الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لا للاقتصاد الموازي!


في الوقت الذي يتطلع الرئيس جاهدًا لجمع كل جنيه لصندوق تحيا مصر بعد أن تحدث بكل شفافية ومصداقية عن فلسفة هذا الصندوق العظيم وهدفه الجلل، لا يزال هناك اقتصاد موازٍ يلتهم أحد حقوق الاقتصاد الرسمي للدولة بشكل أو بآخر.

"الانفتاح سداح مداح" كلمات كتبها الصحفي الكبير أحمد بهاء الدين وأثارت استياء الرئيس الراحل أنور السادات وقتها، ولعل كليهما كان على صواب، فكان السادات يهدف للانفتاح ويحلم بآفاق جديدة، كانت تجربة جديدة ولكن الكاتب أحمد بهاء الدين ارتأى ما سوف يسببه الانفتاح من تأثر للصناعة الوطنية والاقتصاد الرسمي فضلا عن التلاعب بالذوق العام .

فالشمول الاقتصادي والمالي ونظام الاقتصاد الرسمي في أي دولة هو نظام محكم يحتّم على أي مشروع أو عمل خاص أو ربح للقطاع الخاص أن يكون تحت مظلة الدولة، يؤدى ما عليه من ضرائب أو قيمة مضافة أو ضريبة تنمية موارد دولة وهنا تتحقق العدالة الاجتماعية التي طالب بها الشعب المصري في 2011م .

ولكن ليس الوضع هكذا، وذلك لعزوف الكثير من المحال والمشاريع بكل أحجامها عن اتباع ذلك النظام؛ فكم من متجر ملابس واكسسوار نسائى؛ والتي تحظي بقوة شرائية عالية، كم من مقهى وبائع جائل ومحال لبيع الحليّ الذهبية والفضية في وسط القاهرة ولديهم ميزانية كبيرة لبضائعهم وهامش ربح عالٍ ؟

كم من وسيط يقدم خدمة ويتقاضى عليها أجرَا دون أن يفي حق الدولة؟ كم من محال الهواتف المحمولة التي باتت تعمل ليلا نهارًا على كل فرد في المجتمع ؟ كم من المخابز الخاصة والصيدليات و محال المستلزمات الطبية التي تخرج عن نظام الاقتصاد الرسمي للدولة ؟

ربما ننظر لكل تلك الأنشطة التجارية وكأنها بسيطة ولن تؤثر إذا أدت ما عليها وأخذت ما لها، ولكن في الحقيقة أن الأرقام تصنع المفاجآت، فالأرقام البسيطة التي سيؤديها صاحب المشروع ستؤثر بشدة وستُثرى الاقتصاد المصري، ليس الفائدة للاقتصاد المصري هنا فقط ولكن على القطاع الخاص أن يعي أن بدخوله تحت مظلة الدولة والمعاملات الرسمية، يؤمّن أمواله وله من الخدمات والمرافق والدعم ومعايير الأمن والسلامة ما لغيره .

إن سيادة الدولة المصرية تحتّم عليها أن تملك القبضة الكاملة لا على الشارع المصري فقط ولا على إرساء سياستها الخارجية والداخلية فقط ، بل تلزمها بأن تملك القبضة وأن تكون اليد العليا في كل المعاملات المالية والحركات الشرائية وأن تكون تحت رؤيتها، تمنح الحرية للجميع ولكن تحتفظ بالسيادة لها، تستطيع من خلال تلك السيادة التحكم في ضوابط السوق، تستطيع أن تتحكم في الذوق العام بتشجيع بعض المنتجات أو الصناعات أو الأنشطة التي ترى بعينها ورؤيتها أنها سترتقي بالذوق العام أو أن لها فائدة ما للصحة العامة للمواطن المصري التي باتت من أولويات القيادة المصرية .

ففي ظل ذلك العصر لا يمكن أن يكون هناك اقتصاد موازٍ حتى وان كان صغيرًا ، فكلنا لابد أن ننعم بالحرية في إطار من القواعد والقوانين والعدل.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط