أيهما أفضل الشكر على النعمة أم الصبر على البلاء؟ للمصائب والابتلاءات في الكتاب والسنة سببان اثنان مباشران – إلى جانب حكمة الله تعالى في قضائه وقدره -: السبب الأول لـ الابتلاء: الذنوب والمعاصي التي يرتكبها الإنسان، سواء كانت كفرا أو معصية مجردة أو كبيرة من الكبائر، فيبتلي الله عز وجل بسببها صاحبها بالمصيبة على وجه المجازاة والعقوبة العاجلة، « وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ» (النساء: 79)، قال المفسرون: أي بذنبك. قال الدكتور علي جمعة، مُفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، إنه عندما تكلم العلماء في مسألة أيهما أفضل الفقير الصابر، أم الغني الشاكر؟، فذهبوا إلى أن هناك أربعة أمور تحدد ذلك.
وأوضح «جمعة» في إجابته عن سؤال: «أيهما أفضل الشكر على النعمة، أم الصبر على البلاء؟»، أن العلماء لما تكلموا في أيهما أفضل الفقير الصابر، أو الغني الشاكر ؟ قالوا: حسب درجة إخلاصه لله، حسب درجة شكره أو صبره، حسب علم الله به، فإن الغني الشاكر الله يعلم أنه لو أفقره لصبر، والفقير الصابر الله أعلم أنه لو أغناه لشكر.
وتابع: لكن لو أن الله يعرف ويعلم أن الغني إذا ما أفقره لم يصبر، فالفقير الصابر أحسن منه، وهذا الفقير الله يعلم أن هذا الشخص بالذات ، لو أغناه الله ما شكر، فالغني الشاكر أفضل منه ، ولذلك حيثما أقامك الله، طبقًا للإخلاص، طبقًا لعمق الصبر، والشكر في قلب كل واحد منهما، طبقًا لديمومة العمل، إن الله يحب العمل الدائم، وكان -صلى الله عليه وسلم- عمله ديمة، يعني دائمًا لا ينقطع «لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل وتركه».
وأضاف: فإذًا المقارنة بين المعاني، الشكر، أو الصبر، أو ما بين الأحوال، الغني الشاكر والفقير الصابر، هي بيد الله، ما دمت أديت الخلق كما هو، كما أراده الله، كما أرشد إليه الله، فأنت على هذا المقام، وهناك بعض المحاورات عن هل القيام والقراءة أفضل، أم الركوع هو الأفضل، أم السجود أفضل؟ حيثما تجد قلبك، فهناك من يتلذذ بالقراءة ويجد قلبه وخشوعه ومناجاته في القراءة وفي القيام، وهناك من يحصل له حال في الركوع، شخص أخر يكون قريب جدا من ربنا وقلبه حاضر في السجود، فأيهم أحسن؟ حيثما تجد قلبك.
اقرأ أيضًا
وأكمل: فهذا الراجل كان مقصرا في الجهاد، فجعلها له أفضل حاجة؛ لأن هو الذي يقاوم نفسه فيها، وواحد آخر يقول له: «بر الوالدين» وواحد ثالث يقول له: «الصلاة على وقتها» هذه الأحاديث ليست متناقضة ولكنها راعت حال السائل، فسيدنا النبي -صلى الله عليه وسلم- بنور النبوة عارف، وفهم احتياجات كل واحد منهم، إذًا هذه الأحاديث ليس فيها اختلاف تضاد، إنما اختلاف تنوع.