الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سيد مندور يكتب : مصر أم البلاد

سيد مندور
سيد مندور


مصر يا أم البلاد .. عبارة نسمعها، فمن الذى أطلق على مصر هذا الإسم؟
إنه نبى من كبار الأنبياء، وأول نبى أرسله الله سبحانه وتعالى إلى الناس، إنه صاحب السفين، إنه نبى الله نوح عليه السلام حينما دعا لمصر.

يقول عبدالله بن عباس : " دعا نوح عليه السلام لابنه بيصر بن حام أبو مصر، فقال: اللهم إنه قد أجاب دعوتى فبارك فيه و فى ذريته وأسكنه الأرض الطيبه المباركه التى هى أم البلاد وغوث العباد" .

فهى حقا أم البلاد، وقد كان لها حظا فى دعاء الأنبياء، يقول عبدالله بن عمرو : "لما خلق الله آدم، مثل له الدنيا شرقها وغربها وسهلها وجبلها وأنهارها وبحارها وبنائها وخرابها ومن يسكنها من الأمم ومن يملكها من الملوك. فلما رأى مصر رآها أرض سهلة ذات نهر جار، مادته من الجنه، تنحدر فيه البركه، و تمزجه الرحمه. ورأى جبلا من جبالها مكسوا نورا لا يخلو من نظر الرب إليه بالرحمه فى سفحه أشجار مثمرة فروعها فى الجنه تسقى بماء الرحمه. فدعا آدم للنيل بالبركة، ودعا فى أرض مصر بالرحمه و البر والتقوى و بارك على نيلها و جبلها سبع مرات .

وقال : يأيها الجبل المرحوم سفحك جنه، وتربتك مسك يدفن فيها غراس الجنه ،ارض حافظه مطيعه رحيمه لا خلتك يا مصر بركة ولازال بك حفظ ولا زال منك ملك و عز. ( أورده السيوطى جزء 1 ص 20 نقلا عن بن زولاق ).

ولم يقف الأمر عند هذا أيضا بل ولد على أرضها من الأنبياء إبراهيم الخليل، وإسماعيل ،وإدريس، ويعقوب ، و يوسف، واثنا عشر سبطا. وولد بها موسى، وهارون، ويوشع بن نون، ودانيال، وأرميا ولقمان.

وكان بها من الصديقيين والصديقات مؤمن آل فرعون الذى ذكر فى القرآن فى مواضع كثيرة وقال على بن أبى طالب كرم الله وجهه اسمه حزقيل، وكان بها الخضر، وكذلك آسية امرأة فرعون وأم إسحاق ومريم ابنه عمران ، وماشطه بنت فرعون. ومن مصر، تزوج إبراهيم الخليل هاجر أم اسماعيل و تزوج يوسف من زليخا، ومنها أهدى المقوقس الرسول عليه صلوت الله وسلامه عليه ماريا القبطيه فتزوجها وأنجبت له إبراهيم .

أما عمر بن الخطاب رضى الله عنه فقد كتب إلى عمرو بن العاص قائلا: "أما بعد فإنى قد فكرت فى بلدك وهى أرض واسعه عريضه رفيعه قد أعطى الله أهلها عددا وجلدا وقوة فى البر والبحر قد عالجتها الفراعنه وعملوا فيها عملا محكما مع شدة عتوهم فعجبت من ذلك وأحب أن تكتب لى بصفة ارضك كانى انظر إليها.. والسلام .

فكتب إليه عمرو بن العاص: "قد فهمت كلامك وما فكرت فيه من صفه مصر مع أن كتابى سيكشف عنك عمى الخبر ويرمى على بابك منها بنافذ النظر وإن مصر تربه سوداء وشجرة خضراء بين جبل أغبر ورمل أعفر، قد أكتنفها معدن رفقها (أى عملها) ومحط رزقها ما بين أسوان إلى منشأ البحر فسح النهر(تدفقه) مسيرة الراكب شهرا كأن ما بين جبلها ورملها بطن أقب (دقيق الخصر).

وظل يصف مصر، حتى ختم كلامه قائلا: "تبارك الله الفعال لما يشاء و إن خير ما اعتمدت عليه فى ذلك يا أمير المؤمنين الشكر لله عز و جل على ما أنعم به عليك منها فادام الله لك النعمة والكرامة فى جميع أمورك كلها.. والسلام".

و قد ذكر الكثيرون من الأوائل و غيرهم من فضائل مصر وأهلها الكثير وما يناله أهلها من البركه والرزق والخير.

هذه مصر التى حفظها الله بحفظه ورعاها.