الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قمة قادة الأديان بالفاتيكان.. شيخ الأزهر يطالب بعقد مؤتمر عالمي عن احترام الحضارات .. الطيب: الأطفال يعانون الاضطراب ويميلون للعزلة والكسل وهناك علاقة بين وفرة اقتصاد السلاح وبين الإرهاب.. صور

الإمام الأكبر يشارك
الإمام الأكبر يشارك في مؤتمر قمة قادة الأديان بالفاتيكان

الإمام الأكبر يشارك في مؤتمر قمة قادة الأديان بالفاتيكان
شيخ الأزهر يدعو إلى عقد مؤتمر عالمي لاحترام الحضارات
الأطفال يعانون من الاضطراب ويميلون للعزلة والكسل
التقدم العلمي ينبغي أن يحاط بإطار ديني بصفته حارس الأخلاق الإنسانية
البيئة الإلكترونية سهلت ارتكاب الجرائم بحق الأطفال
التطور الرقمي سرق براءة أطفالنا
هناك علاقة بين وفرة اقتصاد السلاح وبين الإرهاب


ألقى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، اليوم الجمعة، الكلمة الرئيسية في اليوم الثاني من مؤتمر قمة قادة الأديان تحت عنوان "تعزيز كرامة الطفل في العالم الرقمي"، والذي تقام فعالياته خلال يومي ١٤ و١٥ نوفمبر، بالمقر الرئيسي للأكاديمية البابوية للعلوم بالفاتيكان.

وأكد فضيلة الإمام الأكبر،في كلمته،أن هذه المؤتمرات التي تناقش مستقبل الطفولة المحفوف بالمخاطر لا تعد ترفا أو مجرد كلمات تلقى في اجتماع، بل هي دعوة جدية للجميع بضرورة الإسراع بالتصدي والمواجهة، والبحث الجاد عن مخرج من هذه الأخطار المحدقة بأطفال اليوم، وذلك بعد ما بات واضحًا لممثلي الأديان ولكل ذي قلب وضمير أنَّ هذا التطور «الرَّقمي» قد سَرق من هذه الكيانات البشريَّة الضعيفة، براءتها وأحلامها، وأوشكت أن تتحول إلى «أرقاء» في أيدي الذين لا يؤمنون إلا بالأرض وبالمادة وحدها.

ونوه فضيلته إلى أن حقوق الطفل في الإسلام متنوعة ومحمية بعقوبات شرعية رادعة ، وتمثل هذه الحقوق مقصدا مقدسا من مقاصد الإسلام، ومبررا من مبررات الشرائع الإلهية، ومنها تقديم الأم المسيحية أو اليهودية في حضانة طفلها على الأب المسلم في حالة الانفصال أو الطلاق، وكذلك حق الطفل على أبيه في أن يختار له اسما حسنا لا يعرضه للسخرية والاستهزاء، أو يضطره إلى الانطواء أو التوحد.

وأوضح شيخ الأزهر أن دوافع تحمله مشقة السفر للمشاركة في هذا المؤتمر، هي المخاوف المرعبة تجاه الأطفال الذين باتوا يعانون الاضطراب الشديد خاصة ممن هم دون الثامنة عشر، وهو ما ينذر بفجوة عميقة بينهم وبين الأباء والأمهات والقائمين على الأسر، سواء في التفكير والتوقعات ، موضحا أنه لاحظ ميل الأطفال إلى العزلة واللامبالاة والكسل والخمول، وبوادر عنف وعداء محتمل، وغير ذلك مما ينذر بأمراض نفسية واجتماعية تتربص بأطفالنا، بسبب استحواذ الهواتف الذكية عليهم.

وأشار فضيلة الإمام الأكبر إلى أن تلك المخاطر كانت دائمًا ما تشغل حيزًا كبيرًا من تفكيره، وتفكير قداسة البابا فرانسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، خاصة عند إعدادهم وثيقة الأخوة الإنسانية وكان هذا بمثابة الدافع للتنبيه بهذه المشكلة في المبادئ الأساسية الواردة بهذه الوثيقة التاريخية.

وأكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، على أهمية الجانبِ الإيجابيِّ للتكنولوجيا الرَّقميَّة، الذي قدَّمَ للإنسانيَّةِ خدماتٍ كبرى ومصالحَ هائلةً، وأهمُّها توفيرِ فُرَصِ التعلُّم للأطفالِ المحرومين من هذه النعمةِ بسببِ ما ابتُلِيت به بلادُهم من صراعاتٍ وحروبٍ وفقرٍ ومجاعاتٍ وهجراتٍ قسريةٍ، موجهًا شكره للمنظماتِ والمبادراتِ الحكوميَّةِ والأهليَّةِ التي وظَّفَت الوسائطَ الإليكترونيةَ في إنقاذِ هؤلاء الأطفالِ من براثنِ الجهلِ والأميَّةِ في القرنِ الواحدِ والعشرين.

وأوضح فضيلة الإمام الأكبر،في كلمته خلال مؤتمر قمة قادة الأديان "تعزيز كرامة الطفل في العالم الرقمي أن المشكلة هي أن التقدم العلمي اليوم هو سـلاحٌ ذو حَدَّين، يَصعُب فيه فرزُ الأفضلِ لتطبيقِه، واستبعادُ الأسوأ لتَجَنُّبه، مبينًا أن الحل يكمن في عودةُ مسؤوليَّة الأُسرة عن الطفل، ومراقبتها للأطفالِ، وحَقّها في التوجيـهِ والتأديبِ والتهذيبِ، وألَّا يُعد شيء من ذلك ضربًا من ضروب العُنف تمارسه الأُسْرَة ضِدَّ الطفل، فحمايةُ الطفل من الأوبئة والأمراض الخُلُقيَّة أوجَبُ وألزَمُ بكثيرٍ من دعاوى حق الطفل في حُرِّيَّاتٍ لا محدودة تُقدِّمُه لقمةً سائغةً لأمراض أعنف وأشد فتكًا.

وأكد الإمام الأكبر على ضرورة التذكيرُ الدائم بالآثار التدميريَّة لثورة التكنولوجيا الرقمية، ومواصلةُ طرح هذه القضايا على طاولات النقاش في المؤسسات الدِّينية أوَّلًا، ثم في مؤسَّسات التعليم، وفي البرامجِ والمقرَّراتِ التعليميَّة وبخاصةٍ في مراحلِه الأولى، وكذلك في المنظَّماتِ الحكوميَّة والأهليَّة وفي مُقدِّمتِها: منظمةُ الأمم المتحدة واليونيسكو، وغيرُها.. وأن تكون لكرامةِ الطفل أولويَّةٌ وأهميَّةٌ قُصوى في الاتفاقياتِ الدوليَّةِ الخاصَّةِ بالطفلِ.

وأشار فضيلته إلى أن هناك أثر سلبي لعولمةِ اتفاقيات الطفل، وإلغاء الفروق، وكلِّ صورِ التمييز بين الرَّجُلِ والمرأة، مؤكدًا ضرورة أن تُراعى في صياغةِ حقوقِ الطفل ثوابتُ الثقافات الأخرى وبخاصةٍ: الثقافات الشرقيَّة، التي تحفلُ بالأديانِ، وتنزلها منزلةً عُليا من الاحترامِ والتقديس منذ آلافِ السنين»، داعيًا إلى عقد مؤتمر لمناقشة هذه القضيَّة، والأخذ في الاعتبار مبدأَ احترام الحضارات.

وقال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، إنه لا يوجد أدنَى شك في أنَّ الثورةَ التقنيةَ الرقميةَ لن تتوقَّف عن تطور يختلطُ فيه النافع بالضَّار، والمصلحةُ بالمفسدة، ما دامت هذه الثورةُ تتطوَّر في غيبةٍ من حراسةِ الأديانِ والأخلاق الإلهيَّة.

وأضاف الإمام الأكبر، في كلمته خلال مؤتمر قمة قادة الأديان "تعزيز كرامة الطفل في العالم الرقمي"، أن الحل لا يكونُ بمجابهةِ هذه الثورةِ، وإنَّما بالبحثِ الجادِّ عن إمكان العودةِ إلى كيفيَّةِ الربطِ بين التقدُّمِ العلميِّ وبين الدِّين بحُسبانِه حارسًا أمينًا على الأخلاقِ الإنسانيَّةِ، شريطةَ أن نَأخُذَ الدِّينَ من الكُتُبِ المقدَّسةِ ومن تعاليمِ الأنبياءِ وسُلوكهم وتصرُّفاتهم.

وأشار إلى أنَّ الانفصامَ الذي حدث بين مسارِ العلمِ ومسارِ الدِّينِ هو مأساةُ الإنسانِ المعاصرِ الذي يَتقدَّمُ في مجالِ علومه وتقنيَّاته بقدرِ ما يتقهقرُ ويتراجعُ في بابِ الأخلاقِ والآدابِ والفضائلِ، بل إنَّ هذا السِّباقَ المطردَ بين التقدُّمِ العلميِّ والتقهقر الخُلُقي هو السبب الأوحد وراءَ كوارثِ الإنسانِ الحديثِ وعلله المستعصية على العلاج.

وتابع: من السهلِ جِدًّا أن تجد الآنَ ربطًا منطقيًّا بين التطورِ العلميِّ المذهلِ في مجالِ الأسلحةِ الفتَّاكة مثلًا، وبين الحـروبِ المأسـاويةِ اللاإنسانيةِ، بل من السهلِ أن تجدَ علاقةً بين وفرةِ اقتصادِ السِّلاحِ وبينَ الإرهابِ، وتنظيماته وجماعاته التي استقطبت الأطفالَ إلى مُعسكراتِها وجنَّدتهم في التدريبِ والانخراطِ في صُفوفِ القتال، عن طريق منصات التواصل الاجتماعي والألعاب الرقمية والمواقع الإلكترونية، مشيرًا إلى أن تقاريرُ الأُمَمِ المتحدة تكشف أنَّ آلاف الأطفال انضموا إلى التنظيمات الإرهابية.

وحذر شيخ الأزهر من خطورة كارثة من كوارث البيئة الإلكترونيَّة، وهي تمكينُ وحوشِ الجرائم الجنسيَّة من سُهولةِ الاتصالِ بضحاياهم من الأطفالِ وتشجيعهم على الالتحاقِ بهم، وقُدرتهم على إخفاءِ هُويَّاتهم، وإنشاء هويَّاتٍ مُزيفةٍ تجعل من مُلاحقتهم قضائيًّا ضربًا من المستحيلِ، مِمَّا يضعُ خصوصيَّةَ الأُسَرِ وكرامة أطفالها في مَهَبِّ الريحِ، حتى أن اليونيسيف صرحت بأنَّه «لا يوجد طفلٌ بمأمنٍ من المخاطرِ على شبكة الإنترنت".

يشارك في فعاليات هذا المؤتمر أكثر من ٨٠ شخصية عالمية من قادة الأديان، ومتخصصين في الاقتصاد وعلم النفس والاجتماع وممثلين عن منظمات محاربة جرائم العنف ضد الأطفال، وتقام فعالياته في ١٤ و١٥ نوفمبر، بالمقر الرئيسي للأكاديمية البابوية للعلوم بالفاتيكان، تحت رعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، وقداسة البابا فرانسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، بالتعاون بين الأكاديمية البابوية للعلوم الاجتماعية وتحالف الأديان من أجل مجتمعات أكثر أمانا، و"تحالف كرامة الطفل"، وذلك بمناسبة الذكرى الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل.

وتعد هذه النسخة الثانية من أعمال قمة قادة الأديان من أجل تعزيز كرامة الطفل في العالم الرقمي، حيث أقيمت النسخة الأولي في عام ٢٠١٧ بالعاصمة الإيطالية، والتي انتهت ب “إعلان روما" الأخير، والذي دعا السياسيين وقادة الأديان والمنظمات المهتمة بشئون الأطفال، للتعاون في بناء وعي عالمي من أجل حماية الأطفال من الاستغلال عبر الإنترنت، ونتج عنه ملتقى "تحالف الأديان من أجل أمن المجتمعات"، والذي أقيم في نوفمبر من العام الماضي، بالعاصمة الإمارتية أبو ظبي، بحضور فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، وعدد كبير من قادة الأديان حول العالم.