الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ترامب بطل وطني؟!


قد تبدو فوضى وهراء يعقبهما هستيريا عندما تشاهد الرئيس الأمريكي ترامب في أحد لقاءاته الصحفية خلال تحدثه عن قضية ما تمس الشأن الداخلي الأمريكي أو الدولي، لكن إذا ما نظرنا من زاوية مختلفة، زاوية صانع القرار الوطني سنجد أن ترامب شخصية وطنية من الطراز الفاخر تدافع عن هوية ومصالح وطنها بعيدًا عن الكلام المزخرف الذي اعتاد عليه الشعب الأمريكي لعقود.

وفي أقصى الجنوب الأمريكي.. تسونامي بشري يزحف من جواتيمالا وهندوراس والسلفادور وجيرانهم نحو المكسيك هدفهم الأراضي الامريكية لنيل المزايا الاقتصادية والمعيشية الممتازة التي تزخر بها، ففي لقائه، أكد ترامب على أن حق اللجوء ليس برنامج رفاهية اجتماعية يمنح للفقراء بالعالم وإنما حق يُمنَح لمن يتعرضون للاضطهاد في بلدانهم كما تنال حياتهم وبقاؤهم قسطًا من التهديد، الرجل محق فيما يقوله، بل لفت انتباهي جملة قالها خلال لقائه هذا الأسبوع حيث قال إن مَن يحصلون على حق اللجوء بالولايات المتحدة يختفون تمامًا بعد دخول أراضيها وذلك حتى لا يتم ترحيلهم في المستقبل مع زوال سبب لجوئهم، وهي نفس المشكلة التي تواجهها ألمانيا حيث قررت ترحيل 69 لاجئا أفغانيا من أراضيها في يوليو الماضي بل وتعتزم ترحيل المزيد مع استقرار الوضع الأمني في أفغانستان.

وبعد عقود طويلة من ضخ مليارات الدولارات لدول الكاريبي بحجة دعم الإصلاح والتنمية الاقتصادية التي بات نجاحها محل جدال واسع هناك، أصر ترامب في لقائه الإعلامي الأخير على تغيير تلك السياسة التي لا تحمل أية جدوى بل انعكست على أزمة قوافل المهاجرين الجرارة التي تطرق أبواب الولايات المتحدة اليوم بعد القائهم الحجارة على الشرطة والجيش المكسيكي. 

وأكد أنه لن يدفع أموالا بعد اليوم لتلك الدول مادامت لا تعطي الولايات المتحدة شيئا في المقابل، بل اتخذ موقفا أكثر حدة تجاه دول حلف الناتو وخاصة (ألمانيا) التي تستفيد من مظلة الدفاع والأمن الأمريكية الممولة بنسبة 71.1% من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين منذ تأسيس الحلف عام 1949 في حين تدخر ألمانيا ميزانيتها لتحقيق مزيد من الثروة والانتعاش الاقتصادي! مما دفع ترامب للتأكيد أنه سيجعل ألمانيا تدفع حتى تنعم بجنة الدفاع الأمريكي.

وعلينا أن نتذكر ما حدث عام 2017 عندما استهل ترامب فترة رئاسته بقرار حظر دخول الأراضي الأمريكية على 6 جنسيات منها الجنسية العراقية والليبية، ثم هدأت العاصفة ليتم تنظيم جوهر "الحظر" لتطرح الخارجية الأمريكية مزيدا من القيود والتدقيق على المهاجرين من تلك الدول كبديل للحظر الشامل، لكن قرار الحظر نفسه لا يعكس سوى زاوية إدراك صانع القرار الأمريكي لتهديدات الأمن القومي والسياسة المناسبة للتعامل معها.

200 مليار دولار رسوما جمركية إضافية في سبتمبر الماضي على صادرات صينية حيوية للسوق الأمريكي يعد بلا أدنى شك قرارًا أمريكيًا وطنيًا يهدف لحماية الصناعة ودوائر الإنتاج الوطني بل وابطاء معدلات نمو الاقتصاد الصيني، ورغم أن الكثيرين أكدوا أنه ضار للمنتج الأمريكي نفسه إلا أنه الأكثر فاعلية في الوقت الراهن كما تراه الإدارة الامريكية الحالية.

الرئيس الأمريكي الخامس والأربعين قد يبدو جراحًا فضل أن يجري جراحة عاجلة لمشاكل أمريكا وقال كفى للمسكنات والخطب المعسولة التي اعتاد الرؤساء السابقون بثها للشعب الأمريكي، ليت كل الحكام ترامب.. ليتهم يضعون بلادهم أولًا وينحازون للمصلحة الوطنية حتى لو كره الكارهون.

سواء أيده الآخرون أو لم يؤيدوه، الرجل يخدم بلاده ويتخذ ما يراه مناسبًا لحمايتها والدفاع عنها، بل يثبت للعالم أنه رغم التحاف أمريكا بقيم الديموقراطية والحرية إلا أنها لن تتنازل عن ثوابت المصلحة الوطنية الأمريكية من أجلها، وتأتي المصالح الاقتصادية والعسكرية الاستراتيجية على قمة تلك الثوابت من أجل ضمان قرن آخر من الهيمنة الأمريكية على العالم.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط