الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ترامب.. سياسة القذف بالحجارة


الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شخصية سياسية عجيبة، عرف منذ اللحظات الأولى التي أعلن فيها نيته الترشح للرئاسة الأمريكية، أنه سيكون رئيسًا لقوة عظمى وأن أوباما أفقد الولايات المتحدة الأمريكية الكثير من هيبتها، لأن قوة واشنطن في ظهورها كقوة أعظم في العالم.

لكن ما لم يعرفه ترامب، أنه يفتقد لكثير من اللياقة السياسية وأن هذه العثرة في سياسته وتصريحاته ستكلف واشنطن الكثير والكثير، فالسياسي أو الزعيم الناجح، لابد وأن تكون عنده لياقة ولباقة سياسية.

وبدون استطراد قد يدفع إلى الملل، فإن السياسة التي ينتهجها ترامب حتى الآن، تبدو سياسة فظة وغير لائقة، أو على الأحرى سياسة تليق به وهو جالس مع رجل أعمال يعقد صفقة أو يبيع سلعة فتكون هذه هى عباراته وأدواته لإتمام صفقته بنجاح تام.

أما السياسة فشىء آخر، وما يخصنا في سياسة ترامب، هو تعامله مع ملفات الشرق الأوسط المزعجة والساخنة، وتصريحاته التي لا يهدأ عليها فتخرج سريعة حادة غير لائقة تسبب مشاكل.

وفي القضية الأخيرة لمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، افتقد ترامب الكثير من اللياقة السياسية، وتورط منذ اللحظة الأولى في الإدلاء بتصريحات عجيبة، وكان فيها الكثير من الإملاء.

صحيح أن الرياض تجاهلت هذه اللغة الفظة، وتعامل الملك سلمان بن عبد العزيز بحكمة بالغة مع القضية التي أثارت العالم، ولا تزال تثير ردود أفعال ضخمة، كما تحرك منذ اللحظة الأولى في سبيل أن الرياض ستعترف بمسئوليتها التامة عن الجريمة، وستحقق في الأمر على أعلى مستوى وبدأ الملك بإقصاء نائب رئيس الاستخبارات السعودي ومعه 17 متهمًا آخرين، كما بدأت النيابة العامة السعودية التحقيق في كل من له علاقة بالقضية.

لكن هذا لم يلغ تصريحات ترامب وفجاجته في التعامل مع الأزمة، وللأسف هذه طريقته في التعامل مع أزمات عديدة.

ولعلني هنا أصدق ما جاء في كتاب "الخوف" لبوب وودوارد من أن مساعدي ترامب يخفون عنه كثيرا من الملفات لأنهم يخشون أن تظهر فيها تصريحات متعجلة غير مهذبة من جانبه تؤثر على المصالح العليا لواشنطن.

فترامب رئيس مزعج حتى لمساعديه، وهو لا يحكم لوحده وهذه هى أمريكا، والسياسة لا تعرف القذف بالحجارة في التصريحات والتعليقات والرؤى كما يفعل ترامب.

أما القضية الأخرى التي لا تقف فيه أخطاء ترامب على تصريحاته التي تشبه القذف بالحجارة، فهى القضية الفلسطينية.

فمنذ أن تولى رئاسته وهو يتصرف باعتباره الناطق الرسمي الأول باسم تل أبيب، وهذه مشكلة ضخمة لأن واشنطن منذ 40 عامًا وهى الراعية لمفاوضات السلام وعملية التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين ولا يصح أن يخرج ترامب من هذا الدور بجرة قلم.

فالقضية الفلسطينية هى أم القضايا، صحيح أنها تمر بفترة برود سياسية لكنها اللهب الحقيقي ولو تفجرت انتفاضة كبرى بالأراضي المحتلة لأي سبب لاشتعل العالم العربي والإسلامى كله.

سياسة ترامب وقرارته ضد السلطة الفلسطينية قذف بالحجارة، وخطأ متعدد الأوجه ولابد لحكماء البيت الأبيض ولـ"جون بولتون" العجوز أن يبلغ ترامب أن سياسته تجاه الفلسطينيين خطأ فادح.

ولا أعرف إن كان مساعدو ترامب قبل تسلمه منصب الرئيس، قد انتبهوا حقيقة لهذه العيوب الطاغية في شخصية ترامب أم تفاجأوا بها في المنصب.

أستطيع أن أقول ومن واقع قراءة للمصالح العربية، أن سياسة ترامب المتعجرفة وتعامله مع القضايا الساخنة كأنه يجلس في سوق أو مزاد كبير يبيع فيها قوة أمريكا أو يزايد بها أو حتى يخيف بها من يهمه الأمر ليس لها إلا دولة واحدة تستحقها هى إيران.

لأن عيار الفرس أفلت، إن كان هذا صحيحًا وأصبح ملالي إيران يتصرفون في المنطقة كأنهم أصحابها الأصليون وكل من هم موجودين فيها غرباء!

إيران فقط يا سيادة الرئيس ترامب، التي تحتاج منك إلى عدم لباقتك السياسية وتحتاج إلى ضربة عسكرية، أما غير ذلك من الملفات والقضايا العربية فحلها بالسياسة التي تتقدم أفعالها على كلماتها، كما أن التغريد عبر "تويتر" لا ينبغى له أن يكون معبرا عن سياسات قوة عظمى، فالتغريدة قد تحذف لكن آثارها وتداعياتها ستظل في الواقع والوجدان.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط