الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محي الدين: أزمة كورونا آثارها إيجابية على الاقتصاد المصري على المدى المتوسط

صدى البلد

قال الدكتور محمود محي الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لأجندة التمويل 2030، نائب رئيس البنك الدولي سابقا ووزير الاستثمار الأسبق، إن أزمة كورونا فرضت عالما مختلفا وواقعا مغايرًا لاقتصاديات الدول، ما يغير من خريطة الاستثمار خلال السنوات المقبلة.

جاء ذلك خلال ندوة جمعية رجال الأعمال لبحث التداعيات المختلفة لأزمة كورونا على الاقتصاد المصري، حيث عرض الدكتور محمود محي الدين السيناريوهات المختلفة للوضع الاقتصادي بعد أزمة كورونا على المستوى العالمي والإقليمي والمحلي وسبل التعافي من تلك الجائحة، وأدار الحوار الكاتب الصحفي عبد المحسن سلامة، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام.

وأكد "محي الدين"، أن تقرير صندوق النقد الدولي توقع أن يتراجع معدل النمو الاقتصادي لمصر إلى 2% في 2020، و2.8% في 2021 مقارنة بـ5.6% في 2019 علمًا بأن مصر تعتبر الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الوسط وشمال أفريقيا التي ستظل بها معدل النمو موجب بحسب تقديرات الصندوق بالنسبة للدول المستوردة للنفط، فيما تشير الارقام إلي ترجع كبير للدول المنتجة والمصدرة للنفط مثل دول الخليج العربي بنسب تتفاوت ما بين -4% إلى -5% في 2020.

وأضاف أن معدلات البطالة في مصر والتضخم في الحدود المتوقعة ما بين 8.6% في عام 2019 إلى 10.3% في عام 2020، ومن المتوقع أن تصل إلى 11.6% للعام المالي المقبل 2021، ما يستوجب إجراءات سريعة لدعم المشروعات كثيفة العمالة وتحفيز أكبر لنمو قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والاستثمار في المجالات الجديدة على مستوى جميع المحافظات لتوفير فرص عمل.

ولفت إلى أن التقارير الاقتصادية لمؤسسة "موديز" للتصنيف الائتماني و"ستاندرد آند بورز" أشادت بقدرة الاقتصاد المصري في الوفاء بالتزاماته المالية والإبقاء على نظرة مستقبلية مستقرة، إلا أنه في الوقت نفسه فإن التعامل مع جائحة كورونا وتبعاتها على المدي البعيد يتطلب تعاون دولي أكبر بجانب إعادة النظر في بعض القوانين لحماية الثروات الصناعية والعقارية والزراعية.

وقال إن للأزمة الراهنة آثارا إيجابية على مصر في الأجل المتوسط، وذلك بفضل الاستثمارات الضخمة التي تم توجيها في مجالات البنية التحتية والصحة، بالإضافة إلى تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والتطبيق الجزئي لمنظومة التأمين الصحي الشامل، واقترح التعجيل بتغيير نظام التأمين إلى الشامل على مستوى كل محافظة بالمشاركة مع القطاع الخاص.

وذكر أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لديها فرصة كبيرة في جذب الاستثمارات المباشرة لموقعها المتميزة وقدرتها على إنشاء تجمعات صناعية ولوجيستية، مطالبا بإعادة تقييم المحافظات حسب أنشطتها والتوجه نحو المناطق الصناعية الصغيرة في جميع المحافظات مثل قويسنا وميت غمر والصف وبنها وإنشاء العديد منها في المحافظات المختلفة لتوفير فرص العمل.

وأكد أن قطاع التكنولوجيا من القطاعات الواعدة التي تمتلك فرصا كبيرة في مشروعات المالية بالتعاون مع البنك المركزي في مشروعات الشمول المالي والربط الإلكتروني وتسوية المدفوعات ونظم التمويل.

وقال وزير الاستثمار الأسبق، إن مواجهة الدول للتبعات المختلفة لأزمة كورونا تستلزم إعطاء الأولوية للاستثمار في 3 قطاعات أساسية أهمها الاستثمار في البشر، ومجالات الصحة والبنية التحتية والتكنولوجيا.

وأضاف أن الوضع في مصر أفضل من دول عديدة تعاني من أزمات سكانية وارتفاع معدلات الفقر وأوضاع اقتصادية صعب قد تخلق حرب عالمية ثالثة وهي حرب تغير أسعار الغذاء وانهيار القطاع الصحي.

وأوضح أن مصر لديها منظومة صحية وبنية تحتية "جيدة" قادرة على مواجهة المخاطر الصحية المستقبلية بجانب امتلاكها خبرات للأطقم الطبية والممرضين ونجحت في التعامل مع العديد من الأوبئة والأمراض المتوطنة مثل تجربتها في القضاء على فيروس الكبد الوبائي والملاريا.

وتابع: "لا شك أنه بفضل المتابعة المستمرة لتنفيذ المشروعات ذات الأولوية لخطط الدولة اختصرت مشروعات واعدة في مصر في زمن قياسي يتطلب إنجازها سنوات منها مشروعات في مجالات الصحة والتنمية العمرانية والبنية التحتية ومشروع نظام التأمين الصحي الشامل". 

وأكد الدكتور محمود محي الدين، أن أولويات الدول لمواجهة التحديات المستقبلية تشمل 10 مقترحات وهي تمثل"1+9"، وعلى رأسها القدرة علي الاستثمار في المجال الصحي والطبي والإنفاق على البنية الأساسية الصحية، كما يجب العمل على زيادة القدرات الاإتاجية والصناعية المختلفة واستغلال الطاقات المعطلة وإعادة توجيهها لتصنيع الملابس الوقائية، والتعاون الدولي في توفير اللقاحات والمستلزمات الطبية والملابس الواقية والاحتياجات الاستهلاكية.

وتابع: "يجب العمل على زيادة القدرات الإنتاجية والصناعية المختلفة، خاصة في القطاع الطبي والصحي واستغلال الطاقات المعطلة وإعادة توجيها لتصنيع الملابس الوقائية، بالإضافة إلى التنوع في الاستثمارات في المجالات الأساسية المتعلقة بالاستثمار في البشر والرعاية الصحية والبنية التحتية والتكنولوجية والاستثمار في مواجهة التغيرات المناخية والتعليم ومجالات الذكاء الاصطناعي".

وأوضح: "كما يجب ايضا وضع أولويات جديدة في الانفاق العام في مجالات الصحة والضمان الاجتماعي ودعم مشاريع الشباب"، مشيدا بإسراع الدولة في دعم العمالة غير المنتظمة وضرورة استكمالها بنظام الدخل الأساسي والتأمين الصحي الشامل".

وأشار الدكتور محمود محي الدين، إلى أن العديد من الفئات تستوجب دعما ماديا واجتماعيا لمساعدتهم في تجاوز الأزمة بجانب معالجة للفجوة في الاستيراد والإنتاج لتشجيع الاقتصاد على الانطلاق وتصنيع السلع التي تستوردها مصر من الخارج لدعم النشاط الاقتصادي.

وأكد أن العمل على توطين الصناعات الهامة والاستراتيجية لمصر من الأمور الإيجابية لأزمة كورونا، واستغلال مزايا المناطق الاقتصادية كالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس في جذب المستثمرين وإقامة صناعات ذات أولوية للدولة وأهمها المشروعات التكنولوجية لرفع القدرات التصنيع وزيادة الصادرات.

وقال إن مصر من الأسواق الواعدة الكبيرة لنحو 100 مليون مستهلك بجانب ارتباطها الوثيق وعلاقاتها المتميزة مع أفريقيا والصين.

وأضاف أنه بالرغم من التأثير المتوقع والكبير لقطاع السياحة والسفر في مصر والعالم إلى ما بعد أزمة كورونا، إلا أن السياحة الداخلية قد تمثل فرصة جيدة في ظل الأزمة، مشيدًا بالقرارات الاقتصادية للدولة في تخفيف الأعباء على القطاع السياحي في تأجيل أقساط الديون واسقاط الضريبة العقارية.

وأكد أهمية الاستمرار في دعم القطاع السياحي للحفاظ على الإنجازات التي حققها القطاع في التعافي وعودة النشاط وارتفاع الإنفاق السياحي والحفاظ على العمالة، بجانب أهمية إعادة النظر في منظومة الضرائب، خاصة في القطاعات الأكثر تضررا، والتعامل مع الموازنة العامة للدولة ببعد اقتصادي يعيد رسم خريطة الاستثمار في بعض القطاعات ذات الأولوية لأنها وسيلة لتخاطب المستثمرين ، والأفضل هو التعامل معها ببعد تنموي يعمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة والاستثمار في أولويات التنمية مثل التعليم، والرعاية الصحية، والقضاء على الفقر، والمساندة المجتمعية، وتحسين الأجور وتحقيق الأمن.

وحول رؤيته في تغير شكل العملة المصرية، أكد الدكتور محمود محي الدين، أن الشمول المالي من الخطوات الأكثر أهمية للإصلاح الاقتصادي وتحسين مناخ الأعمال عن التحول النقدي باستبدال العملات الورقية بالعملة البلاستيكية، وهي تحدث نتيجة لاختلاف أسعار هالك البنكنوت ولن يشعر به القطاع الخاص عن تطبيق تلك العملية إلا أن الأهم فيما يتعلق بالعملات هو الشمول المالي.

وحول تأثر أزمة وتبعات كورونا على المستوى العالمي، لفت "محي الدين" إلى أن الخريطة العالمية للإصابات تشير إلى تسطح منحنى الإصابات ما يعني سيطرة عدد من الدول على تزايد الإصابات، ولكن على العكس تماما فإن الاقتصاد العالمي دخل مرحلة الركود وبلغت معدلات تراجع النمو -3% وهو أكبر ركود منذ مرحلة الكساد الكبير. 

وقال إن العالم أمام حربين، الأولى تحتم علينا التباعد الاجتماعي والالتزام بالإجراءات الوقائية والأخرى العودة إلى النشاط الاقتصادي لمعدلات ما قبل الأزمة.