الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عندما يشرب الرجل العصير!


أَحَبَّها حُبا جما من الوهلة الأولى حين رأها في حفل زفاف صديقا له، وبشجاعة المقاتل ذهب إليها على الفور وتعرف عليها وعلى والدتها التي كانت بصحبتها، وحاول التودد بشتى الطرق للأم التي كانت في الأصل تتفقد شباب الحاضرين بحثا عن عريس لبنتها الجميلة، وقد ارتاح فؤاد الأم لهذا الشاب الذي بدى على ملامحه الوقوع في عشق ابنتها، خاصة وأن مظهره وطريقة كلامه ومفتاح سيارته كل ذلك يدل على مستوى اجتماعي ممتاز، فهمست في أذن ابنتها قائلة (هو ده) فبادلته البنت بدورها نظرة بنظرة وكلمة بكلمة وتبادلا أطراف الحديث طوال الحفل في سعادة غامرة، وفي نهاية الحفل قام الشاب الشهم بتوصيلهما بسيارته إلى البيت، وبالطبع تبادلا أرقام الهواتف وفي ذات الأسبوع تقدم لخطبتها ووافق الأهل وتمت الخطبة.

في أول لقاء خارج المنزل بعد إتمام الخطبة دعاها لتناول مشروب في أحد الأماكن السياحية على النيل، حيث الطبيعة الجذابة ليستمتع بالماء والخضرة والوجه الحسن، وحين سأل الشاب المفتون بصوت حنون: تشربي إيه يا حياتي؟ فاجأته قائلة أشرب قهوة سادة من فضلك.

حينها قال المُحب الولهان: قهوة إيه بس يا حياتي، أطلبي أي عصير فريش، فتغيرت ملامح وجهها وقالت له: قولت لك عاوزة قهوة سادة، اطلب العصير لنفسك.

وبالفعل طلب الشاب الهادئ عصير ليمون لنفسه وقهوة سادة لمحبوبته التي بدت عليها ملامح العصبية، لم يدرك حينها أن القهوة والعصبية هما نمط حياتها، يجب عليه أن يأتلف ذلك بل ويتعايش معه إن شاء أو يرفض من البداية، كان عليه أن يدرك أن مشروبها الأساسي هو القهوة السادة مشروب القادة والمفكرين وأن ذلك يعطي دلالة واضحة عن شخصيتها الجادة والمسيطرة أيضا، كان هذا اللقاء بمثابة الإشعار الأول لنمط الحياة معها، فهي شخصية دائمة الفكر والتركيز والإصرار ولا يوجد لديها مساحة للتفاوض.

استسلم الشاب المُحب للأمر الواقع وقبل محبوبته ذات الشخصية القوية، بل واعتاد دائما أن يطلب لها القهوة السادة بينما يشرب هو العصير الفريش في هدوء تام، واستمرت الخطبة حوالي ستة أشهر ثم كان الزفاف لتسقط الأقنعة.
شخصية عصبية متمردة، قائدة رافضة، لا تقبل المناقشة فيما تصدره من قرارات، وعليه أن يتحمل فهو الذي قبل من البداية أن يشرب العصير.....
وتقودني هذه القصة إلى واحدة من أغانينا الشعبية وهي أغنية (مشربش الشاي) للفنانة "ليلى نظمي"، والتي وضح فيها الأدب الشعبي المصري أنه من علامات الأنوثة والدلال عند المرأة المصرية ألا تشرب الشاي، حيث أن الشاي قد يسبب لها قليلا من التوتر والعصبية، ولم يذكر الشاعر القهوة كمشروب للمرأة من قريب أو بعيد، حيث يبدو أن هذا الاختيار لم يكن متاحا من الأساس للمرأة الناعمة ....
إليكم بعضا من كلمات الأغنية:
مشربش الشاي .. أشرب أزوزة أنا 
هو عطاني مروحة .. وانا عطيته مروحة 
محلى صباحك في الضحى .. وانا مشربش الشاي
هو عطاني شمسية .. وانا عطيته شمسية 
محلا لقاك في العصرية .. وانا مشربش الشاي
هو عطاني مشمشه .. وانا عطيتة مشمشه 
محلا الكلام بعد العِشا .. بس انا مشربش الشاي أشرب أزوزة أنا.
في النهاية المرأة اليوم غير المرأة سابقا، فهي تنزل الآن إلى ميدان العمل وتتعرض بشكل يومي للكثير من الضغوط الوظيفية و المهاترات النفسية التي ربما لا تطيقها، مما يجعلها تُقبل على احتساء القهوة لتكتسب قليلا من الإتزان النفسي، وأنا لا أطلب منها أن تتوقف عن شُرب القهوة ولكن أقول لها توقفي فقط عن إصدار القرارات داخل البيت واتركي ذلك للرجل، وأنت أيها الرجل إياك أن تشرب العصير ،،،، دُمتم بخير وفن.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط