وذكر تقرير للشبكة الأوروبية لمكافحة التطرف "نورديك نتوروك" ومقرها ستوكهولم أن معارضين أتراك قالوا إن حكومة أردوغان دأبت على تجاهل استجوابات المعارضين فى البرلمان حول حقيقة علاقة أنقرة ومقاتلى تنظيم /داعش/ ودور الاستخبارات التركية، فيما يتردد عن قيامها بتسهيل حركة مسلحى داعش عبر الحدود العراقية السورية ومنهما إلى طرابلس وهو ما جعل بحسب التقرير حلف شمال الأطلنطى - الذى تعد تركيا عضوا فيه - يقدم من الناحية العملية بسبب السياسات التركية ستار حصانة على متطرفى داعش والقاعدة وغيرهم من منتسبى الجماعات الجهادية المسلحة فى ليبيا . 


وقال معارضون أتراك إن التزام إدارة أردوغان الصمت إزاء تلك استجوابات تتعلق بالتعاون التركى مع المنظمات الإرهابية فى ليبيا قد أصابهم بإحباط ليس وليد اليوم بل يعود إلى ديسمبر 2016 حيث بلغ عدد الاستجوابات التى قدمها نواب المعارضة 43 استجوابا تعمدت حكومة أردوغان عدم الالتفات لها، كما بين المعارضون الأتراك أن الحكومة التركية لم ترد عادة سوى على نسبة 10% فقط من الاستجوابات البرلمانية وهو ما يكشف زيف ما يتردد عن ديمقراطية "نظام أردوغان" المزعومة . 


وبحسب التقرير الأوروبى، تكشف مضابط البرلمان التركى أن الاستجوابات بشأن علاقة أنقرة بمنظمات الإرهاب فى ليبيا والتى تم توجيهها إلى بن على يلدريم رئيس الوزراء التركى السابق ووزير داخليته سليمان سوليو وفؤاد اقطاى نائب أردوغان بلغ إجماليها 13 استجوابا منذ العام 2013 لم يتم الرد عليها باستثناء استجواب واحد وهو ما تكرر إبان وقائع التفجيرات التى تعرضت لها أنقرة فى أكتوبر 2015 وراح ضحيتها 105 مدنيين . 
وحسب "نورديك نتوروك" فقد كان أعنف الاستجوابات البرلمانية فى تركيا عن علاقتها بمنظمات الإرهاب بتاريخ 3 سبتمبر 2019 وهو الاستجواب الذى كشف عن علاقة ارتباط بين الهامى بالى مهندس تفجيرات أنقرة والاستخبارات التركية - بعيدا عن أعين الشرطة التركية - وكان استجوابا معززا بالتوقيتات الزمانية والأدلة المكانية ومعززا كذلك بأسماء ضباط الاستخبارات التركية الذين قابلوا بالى سرا فى أنقرة عام 2016 رغم كونه أحد أخطر المطلوبين لدى الشرطة التركية المدرجة أسماؤهم على قوائم الضبط . 


وجاء حزب الشعب التركى والحزب الديمقراطى "الموالى للقوى الكردية" فى طليعة قوى المعارضة التركية التى ضغطت "بلا جدوى" على نائب أردوغان، فؤاد اقطاى ووزير الداخلية سليمان سوليو للإجابة على تلك التساؤلات التى التزم جهاز الاستخبارات التركى صمتا مريبا حيالها، رافضا تأكيدها أو نفيها ولهذا السبب شكك نواب البرلمان التركى فى انتماء جهاز المخابرات التركى وطنيا مفضلين تسميته "مخابرات أردوغان". 
وفى ديسمبر الماضى تقدمت المعارضة التركية باستجوابات لنائب أردوغان حول حقيقة أعداد مقاتلى داعش الموجودين فى مراكز تجميع تركية يعتبرها نظام أردوغان "سجونا" وتمحورت الاستجوابات فى هذا الصدد حول التناقض العددى لما أعلنت عنه الحكومة التركية عن أعداد الدواعش السجناء فى تركيا وهو 5500 داعشى، وبين تقارير سابقة للحكومة قدرتهم بأكثر من 20 ألف داعشى، وتساءل النواب الأتراك عن حقيقة ومصير أصحاب هذا الفارق العددى وما وصلوا إليه، وفى أى شىء يستخدمهم نظام أردوغان . 


وبالإضافة إلى أسلوب "المغالطة العددية" تستخدم تركيا أسلوب "الأسماء المتشابهة" كوسيلة للتستر على العناصر الإرهابية، ففى يناير 2019 قال وزير الداخلية التركى سليمان سولو لنواب الشعب إن "نصرت يلماظ" المتورط فى تفجيرات أنقرة عام 2015 قد دخل إلى الأراضى التركية مرحلا من جورجيا برا عبر منفذ /ارتفين/، واستطرد أنه تبين بعد ذلك أن هذا الشخص يحمل نفس اسم "الشخص المطلوب ترحيله" وعليه فقد تم إخلاء سبيله بعدما تبين عدم وجود علاقة بينه وبين داعش، لكن وزير الداخلية التركي لم يكشف لنواب الشعب الأتراك عن أي نجاحات للشرطة التركية فى اعتقال "نصرت يلمظ" الحقيقى . 


وبينما تصاعدت الاتهامات لتركيا بنقل مقاتلين من سوريا إلى ليبيا مؤخرا، كشف النقاب عن ضلوع أنقرة منذ أعوام فى نقل مقاتلين من ليبيا إلى سوريا، فقد كشفت وثائق أمنية تركية مسربة عن مساندة تركيا للإرهابى الليبى الأصل عبد الحميد على موسى بن على الذى يعد وكيل تنظيم القاعدة فى ليبيا فى عمليات نقل الأفراد والسلاح من ليبيا إلى سوريا منذ العام 2012 وبإشراف مباشر من رئيس الوزراء التركى آنذاك رجب طيب أردوغان ومجوعه من كبار مستشاريه على رأسهم فداء مجذوب وإبراهيم قلين "الذى يشغل منصب المتحدث الرئاسى التركي حاليا" وسفير توران كبير المستشارين الحالى فى الرئاسة التركية . 


الوثائق المسربة التى حصلت عليها شبكة مكافحة التطرف الأوروبية "نورديك نتوروك" والصادرة عن الاستخبارات التركية بتاريخ 18 يوليو 2012 تكشف كذلك عن تورط نظام أردوغان فى نقل رجال وعتاد ليبى إلى الأراضى السورية لإذكاء نيران الصراع منذ يوليو 2012 وذلك عبر مركز تجميع تديره الاستخبارات التركية ويقع فى منطقة /هاتيا/ التركية على الحدود مع سوريا، كما تكشف الوثائق المسربة عن إصابة نائب وكيل القاعدة فى ليبيا ويدعى مهدى الحراتى فى قصف جوى إسرائيلى لسوريا قبل 3 أعوام ونقله للعلاج فى إحدى المشافى العسكرية التركية وقيام أردوغان بزيارته فيها للاطمئنان عليه . 


وبحسب التقرير الأوروبى، فقد استمر الدعم التركى لتهريب المتطرفين الليبيين إلى سوريا ودعمهم بالأموال والأسلحة والعتاد محاطا بالسرية - حتى عن الشرطة التركية - حتى العام 2014 عندما ضبطت الشرطة التركية أسلحة وأموالا لمجموعة من الليبيين المهربين عبر الحدود التركية السورية وتحريرهم محضر واقعة بذلك سرعان ما وجد طريقه إلى الإعلام وتسبب آنذاك فى حرج كبير لأردوغان اضطره للانتقام من رجال الشرطة الذين ضبطوا الواقعة فأحالهم إلى تحقيق انتهى بفصلهم ومحاكمتهم وسجنهم، وفى العام 2016 استأنف أردوغان سرا عمليات تهريب المتطرفين الليبيين إلى سوريا مجددا تحت إشراف رئيس مخابراته حقان فيدان . 
وفضلا عن ذلك، قدمت مؤسسة حسين قيرك الخيرية التركية القريبة من أردوغان رعاية اجتماعية لعائلات مقاتلى القاعدة بمعاونة من صلاح الدين عوزر ومالك الكردى القياديين البارزين فى الجيش السورى الحر المدعوم من تركيا وكذلك أسهمت المنظمة التركية للإغاثة وحقوق الإنسان والحريات /اى اتش اتش/ فى تقديم الدعم لمقاتلى القاعدة الليبيين ممن تم دفعهم إلى سوريا وهى منظمة معروف عنها تبعيتها للاستخبارات التركية كذراع عمل خارجى تحت الغطاء الإنسانى . 


وفى 2011، كشفت صحيفة "ديلى تليجراف" البريطانية عن تعاون مبكر بين عبد الحكيم بلحاج زعيم الجماعة الإسلامية المقاتلة فى ليبيا التى تتبع القاعدة فى الفترة التى تلت الإطاحة بالعقيد القذافى وبين نظام أردوغان فى نقل مقاتلين ليبيين إلى سوريا ودعم ما يعرف بالجيش السورى الحر وهو ما وثقته تقارير الأمم المتحدة والتقارير الغربية التى صنفت بالحاج كأحد أخطر الإرهابيين المطلوبين دوليا على النشرة الحمراء، كما رصدت التليجراف البريطانية نقلا عن مصادر استخبارية غربية تأكيدها عقد بلحاج لعدد من اللقاءات فى أنقرة مع مسئولى الجيش السورى الحر . 


واستنادا على خلفية العلاقة بين أنقرة وعناصر القاعدة فى ليبيا واستخدامها لهم لتأجيج الصراع فى سوريا، يكون من الطبيعى أن تكون أنقرة قد نقلتهم مرة أخرى فى اتجاه معاكس من سوريا إلى ليبيا بحسب ما أشارت إليه التقارير الموثقة خلال الأسابيع الماضية تحت غطاء الاتفاق الأمنى بين أنقرة وحكومة طرابلس . 
وبالإضافة لدعم "الجماعة الإسلامية المقاتلة" تؤكد تقارير الاستخبارات الغربية دعم تركيا المستتر لجماعات متطرفة مسلحة مشابهة تعمل فى ليبيا وجميعها مدرج تحت بند التنظيمات الإرهابية المعاقبة وقياداتها، من أبرز تلك الجماعات المتطرفة صلاح بادى قائد جماعة "جبهة الصمود الليبية" ومحمد الزهاوى قائد "كتائب الدفاع عن بنغازى" التى تناصر حكومة الوفاق بالإضافة إلى عبد الحكيم بلحاج قائد "الجماعة الإسلامية المقاتلة" وثلاثتهم مدرجون على لائحة الأمم المتحدة للإرهاب الدولى كمطلوبين منذ العام 2011 . 


لا يقتصر الدعم التركى لتلك الكيانات الإرهابية من الخارج فقط بل يمتد أيضا إلى دعمها ميدانيا من داخل ليبيا، ففى 6 يناير الجارى - ومن قبيل المفاخرة - اعترف رئيس الاستخبارات خلال حفل تدشين مقر الاستخبارات التركية الجديد بأن عناصرها تعمل بالفعل على الأراضى الليبية . 


وفى نوفمبر 2018 وضعت وزارة الخزانة الأمريكية صلاح بادى قائد "جبهة الصمود الليبية" فى دائرة العقوبات المفروضة على كيانات ليبية متورطة فى أعمال الإرهاب ومصادرة أمواله بعد ثبوت تدبيره لهجمة صاروخية ضد مطار طرابلس الدولى وإلحاقه الأذى بمنطقة سكنية فى سبتمبر من نفس العام . 


وتكشف مجموعة العمل الدولية لمعاقبة ليبيا - التابعة للأمم المتحدة - عن منح تركيا فى العام 2015 حق اللجوء السياسى لزعيم "جبهة الصمود الليبية" صلاح بادى، كما أتاح الإعلام التركى متسعا كافيا له للظهور، غير أنه بحلول أغسطس 2018 عاد صلاح بادى بتخطيط من الاستخبارات التركية إلى طرابلس لدعم حكومة السراج فى مواجهة الجيش الوطنى الليبى بقيادة المشير حفتر واستهداف نواب البرلمان الوطنى الليبى فى طبرق.

 
خلال تواجده على الأراضى التركية كان صلاح بادى والعناصر التابعة له يشكلون ميليشيا خاصة للدفاع عن أردوغان إبان المحاولة الانقلابية المزعومة فى صيف العام 2016، ونشرت صحيفة "ينى شفق" التركية - لسان حال أردوغان - تقريرا مصورا بتاريخ 15 يوليو 2016 يشيد باعتداء رجال صلاح بادى على المتظاهرين المنتفضين ضد أردوغان فى موقعة دامية قرب جسر البسفور، كما كان صلاح بادى نفسه على رأس مستقبلى أردوغان على مدرج مطار اسطنبول الدولى عندما عاد إليه فى وقت لاحق إبان الأزمة .

 
وفى 5 يناير 2019 استقبل ياسين اقطاى كبير مستشارى أردوغان، الداعية الليبى على محمد الصلابى المقيم فى قطر والشقيق الأصغر لأحد أمراء التطرف فى ليبيا إسماعيل الصلابى زعيم تنظيم "أنصار الشريعة" فى ليبيا وهو تنظيم مدعوم من قطر وذلك فى مؤشر جديد على مدى التنسيق القطرى التركى لنشر الإرهاب والتطرف فى ليبيا . 


كذلك فقد سبق لنظام أردوغان دعم العنصر المتطرف محمد الزهاوى الزعيم السابق لتنظيم "أنصار الشريعة" فى ليبيا والمتهم الأول فى تدبير واقعة الاعتداء على مقر القنصلية الأمريكية فى بنغازى الذى أودى بحياة السفير الأمريكى ببنغازى كريستوفر ستيفنز عام 2012 . 


كانت قوات الجيش الوطنى الليبى بقيادة المشير خليفة حفتر قد استهدفت الزهاوى وإصابته فى اشتباك مسلح معه فى أكتوبر 2014، ونقل الزهاوى على إثره إلى إحدى المشافى التركية ومكث بها متلقيا العلاج حتى يناير 2015 عندما وافته المنية وبعد ذلك نقلت أنقرة جثمانه إلى ليبيا وذلك على الرغم من وضع الحكومة التركية تنظيم أنصار الشريعة من الناحية المعلنة على لائحة الإرهاب بدءا من 26 نوفمبر 2014 بعيد حادث استهداف القنصلية الأمريكية فى بنغازى وهو ما يكشف شراكة تركيا الزائفة فى الحرب على الإرهاب .