الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حيرة أردوغان بين روسيا والأمريكان


تحلم بالزعامة وعودة المجد العثمانى، تزوغ عيناها يمنة ويسرة، تمد ذراعها في كل شبر في الشرق الأوسط، في السودان وليبيا، الجزائر وتونس، فضلا عن العمق السوري والعراقي، ولا تنسى أوروبا أبدا، برغم أن لها أصدقاء فيها، لكنه المجد الواهم، والخليفة الزائف المنهزم أردوغان، فعلى يديه لم تعد تركيا تلك الدولة المحبوبة، التي يهفو الناس إلى زيارتها، فوضع هذا البلد بسياساته الاستعمارية التدخلية أمام تحديات ترتفع إلى أعلى الدرجات مع الوقت، ذلك كله بسبب صراعه مع الدول المجاورة وحلفائها.

فتركيا لا تتنازل عن جدول أعمالها الدولي برغم المشاكل التي يواجهها أردوغان على الساحتين الداخلية والخارجية، وهي تعد كثيرة وتضع تركيا أمام تحديات عدة.

ولا شك أن الفشل الذريع الذي أصاب أردوغان وحزبه "العدالة والتنمية" في الانتخابات المحلية يعد أول دليل للضعف الذي يعيشه النظام عند العديد من الجماهير التركية التي ملت من الوضع القائم.

وباتت الساحة الدولية تترقب وتراقب، لترى كيف يتعامل أردوغان مع هذا الفشل المؤلم والمخزى، وهل يستطيع استعادة زمام الأمور في إسطنبول مرة أخرى أم تتسرب من بين يديه؟

ويا ليت الأمر يقف عند فشله في الانتخابات المحلية، بل يتضاعف هذا الفشل مع وضع تركيا المهزوز اقتصاديا، فلا يزال أردوغان يعاند الأصوات الخارجية الداعية إلى إجراء إصلاحات داخلية جوهرية، بالإضافة إلى تعيين جهات مختصة ذات الخبرة في إعادة إعمار أوضاع اقتصادية صعبة.

أما على الساحة الدولية، فيغرق أردوغان كليا في الصراع المتواصل مع الولايات المتحدة في ظل رفضها لتأمين الطائرة المتقدمة من طراز إف 35، لجيشه التي تنتظرها تركيا بفارغ الصبر، بل قامت ببناء منشآت كثيرة خاصة بها، حيث يقبع أردوغان بين المطرقة (روسيا) والسندان (الولايات المتحدة)، ويجب عليه حاليا اتخاذ القرار، إما يقوم بشراء المنظومات الروسية المتقدمة المضادة للطائرات إس 400، أو شراء منظومة الباتريوت الأمريكية الشبيهة جدا بالمنظومة الروسية، برغم أن قراره هذا سيكون ذا تأثير واسع على المصانع العسكرية في تركيا، وعلى علاقاتها مع العديد من الشركات الدولية.

لكن الأهم من ذلك من وجهة نظري، هو تهديدات الرئيس الأمريكي ترامب الأخيرة حول أنه "سيقوم بهدم الاقتصاد التركي في حال لا تقوم تركيا بتغيير سياستها تجاه الشرق الأوسط" فهي تخلق حالة خوف عميق وغموض بالنسبة لجذب الاستثمارات الأجنبية في تركيا في الفترة الأخيرة، وبرغم هذه التحديات الكبيرة التي تشهدها تركيا في جذب الاستثمارات الخارجية التي لها انعكاساتها الواضحة على أركان الحكم في أنقرة، فإنها لا تبادر إلى مواجهتها، بل تحرص في عناد غريب، وكأنها تعشق ذلك، على استضافة العديد من التنظيمات الإرهابية على أراضيها مما يتيح لمسئولى هذه التنظيمات العمل والتحرك بحرية، حتى إذا كان أمن جيرانها هو المستهدَف المباشر.

ولا تبالي تركيا بأي اتهامات توجه إليها، لأنها ببساطة ترحب بمحركي الإرهاب، حيث شكلت أراضيها نقطة لانطلاق مندوبي هذه التنظيمات في طريقهم للعمل في الشرق الأوسط معتمدين على الساحة التركية كقاعدة أساسية.

ولعل من المفيد أن نذكر أن أبرز تلك التنظيمات تنظيم داعش الذي حول أغلبية نشاطاته إلى تركيا، ولا ننسي الإخوان المسلمين، وكذلك حماس التي تعتبر من أكرم ضيوف السلطات التركية، وتحظى قياداتها بتأييد النظامين التركي والإيراني، غير مبالية أن العديد من الدول أنها تعتبر هذه التنظيمات جماعات إرهابية.

وأمام هذه المعضلات وكيفية الخروج منها، فيبدو أن تركيا ستضطر إلى تسوية عملها في شرقي حوض البحر المتوسط، وتجنب الخلاف الناشئ مع جيرانها حول حقول الغاز وعلى رأسها مصر وقبرص اللتان لن تتخليان أبدا عن حقوقهما.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط