الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المفتى السابق يبعث برسالة للمعلمين.. تعرف عليها

المفتى السابق يبعث
المفتى السابق يبعث برسالة للمعلمين

قال الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، عضو هئية كبار العلماء، إنه يدعو الله - سبحانه وتعالى- أن يعود المعلم إلى الحالة التي وصفها شوقي، حين قال:« قم للمعلم وفه التبجيلا * كاد المعلم أن يكون رسولًا».

وأضاف«جمعةۚ» عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعى«فيسبوك» أنه يريد أن يرسل للمعلمين بعض كلمات من كلام رسول الله ﷺ ‏, وهى كلمات ترسم لنا الطريق المستقيم وكفيلة بأن تغير حياتنا، ومما قاله ﷺ : «يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق‏، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف‏، وما لا يعطى على ما سواه»، رواه الإمام مسلم.

واستشهد أيضا بحديث الرسول – صلى الله عليه وسلم- « إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه‏، ولا ينزع من شيء إلا شانه»، رواه مسلم، فأمر رسول الله ﷺ أم المؤمنين‏، وأمر الأمة من ورائها‏:‏ بالرفق‏.‏

وأوضح أن الرفق يكون مع النفس‏ والناس‏، ويكون ايضًا مع الكون‏,؛ فبكل ذلك أمر الرسول ﷺ ، مبينًا أن للرفق علاقةُ وثيقة بالحياء، وتتضح هذه العلاقة فى قيام العلماء العارفون بجعل باب الرفق مع باب حسن الخلق والحياء؛ وكأن هناك صلة بين الرفق وبين الحياء‏.

وتابع: "والنبي ﷺ قال‏ فيما روى عن عمران بن حصين:‏ «الحياء خير كله»، رواه مسلم، وروي أيضًا أنه ﷺ«مر على رجل من الأنصار يعظ أخاه‏، أو يعاتب أخاه في الحياء‏، فقال له‏:‏ دعه فإن الحياء من الإيمان‏»، رواه البخاري ومسلم .‏

ومشيرًا إلى أن النبي ﷺ يعلو بالحياء إلى أن يقول فيما رواه الحاكم وابن أبي شيبة عن ابن عمر‏:‏« إن الحياء والإيمان قرنا جميعا‏، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر»‏؛ فصفة المؤمن‏:‏ الحياء‏، وصفة الفاجر‏:‏ الفجور‏، وهو نوع من أنواع العنف، أما الحياء فهو نوع من أنواع الرقة التي أمر بها رسول الله ﷺ ‏.‏

ومنوهًا إلى أن الحيي لا يمكن أن يكون عنيفا‏، ولا يمكن أن يكون قاسي القلب‏، فرسول الله ﷺ يعلمنا أن هذه الأخلاق بعضها يخدم بعضًا، وبعضها يؤيد ويساند بعضًا فيقول‏ ﷺ:‏ «ألا أخبركم بأهل النار؟، قالوا‏:‏ بلى‏، قال‏:‏ كل جواظ جعظري مستكبر»، رواه أحمد.
ومستكملًا: " وانظر إلى اختيار سيدنا رسول الله ﷺ، وهو أفصح العرب‏، لهذه الكلمات الصعبة‏، ليوافق المبني المعنى‏، وليوافق نظر مستمع من هذه الألفاظ نظرة النفس منها‏: «جواظ جعظري»‏ كلمات صعبة وغير مفهومة لعموم الناس‏؛ تستدرك المسألة‏:‏ وما الجواظ؟ وما الجعظري؟، الجواظ‏:‏ الجماع للمال‏: الذى لا يريد أن ينفق شيئا منه في سبيل الله‏، ولا يريد أن يخرج حتى حق الله فيه من الزكاة، وبذلك يكون عنيفا مع مجتمعه وناسه‏، فليس العنف مقتصرا في القوة‏؛ وليس العنف مقتصرا على الهمجية‏؛ ولكن العنف قد يكون سلبيا بمنع حق الله سبحانه وتعالى‏؛ فالجواظ: هو من يجمع ويمنع‏؛ يجمع من لطف الله ما شاء الله به عليه‏، ثم يمنعه أن يصل وأن يدور كما أمرنا الله من ماله أن يكون‏.


و مواصلًا: " أما الجعظري فهو: قاسي القلب الذي لا ينتهي إذا ما كلمته بموعظة ينظر إليك باستهزاء وعلو‏، وإذا ما ذكرته بالموت لا يرق قلبه‏ ولا تهدأ نفسه‏، ولا يخشى من مقابلة الله - سبحانه وتعالى-‏ ولا تدمع عينا، وهذا نوع من أنواع العنف‏".
ومبينًا أن النبي ﷺ جاهد في سبيل الله‏,‏ جاهد بشرف وبلطف ولغاية ؛ولم يكن عنيفا‏، يصفه الصحابة الكرام بأنهم عندما كانوا يصافحون يده الشريفة كانوا يجدونها أملس من الحرير ﷺ؛ لكنه كان فارسا‏ يقولون عنه في حربه‏:‏ «كنا إذا احمر البأس ولقي القوم القوم اتقينا برسول الله ﷺ، فما يكون من أحد أدنى من القوم منه».‏

ومتابعًا: أنه كان لا يغضب، ونصح أصحابه بألا يغضبوا‏، وقال‏:‏ «لا تغضب ولك الجنة»، رواه الطبرانى، وذلك باستثناء إذا ما مست حدود الله - سبحانه وتعالي‏-،وما انتقم رسول الله ﷺ لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها ‏(البخاري‏)، وإذا ما رأى المعصية أمامه فإنه يغضب بشدة، لا بعنف‏؛ لأنه أمر لا يرجع إلى ذاته الشريفة‏، إنما يرجع إلى تبليغ الرسالة‏ وإلى إقامة حدود الله بين البشر‏؛ فقد جاءه أعرابي فأمسكه من ثيابه وخنقه ﷺ حتى كاد الصحابة أن يهموا به يقتلونه‏؛ فما زاده الجهل عليه إلا حلما‏، وما زاده ذلك إلا أمانة‏.‏

ومختتمًا أن وراء هذا الرسول شيء ليس بمنظور لنا؛ ينبغي عندما نتخلق بأخلاق الدين أن نثق بما في يده - سبحانه وتعالى- أكثر من ثقتنا بما في أيدينا‏، وأن نترك هذه الغشاوة التي يعيش فيها عموم الإنسان بأن يثق بالمحسوس أكثر من ثقته بربه الذي خلقه‏؛‏
فهذه أسرار علمنا إياها رسول الله ﷺ ‏؛ وهى مفقودة لا يعرفها كثير من البشر‏، ومن كثرة إلفنا لها استهنا به‏,‏ ومن كثرة تكرارها على أذهاننا وأسماعنا اعتقدنا أنها دون الحقائق العليا‏!!؛ إلا أن هذه هي الحقيقة‏:« فيا أيها المعلم‏ لا تجرب مع الله‏، وجرب نفسك مع الله‏؛ لا تجرب الله فما كان الله ليمتحن‏,‏ حاشاه وجل جلاله‏؛ إنما جرب نفسك مع الله؛ وانظر حتى يفتح عليك فتوح العارفين به سبحانه‏.‏