الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

السادات والعصا .. والملك إدريس السنوسي



بعيدا عن مكر التاريخ الذي ظلم الكثير من الزعماء والملوك في الشرق الأوسط ومنهم طبعا الرئيس الراحل محمد انور السادات والملك إدريس السنوسي .. وسبق وكتبت الكثير عن الرئيس الراحل السادات ووطنيته ورؤيته الثاقبة في قراءة الأحداث والمواقف .. أما الملك إدريس السنوسي فهو نموذج فريد من نوعه بين الملوك العرب ينفرد بخاصيتين تميزه عن غيره من الحكام الأولى أنه الحاكم الوحيد لدولة نفطية غنية كشفت الأيام عدم تملكه لأرصدة أو حسابات مصرفية خارج ليبيا .. ومن مواقفه النبيلة أنه عندما قام القذافي بالإستيلاء على الحكم كان الملك إدريس خارج البلاد للعلاج وكان في حوزته مبلغ عشرة الاف دولار فقام بتسليمها للرئيس الراحل جمال عبد الناصر حتى يعيدها للحكومة الليبية الجديدة .. وكان الرئيس الراحل السادات يحب الملك إدريس السنوسي لأنه تعامل معه في فترة الاعداد للمجهود الحربي وحرب الاستنزاف في اعقاب 1967 م .. وكان وقته يذهب اليه مبعوث من الرئيس عبد الناصر وكان الملك يستقبله بحفاوة بالغة ولم يتأخر في يوم من الأيام عن دعم مصر وقتها .. ومن المعروف أن الرئيس السادات هو أول من قرأ شخصية القذافي ونظامه الأهوج في وقت مبكر لدرجة انه وصف القذافي في خطاباته بعد تولية رئاسة الجمهورية .. وصف القذافي بالجنون .. فقال في احدى خطاباته عن القذافي " الواد المجنون بتاع ليبيا " وأيضا كان السادات يحب المتصوفين ويعتقد أن غضبهم يغضب الله .. وربّما كان هذا سببًا من أسباب محبته للملك إدريس وكان كلما زار طنطا أصر على أنّ يزور السيد البدوي خصوصا قبل اقدامه على أيّ قرار مصيري خطير وقد فعل ذلك قبل ثورة التصحيح، وقبل العبور، وقبل زيارة القدس، وقبل مباحاث كامب ديفيد. وكان يدعو الشيخ سيد النقشبندي من طنطا إلى ميت أبو الكوم – قرية السَّادَات بالمنوفيّة – لينشد له التراتيل الدينية وقصائد مدح الرسول صلى الله عليه وسلم عرف السَّادَات في حياته ورجال دين بلا عدد، وأصحاب عمائم بلا حصر .. ونعود للملك المؤسس للدولة الليبية ومحبة الرئيس السادات له ومعاملته له معاملة الملوك هو وعائلته بما يستحقونه من كرم واحترام .. تعامل السَّادَات مع الملك إدريس بكرم واحترام فائق.. وتقدير كبير لدرجة أنّه قدمه على كلّ الحضور في حفل زواج أبنته، فجعله وكيلًا أناب عنه على توقيع عقد الزواج. وحفل الزواج تمّ في بيت السَّادَات في الجيزة بمدينة القاهرة، لدرجة إن السَّادَات جعله وكيلًا على زواج أبنته جيهان التي تزوجت من أبن رجل الأعمال الشهير عثمان أحمد عثمان وفي سياق أخر.. فقد حضر السَّادَات شخصيًا هو وحرمه حفل زواج بنت الملك بالتبني "سُليمة " التي تزوجت من سليل إحدى العائلات المصرية الارستقراطية .. وعلى أية حال.. أصدر السَّادات منذ توليه للحكم تعليماته لأجهزة الدولة المصريّة بتلبية كافة طلبات الملك إدريس السنوسي وتسهيل كافة الإجراءات أمام أيّ فرد من أفراد العائلة السنوسيّة ينوي القدوم إلى مصر أو الإقامة فيها. ورفع الحظر عن إتصالات الملك وتحركاته والتي فرضها عبدالناصر عليه بحجج الأمن والحفاظ على سلامته الشخصيّة. وحرص السّادَات منذ استلامه للسلطة على زيارة الملك إدريس في بيته، والاطمئنان بنفسه على أنّ الملك يلقى المعاملة والتقدير الذين يستحقهما. ولعلّ في اختيار السَّادات للملك إدريس السنوسي وكيلًا على زواج أبنته ما يدل على مدى تقديره له. ولعل في خروج السَّادَات مسرعًا من القاعة الموجود بها في مناسبة من المناسبات لحظة وصول الملك وفتحه لباب السيارة ومده يداه داخل السيارة ليعين الملك على الخروج ثمّ دخوله إلى القاعة ممسكًا بيد الملك، ما يشير بوضوح لمدى تقدير السَّادَات للملك إدريس السنوسي واحترامه له والحاصل.. أنّ السَّادَات لم يُعلم أحد من رؤساء العرب بموعد الحرب سوى شريكه الرئيس السوري حافظ الأسد، وربّما، ملك السعودية الراحل فيصل والملك إدريس وقام بزيارته في بيته قبل إندلاع الحرب وطلب السادات من الملك أنّ يدعو له لأن المعركة قادمة فباركه الملك السنوسي وأهداه عصاه قائلا له هذه عصا العبد الفقير الى الله وليست عصا موسى .. وظلت هذه العصا تُرافق السادات حتى وهو يزور الجبهة أثناء المعركة وبعدها وفي كافة المناسبات التي كان يحضرها والغريب انه في يوم إغتياله نسى أن يأخذ معه العصا التي اهداها له الملك ادريس السنوسي .. رحمهما الله .. والله المستعان
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط