EN 
لقد رأينا في مصر ثلاثة أنهار نهر النيل ونهر البشر ونهر الدموع ومن هنا عرفنا عظمة الرجل هذا ما وصفت به النيوزويك الامريكية مشهد رحيل الزعيم الخالد جمال عبد الناصر الذي عكس مكانة استثنائية فلم يخلد زعيم في ذاكرة الشعوب مثلما خلد ناصر فزعامته لم ينتهي بريقها بوفاته بل ازدادت قوة واتسع تأثيرها.
وانتقلت لاجيال لم تعاصره افتتانا بمشروعه السياسي فهو الفكرة الحالمة لوطن افضل والنموذج الثوري والاصلاحي لشعوب طامحة الي التحرر لذلك انطبعت صورة عبد الناصر في قلوب الملايين قبل ان تكتب علي صفحات التاريخ فلم يكن مجرد صفحة ناصعة في كتب التاريخ بل فكرة انسانية صانعة للتاريخ.
استطاع عبد الناصر ان يكون انعكاسا صادقا لامته وشعبه متسلحا بصدق مطلق وشجاعته حاضرة وانجازات شكلت هرما يضاهي اهرامات الفراعنة العظام داخليا وخارجيا.
داخليا استطاع النهوض بالبلاد وبناء دولة حديثة مستقلة بالرغم من التحدي الاكبر في كون مصر بلد زراعي شبه اقطاعي واغلب سكانه من الاميين ولكنه مد لهم يد العون ليشاركونه الحلم بمصر الجديدة فأسس قاعدة قوية للصناعات الوطنية الثقيلة والتحويلية والاستراتيجية انشأ مئات المصانع والقلاع الصناعية الكبرى في المحلة الكبرى وكفر الدوار وشبرا الخيمة وفي حلوان ونجع حمادى والمصانع الحربية وكان بناء السد العالي احد اهم الانجازات العملاقة التي التف حولها عموم الشعب.
فحقق لمصرمعدلات نمو اقتصاديةغيرمسبوقة بلغت 7٪سنويا ساهمت بشكل كبير في الارتقاء بالمجتمع المصري وبشهادة المؤسسات الدولية كان اقتصادمصر في نهاية الستينات أقوى من اقتصاد كوريا الجنوبية وفائضها من العملة الصعبة يتجاوز المائتين والخمسين مليون دولار.
أستطاع ناصر بافكاره وتطلعاته الوطنية ان يعيد بناء مصر عسكريا بتسليحه وتطوير جميع منظوماته ومكوناته بل استطاع ان يعيد صياغة الهوي المصري اتجاه جيشه.
وكان الانجاز الاعظم في ملف العدالة الاجتماعية من خلال اصدار حزمة قوانين اصلاحية قضت علي التفاوت الطبقي الكبير الذي خلفه العهد الملكي البائد فاعاد رسم وصياغة التسلسل الطبقي من خلال خلق انماط جديدة امتدت في عمق المجتمع المصري ومن رحم اصلاحاته ولدت الطبقة الوسطي لاول مرة في تاريخ مصر.
وكانت المهمة التنويريةهي الشغل الشاغل وفي صدارة اولويات ناصر وكان الاتجاه لاعادة صياغة الهوية الثقافية للمجتمع وبناء الانسان واعادة تشكيل وجدانه الجمعي وإخراج الثقافة من دائرة النخبة إلى دائرة العامة وقد كان.
ملف الانجازات الخارجية لناصرلا يقل مكانة عن الانجازات الداخلية وقد استندت السياسة الخارجية المصرية في عهد ناصر إلى دوائر ثلاثة الأولى الدائرة العربية وقد اولي عبد الناصر اهتماما بالغا للامن القومى العربي فأى تهديد لأى بلد عربى يعد تهديدًا لكافة البلدان العربية ومن هنا جاءت فكرة الوحدة وتحققت مع سوريا ولاقت صدي واسعا اقليميا ودوليا واستطاعت التجربة الناصرية لاول مرة في حالة استثنائية توحيد الشارع العربي تحت راية القومية العربية وحلم الوحدة العربية وكان للدور المصري النشط الذي لعبته سياسة عبد الناصردورا كبير في دعم القضية الفلسطينية.
وكانت الدائرة الثانية افريقية وكان التوجه نحو القارة الإفريقية ذا أهمية استراتيجية كبرى بالنسبة لمصر خصوصًا دول حوض النيل واولاهاعبدالناصرأهمية كبرى فقامت بدور كبير في دعم حركات التحرر والتنمية لافريقيا وتبلور ذلك بدعم مصر للامحدود لانشاء منظمة الوحدة الأفريقية.
وكانت الدائرة الثالثةوالأخيرة الدائرة الإسلامية التى تتداخل مع الدائرة العربية والإفريقية آملا فى إرساء تعاون قوى بين مختلف الدول الإسلامية يساعد على توظيف إمكانياتها لصالح شعوبها فانشأعبدالناصر منظمة المؤتمر الإسلامى التى جمعت كل الشعوب الإسلامية.
زعامة جمعت بين الكاريزما وقوة سياسات الزعيم عبد الناصر داخليا وخارجيا ومما أعطاه قوة فوق القوة التي منحته إياه سياساته وشخصيته هو دعم حركات التحرر فقد كان حلم التحرر من الاستعمار مستحيلا إلا أن عبد الناصر جاء ترجمته علي ارض الواقع فمصر عبد الناصر كانت قاعدة للتحرر الوطني للعديد من دول العالم الثالث في افريقيا واسيا وأمريكا اللاتينية فكان ناصر علي قدر مستوى طموحات الاحرار ساند كل حركات التحرر والنضال تصدي بجسارة لكل أشكال الاستعمار فكان لسياساته تاثير كبير علي مجريات الأحداث. ولا ننسى دور مصر ناصر في مرحلة الحرب الباردة فكانت اهم مؤسسي حركة عدم الانحياز.
ناصر صاحب نهر لا ينضب من العشق المترسخ في وجدان المصريين وصاحب مقام رفيع في قلوب الجماهير العربية من المحيط للخليج ويتمتع بمكانة فريدة وخاصة جدا في قلوب جميع الشعوب الافريقية والعالم الثالث
بالرغم من ان عمر حكمه لا يتجاوز 18 عاما عندما غادر مسرح الحياة الا انه ظل زعيما استثنائيا لصفحاته فكان ظاهرة تاريخية عبرت التاريخ وغادرته ولكن التاريخ لم يغادره فتوقف امامه متاملا لاسطورة صنعتها روح التحدى والصمود فصنع له المجد والخلود تحية لروح الزعيم جمال عبد الناصر
