورة السورية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط