الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أردوغان والعم سام


ما أشبه الليلة بالبارحة.. ما يجري فى شمال سوريا يعيد إلينا أحداث العراق والطعم الذى ابتلعه الرئيس الراحل صدام حسين وإيهامه بأن كل الطرق ممهدة له لاحتلال الكويت وضمها إلى دولته العفية حينها، والذى تغير الآن هو استبدال صدام بالرئيس التركى رجب طيب أردوغان الذى صور له هوسه العثمانلى أنه الفاتح لهذا العصر وهذه الحقبة، وبأنه سيعيد الأمجاد العثمانية والتمديد الإمبراطورى، وبما أن الولايات المتحدة تصنف بالدولة الثعلب فقد رمت لأردوغان السم فى العسل وسحبت جنودها من هذه المنطقة الحدودية ومهدت للفاتح الواهم الطرق لكى يدخل بكامل رغبته إلى الفخ المنصوب اليه والذى سيكون فيه نهايته لا محالة، السيناريو الأمريكى له أبعاد وأهداف لعل أهمها الوقوف ندا لروسيا فى سوريا، اضف إلى ذلك إخراج الدواعش من سجنهم الذى وضعته فيه القوات الكردية أو ماعرف بالجيش الحر والمؤيدين له والتى احتمت بالولايات المتحدة ضد سوريا بمزاعم المعارضة الهادفة، والحرية القادمة، والديمقراطية على الطريقة الأمريكية، وبالطبع سيعقب خروج هؤلاء المجرمين توزيعهم فى أماكن صراع جديدة وخاصة الحدود المصرية الليبية لأهداف مستقبلية تخدم الأجندة القطر وأمريكية، اضف إلى الأهداف ومن وجهة نظرى أنه أهم هدف استخباراتى أمريكي ضد أنقرة يكمن فى تعميق النزاع الكردى التركى وتعرية أردوغان وإظهاره بأنه وحش يقتل الأكراد، وهذه الخطوة لها عواقب كثيرة كارثية على أردوغان قد تستحل دمه أو تجعل شعبه يطالب برحيله لأنه جر البلاد إلى حرب تزيد من مشاكلها الاقتصادية وأيضا تضعها فى عداء مع جيرانها، الأتراك فى غنى عنه . 

دخول تركيا سوريا فخ محكم من كافة نواحيه وستظهر آثاره على المدى البعيد وكما انهارت العراق واستبيح دم رئيسها وحرمة اهلها والى الان مازالت الطائفية تمزق أوتارها، ماحدث فى بغداد سيحدث فى أنقرة وإن لم يكن بنفس السيناريو إلا أنه ستكون له نفس النتائج وخاصة الاقتصاد الذى هدد الرئيس الأمريكي بأنه سيدمر اقتصاد تركيا اذا تنصلت بما تم الاتفاق عليه بين الجانبين . أردوغان يثبت أنه تاجر وليس سياسى لأن التاجر تغريه المكاسب المعلنة ويسيل لعابه على العوائد المادية السريعة السهلة، بينما السياسى فهو ينظر لأبعد الخطوط ليرى أفضلها وأقربها للوصول إلى هدفه، وأيضا السياسى يتجنب أن تكون خسائره أعلى من مكاسبه، فهو دوما يسعى لمكاسب كثيرة وطويلة المدى، أردوغان مما لا شك فيه وطنى يحب بلده ويتمنى لها مجدا يليق بتاريخها الاستعمارى المديد وربما اختلط هذا الحب بحبه لذاته ولكينونته بأن يكون امتداد لهذا التاريخ وفاتحا جديدا فى هذا الوقت. 

ما يقوم به أردوغان فى سوريا وفى المنطقة بصفة عامة ليس سوى مسامير كثيرة يدقها بثقة فى نعش رئاسته وحياته كلها .. وإحقاقا للحق سأترك التاريخ يقول كلمته فإما أن يثبت صدق رؤيتى وإما أن يأتى بالعكس وبما يؤكد أن الأحداث تسير وفق تدبير آخر قد تغيب عنا مفرداته وآلياته وساعتها سيكون لى أجر واحد وهو أجر الاجتهاد.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط