الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

التسامح طوق نجاة السودان


صارحني أحد الأصدقاء من السودان الشقيق، بأن السودان لم يعد كما كان في شوارعه وأزقته وطرقاته من الناحية الإنسانية، ذلك الأمان والراحة النفسية التي كنا نعيشها في حياتنا اليومية من نسمات وابتسامات المارين عليك بود والملقين عليك التحايا الصباحية والمسائية وكأنه من أهلك وعشيرتك لم يعد موجودًا.


بعد الثورة المجيدة استبدل مكانه رائحة الاستقطاب ونظرات التقييم  ولسان حالهم "ده تبعنا ولا ما تبعنا"، إن كان من هذا التيار أو ذاك.


ولمَ لا ورائحة الانتقام الإداري والوظيفي تفشي في المؤسسات العامة والخاصة وعيون التصنيف تلاحق الجميع؟


والكل في تيه الشك يسبحون وبغلا عن الماضي يتكلمون


إن كان من ذي جاه سابق على أمجادهم يتباكون وإن كان من أُولَئِكَ الذين كانوا معذبين في الأرض يتفاخرون بإسقاط تمثال إله الإنقاذ البشير وزمرته من وزرائه والتابعين وكأنهم يوصفون فرعون وهامان أو كأنهم أسقطوا القوم الجبارين.


لا ننكر أن البشير ونظامه عاثوا فى الأرض فسادا وأقروا هذا الشعب النموذج والطيب في كل شيء وكأنهم متعمدون.


ولكن هل الحل في السودان يأتي بالانتقام والإقصاء والتصنيف والاستقطاب.


أم الحل في كل دولنا الربيع العربي يأتي باستحضار نموذج التسامح ونبذ آلام  الماضي ومحاولة التحييد دون الإقصاء الذي لن ينتج إلا الانتقام.


نعم، السودان والسودانيون أعلم بألمهم ومرارتهم ولكن التاريخ لم يترك تجارب ناجحة إلا وسردها لكي نقتدي بها وليكون طوق نجاة الأمم الذاكرين والقارئين من أصحاب الألباب الفاطنين.


رواندا تلك الدولة التى كانت عنواناً للفشل ومكاناً للقتل والموت وصنفت منذ 25 سنة مضت أكبر مجزرة فى تاريخ البشرية.


اليوم  صنعت من المعاناة مجداً ومن الألم سعادة ومن الفقر رفاهية وحولت آلة القتل والدمار الى سلام وأمن وأمان والمجازر الاليمة الى حياة واستقرار.


رواندا أصبحت عنوان التنمية والسلام ليس فى أفريقيا فقط بل أصبحت رمزاً للتسامح عالمياً وذلك بفضل جهود شعبها الذى كره الحرب والقتل واحتضن السلام واحب حياة التسامح والبناء والتنمية.


وبفضل جهود قيادته الرشيدة والمخلصة لشعبه ووطنه.


لن يكون كلامي توصيفا لغويا بقدر ما أود أن أنقل لكم جزءًا من التجارب الفريدة والناجحة في كيف تبني الأوطان.


نيلسون مانديلا تسامح مع البيض الذين قاموا بسجنه ٢٧ سنة فكانت جنوب أفريقيا.


رواندا وزعيمهم بول كجامي لم يحاكم القتلة والسفاكين والمسؤولين عن إبادة أكثر من مليون شخص في ١٠٠ يوم والغريب أن أقرب أقربائه من أهله قتلوا بأيديهم.


لكنه تركهم في مناصبهم لأكثر من ٨ سنوات حتى أرسى قواعد السلام والتسامح في الدولة وبعد ذلك كل من قتل وارتكب الجرائم  قام بمحاكمته.


حقًا إنهم فعلوا ما ذكر في القرآن الكريم وفلحوا.


{وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ *وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}


فلا تنشغلوا بالثأر والمحاكمات قبل الاستقرار والبناء.


إن التصنيفات الموجودة في الشارع السوداني اليوم من الإشارة الي الأشخاص بانتمائاتهم الحزبية او القبلية لن تفيد فلا الهامش يسمى أبناء الوسط بأولاد البحر والجلابة ولا أبناء المدن والعواصف في الوسط يطلقو على الهامش بالغرابة او حتي الجنجويد.


ولا هذا يصنف ذلك بالشيوعي ولا ذاك يتهم ذلك بالاسلامي


وحتى أُولَئِكَ الذين كانوا منعمين في خيرات النظام  البائد اتركوهم في مناصبهم وتابعوهم من تجدونه يحاول إفشال ثورتكم المجيدة ومستمر في اسقاطكم عاقبوه ومن تاب وانا وأظهر ولائه للوطن احتضنوه


ولا نريد أن نشاهد مرة اخرى مظاهرات تنصيب أمير المؤمنين في شوارعكم.


لان من يعرفكم ي علم ان كلكم أمراء بأخلاقكم وكرمكم


المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط