الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مهن وهمية وبلطجة مقنعة‎


مرت مصر في آخر 10 سنوات بمراحل دقيقة من تاريخها مقارنة بآخر 60 سنة، فقد مرت في هذه الفترة الصغيرة بثورتين هزتا العالم أجمع بل وأستطيع أن أقول إنه سوف يكون لهما تأثيرا على مستقبل العالم وخصوصا ثورة 30 يونيه العظيمة التي وقفت أمام السيناريو الشيطاني الذي كان مكتوبا لمنطقة الشرق الأوسط.

وخلال هذه الفترة وفيما بين الثورتين وبعدهما ظلت شوارع مصر أسيرة لمظاهر تلك الثورات، وهناك شوارع تغير وجهها بل ومناطق وأحياء تحولت من مناطق هادئة منضبطة إلى مناطق عشوائية يعمها الفوضى والضوضاء في كل مكان، والسبب الرئيسي في هذا التحول لبعض المناطق هو ضعف القبضة الأمنية وغياب الرقابة الميدانية وفساد المتابعة المحلية لتلك الأحياء.

وقد ظهرت بعض المهن الوهمية الجديدة التي امتهنها الكثير من المصريين تحت مبرر أكل العيش ولكن في الحقيقة هي مهن وهمية اختلقها البعض من أجل الكسب السريع وعدم بذل أي مجهود، وإذا دققنا في هذا الواقع الأليم فنجد أن بعض البلطجية والعاطلين هم أول من بدأ بامتهان تلك المهن بدافع البعد عن الجريمة وأكل العيش.

ومع تعاطف الناس مع تلك الحالات الاستثنائية أصبح لتلك المهن إغراءاتها لكثير من المواطنين الآخرين بسبب المكسب السريع دون رأس مال أو بذل مجهود أو حتى دراسة أو شهادة ولكن كل المؤهلات اللازمة لتلك المهن هي أن تكون لديك القوة والسطوة لكي تفرض نفسك على المنطقة التي تعيش فيها وترهب كل من يحاول الشكوى أو الاعتراض على تلك الممارسات غير القانونية مع بعض العلاقات ببعض أفراد الأمن بل ومع انتشار تلك المهن أصبح لديها قاعدة عريضة جدا لا يمكن للدولة تجاهلها عندما تريد منع تلك المخالفات تحت مبرر أن تلك الممارسات لها بعد اجتماعي وفي الحقيقة هي مجرد حجج واهية من قبل المسؤولين للتنصل من المسؤولية بل والتواطؤ في معالجة تلك الممارسات في مهدها قبل أن تتحول إلى ظاهرة لا يمكن التصدي لها مباشرة أو كليًا وبالتالي تلجأ الدولة في النهاية إلى إجراء بعض التوازنات واتخاذ بعض الإجراءات التنظيمية للحد من انتشار تلك الظواهر وليس منعها.

ومن تلك المهن الوهمية أو أعمال البلطجة المقننة عرفيا في الشارع المصري مثلا سائق التوك توك والبائع المتجول والسايس وماسح السيارات وبائع الإشارات وسمسار العقارات غير المرخص له وأصحاب المقاهي غير المرخصة وغيرها من المهن الجديدة على مجتمعنا والتي قد تكون الخطر الأكبر على مستقبل هذا الوطن، وذلك لكثرة سلبياتها وتأثيرها السلبي على زيادة تشوهات الشارع المصري.

ومع ظهور تلك المهن الوهمية زادت أيضا ظاهرة التسرب من التعليم وظاهرة جرائم الأحداث وعجز العمالة في المهن الحرفية والتي تهدد بإنقراض تلك الحرف في خلال عشرة سنوات، وأيضا انتشار ظاهرة البودي جاردات التي أصبحت بمثابة سلطة جديدة في الشارع المصري يتم استخدامها في أخذ الحقوق وفرض السيطرة وأيضا في إرهاب بعض المواطنين وابتزازهم من أجل إنهاء بعض التعاملات التبادلية والتجارية بين المواطنين وأيضا استغلالها وبقوة في عمليات الضغط على بعض مستأجري الوحدات السكنية والتجارية في ظل قانون الإيجارات القديم من أجل إخلاء تلك الوحدات لهدم العقارات وإعادة بناؤها كأبراج سكنية نظرا للأرباح الكبيرة التي تعود على الملاك بسبب ارتفاع أسعار العقارات في أخر 5 سنوات بمعدلات لافتة، وللأسف هناك ضحايا كثيرين بسبب تلك الظاهرة.

وأنا هنا أحذر من عدم التصدي والوقوف في وجه تلك المهن الوهمية والبلطجة المقنعة والتي قد تؤثر على السلم الاجتماعي بسبب الجور على حقوق الغير وبسبب انتشار فوضى المرور وازدحام الطرقات ومزاحمة المارة في الرصيف وبالتالي تزايد المشاجرات والاحتكاكات بين المواطنين، وذلك في ظل الضغط الكبير على جهاز الشرطة المظلوم الذي يتحمل الكثير والكثير من المهام الوطنية العظيمة وأيضا تحمله الكثير من الملفات التي تثقل كاهله.

وبالتالي يجب استصدار تشريعات منظمة تتسم بالحسم والردع وتغلظ العقوبات على كل من تسول له نفسه الاعتداء أو الجور على حقوق الغير والاعتداء على المنفعة العامة.

أخيرا يجب أن يتعامل المواطنين بإيجابية للوقوف أمام تلك الضواهر السلبية ولا يكتفوا بمجرد الشكوى والانتقاد والاعتراض فقط ولكن أغلب تلك الظواهر سوف تنتهي تماما بمجرد اتخاذ المواطنين قرار المقاطعة لتلك المهن، فليس من المعقول أن نصرخ ونشكو من ظواهر سببها في الأساس هو أنفسنا وذلك بالتعامل معها والاستفادة منها.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط