الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مشروع "محمد على"!


أهدانى صديقى عمرو رياض مدرس الدراسات الاجتماعية بمراحل التعليم الأولى كتابا ثمينا للدكتور نبيل السيد الطوخى أستاذ التاريخ الحديث بجامعة المنيا عن أهم المحطات التاريخية فى مشوار نهضة مصر وخروجها من الشرنقة العثمانية حتى الجلاء البريطانى عام ١٩٥٤ ..

 وعند كل محطة نستلهم الدروس ونتيقن من عظمة الشعب المصرى فى المقاومة وبناء الدولة، وتترسخ هذه العقيدة بداخل القارئ مع فيض المعلومات وسلاسة أسلوب الكاتب وغزارة المواقف التاريخية وتنوع أبطال الأحداث بما يساعد على فهم واحترام الشخصية الوطنية المصرية!.

وكانت وقفتى الطويلة والمشبعة عند فصل كامل عن حقبة الحاكم "محمد على" .. ذلك الجندى فى جيش الألبان، والذى حظى بثقة رجال الأزهر وقامات الفقه والدين وعلى رأسهم نقيب الأشراف عمر مكرم .. وعلى الرغم من عدم مصريته إلا أنه فاز بالجنسية تحت مظلة الإرادة الشعبية، فكانت أفعاله وإنجازاته وذكاؤه كرجل دولة أكبر شهادة ميلاد مصرية، واستطاع أن يحفر اسم مصر فى صفحات التاريخ وينتشلها من مستنقع التخلف والتبعية على مدار أكثر من قرنين تحت حكم العثمانيين المظلم .. ومع كل سطر تقرؤه عن رحلة محمد على ومشوار بناء مصر الحديثة تستمتع بسيناريو مثير من الإجراءات والصراع على السلطة والسعى الدؤوب نحو حلم مشاهدة مصر "قطعة من أوروبا"، ومن كل الزوايا تكتشف ثراء هذه المرحلة بقرارات سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية وعسكرية تنطق بقوة وشجاعة وبصمات هذا الحاكم من ناحية، وتسجل سمات الطمع والدموية وروح التآمر التى تحرك شخصيته وتغذى دوافعها وطموحها من ناحية أخرى!.

وبمجرد الانتهاء من هذا الفصل التاريخى الشيق، لمعت فى رأسى فكرة مشروع العمل الدرامى "محمد على" الذى كان من المخطط إنتاجه منذ ١٠ سنوات إلا أن تكلفته الباهظة والتى بلغت وقتذاك نحو ٤٠ مليون جنيه عطلت التنفيذ .. والآن بعد أن تغيرت الظروف وتشكلت الخريطة الفنية على منهج مؤسسة الرئاسة، أجد ضرورة إحياء هذا المشروع القديم وإسناد بطولته للفنان العظيم يحيى الفخرانى إيمانا بدوره وموهبته وثقافته فى منح صورة إيجابية ومشرفة عن الدراما المصرية، فضلا عن أنه الأجدر بهذا التابلوه من واقع تاريخه وسجله الناصع بالأعمال الخالدة.
وعند رعاية الدولة لهذا العمل الفنى الضخم "إنتاجا ومضمونا" تتحقق أكثر من فائدة : أولها تجديد دماء الأعمال التاريخية وتعويض حالة الفقر والجفاف التى أصابتها بإضافة منتج رائع إلى مكتبة التليفزيون المصرى .. منتج شديد الإتقان عن أول من تسبب فى نقلة حضارية نوعية لحياة المصريين فى العصر الحديث، وفى حياته روايات متنوعة ومادة خصبة تضمن التوثيق التاريخى وتوفر مساحة للإبداع الفنى.

وثانيا، مكافحة طوفان الأعمال الهابطة والسطحية التى غزت الشاشة الصغيرة والتغطية عليها بقماشة نظيفة وراقية على مستوى الورق المكتوب والرؤية الإخراجية، ولا انتصار على الموجة الرديئة إلا بالرياح الطيبة!.

وأخيرا، ما تمثلة تجربة محمد على من رسائل وأفكار وروشتة علاج صادقة لأزماتنا ومشاكلنا بمختلف درجاتها، ومن تفاصيل فترة حكم "الوالى الواعى" قد نتعلم الكثير - حكومة وشعبا - ونستوحى من الماضى استراتيجية رسم المستقبل وصناعة المعجزات .. ولكى نبلغ هذه الأهداف لابد أن يُوضع المشروع الكبير بين أيدى الموهوبين ليخرج فى أبهى صوره، ويتولى "شرفاء المسئولية" وأقطاب الثقافة والفن مهمة استئنافه وتذليل كل العقبات فى طريقه لنحظى بأدلة استرشاد وعلامات مضيئة على درب الإصلاح والتغيير فى كل المجالات .. وعلى كل الجبهات .. هذا إذا كنا بالفعل نبنى دولة علم ونور .. ووعى!.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط