الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

اتفاق عنتيبى


لا يعلم الكثير منّا ذلك الاتفاق البغيض الذي كان يريد أن يسلب من مصر حق الفيتو أو حق الاعتراض على بناء أي سدود تهدد أمنها المائي، والذي وٌقع في مدينة عنتيبى الأوغندية في مايو 2010.

مما كان واحدًا من الأسباب التي جعلت أثيوبيا تبدأ في تنفيذ مشروع سد النهضة بعد سنوات كثيرة من الصمت والسكون حيال ذلك المشروع، تزامنًا مع الاضطراب السياسي الذي مرت به مصر إبان ذلك الوقت.

وعلى الُرغم من ذلك الخطر الذي يهدد أمن مصر المائي ووجوديتها، فان موقف مصر ممتاز الان سواء سياسيًا أو قانونيًا أو عسكريا أو محليًا.

فقانونًا ، مصر ليست مُلزمة باتفاق "عنتيبى " لأنها لم تكن طرفًا به ! كما أن هناك أكثر من اتفاقية منذ 1891 م تضمن لمصر حق الفيتو، خاصة مبادرة حوض النيل والتي نصت في البند الخامس صراحة على أن لمصر الحق في اللجوء إلى محكمة العدل الدولية عن طريق البرلمانيين حال وجود أي خطر جسيم يهدد أمنها المائي.

أما سياسيًا بل وإقليميا، فمصر اليوم لها ثقل عالٍ في الإقليم وفى القارة والمجتمع الدولي أجمع،وهذا هو سر نجاح المفاوضات أو المحادثات التي جرت في واشنطن بحضور رئيس البنك الدولي ووزير الخزانة الأمريكية، فهناك فرق عندما تفاوض الدولة وهى في مركز قوة وعندما تفاوض وهى في مركز ضعف!

عوضًا عن مشروع تحلية مياه النيل والذي بدأ بالفعل برؤية مستقبلية واستغناء مدن السواحل عن مياه النيل مما يجعل موقفنا في التفاوض أقوي لعلم الخصم أن مصيرنا ليس بيده وحده بل لدينا البدائل وقادرون على تنفيذها.

أما عسكريًا، فربما اكتظت السوشيال ميديا بتلك المنشورات التي تقارن وتوضح الفرق العسكري بين الجيش المصري والإثيوبي ولكن دائمًا مصر لديها من القوة على ألا تلجأ إلى التصعيد العسكري، كما أنها ترفع دائمًا راية السلام وحسن الجوار بين الأشقاء وتنفيذًا لإعلان المبادئ الذي تم توقيعه في 2015م. 

لذا فموقف مصر جيد جدًا حتى الآن على كافة الأصعدة، تفاوض بدبلوماسية أنيقة وفى جُعبتها الكثير من الحلول المحلية والمرونة الدولية، لديها الكثير من المشروعات والحلول البديلة، إما عن أثيوبيا الجارة والشقيقة في قارتنا الإفريقية ، فليس أمامها الكثير من الحلول.

مما يجعلها تتابع عن كثب ما يحدث في واشنطن اليوم، فقد يكون مشروع سد النهضة هو المشروع القومي الوحيد الذي قد تنفذه.

ولكن يبقى السؤال – خاصة في ظل – عودة اللجان الفنية للتشاور مرة أخرى حول السد،وتحديد موعد لاجتماعها مرة أخرى على الأقل قبل منتصف يناير 2020، فهل تطرق تلك اللجان إلى المشاكل الفنية التي قد يواجهها السد حتى في الجزء المتبقي من إنشائه؟

فموقع السد به عوامل جيولوجية وجغرافية خاصة، مثل التضاريس وانتشار الصخور البركانية البازلتية والضعيفة هندسيا، ووجود الأخدود الافريقى ما يسبب تشققات و فوالق صخرية و أنشطة بركانية قد تهدد المشروعات المائية.

لا بد أن تخرج اللجان الفنية بإجابات لكل تلك الأسئلة وليس فقط وقت ملء وتشغيل السد بل أيضًا عليها الرد على تلك الأسئلة المرتبطة بسلامة وأمن المشروع وعليه سلامة وأمن شعوب دولتي المصب.

وفى جميع الأحوال، لنا أن نطمئن فمصر قادرة وقوية وقيادتها حكيمة وهى الآن تفاوض بقوة ومهنية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط