الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ذكرى رحيل أسامة أنور عكاشة.. انتصر للمغلوبين والحب وحارب الفساد والجهل

صدى البلد

اشتهر الكاتب والروائي أسامة أنور عكاشة، الذي تحل اليوم، الخميس، ذكرى رحيله، كونه كاتب أكثر المسلسلات في مصر والشرق الأوسط شعبية مثل "ليالي الحلمية"، و"الشهد والدموع"، وكان آخر أعماله التليفزيونية مسلسل "المصراوية"، الذي حاز على جائزة أفضل عمل في الجزء الأول منه، والذي عُرض في سبتمبر من عام 2007.


ولم تقتصر إبداعات عكاشة على التليفزيون فأعطى للمسرح والسينما أعمالًا مميزة، وإن لم يحقق فيها النجاح الذي حققه في الدراما؛ فكتب مسرحيات منها؛ "القانون وسيادته" لمسرح الفن، و"البحر بيضحك ليه" لفرقة الفنانين المتحدين، و"الناس اللي في التالت" للمسرح القومي، ومسرحية "ولاد اللذين" للقطاع الخاص.


وسينمائيًا قدم مجموعة من الأفلام: الهجامة، تحت الصفر، الطعم والسنارة، والإسكندراني، إضافة إلى كتيبة الإعدام، ودماء على الإسفلت مع المخرج المبدع عاطف الطيب.


ولد أسامة أنور عكاشة في طنطا عام 1941، وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي بمدارس كفر الشيخ؛ حيث كان يعمل والده، توفيت والدته، وهو لم يجاوز السادسة، وكان لذلك الحرمان أكبر الأثر في شخصيته من خلال الحب الذي جسده في كل أعماله كأنه يعوض عما حرم منه في طفولته "أنا قلبي زي الموبايل، والحب هو بطارية الشحن، بدونها يتوقف عن العمل، فأنا لا أستطيع الحياة دون حب، فهو شعور يعني لي البقاء".


والتحق بقسم الدراسات الاجتماعية والنفسية بجامعة عين شمس التي تخرج منها عام 1962، وهذا ما ساعده على توظيف تخصصه في فهم الظواهر الاجتماعية وعلاقة الفرد بمجتمعه، والغوص في أعماق النفس البشرية وصراعاتها الداخلية،  وخلال هذه الفترة بدأت إرهاصات محاولاته الأولى في مجال التأليف.


وأصدر أول أعماله الأدبية عام 1967، وكانت مجموعة قصصية بعنوان "خارج الدنيا"، ثم رواية "أحلام في برج بابل" عام 1973، ورغم الانشغال بعالم الدراما إلا أن ذلك لم ينسه ولعه بالأدب؛ فأصدر مجموعته القصصية "مقاطع من أغنية قديمة" عام 1985، ورواية "منخفض الهند الموسمي" عام 2000، ورواية "وهج الصيف" عام 2001، كما قام بتأليف عدد من الكتب منها؛ "أوراق مسافر" و"همس البحر، تباريح خريفية" في 1995، ثم رواية "سوناتا لتشرين" عام 2008، وكانت "شق النهار" هي العمل الروائي الأخير لعميد الدراما العربية، وهي تدور حول الإنسان وصدامه مع الواقع.


عمل عكاشة مدرسًا عامي 1963 و1964، ثم عضوًا فنيًا بالعلاقات العامة بديوان محافظة كفر الشيخ حتى العام 1966، قبل أن يعمل أخصائيًا اجتماعيًا للشباب بجامعة الأزهر حتى 1982 العام الذي شكل تغييرًا جذريًا في حياته؛ حيث قدم استقالته من العمل الحكومي، ليتفرغ تمامًا للكتابة والتأليف بعد انطلاقته الحقيقية بمسلسل "الشهد والدموع" مع المخرج إسماعيل عبد الحافظ، الذي شكل معه الثنائي الأبرز في الدراما العربية.


انتصر فيلسوف الدراما في كل أعماله، للمغلوبين والحب، وشن حربًا لا هوادة فيها على الفساد والاستبداد والضياع والجهل، دون أن يجره إغراء الخيال لحلول رومانسية يدغدغ بها مشاعر جمهوره، حتى ميوله الناصرية التي عرف بها لم تمنعه من انتقاد هذه المرحلة في سلبياتها، كما عني بصراع الأجيال وأوجاع الأمة، فاستطاع بذلك أن ينتقل بالدراما المصرية، لتدخل كل قلوب العرب الذين كانوا يتلهفون في كل عام لقراءة تلك الماركة السحرية "قصة وسيناريو وحوار أسامة أنور عكاشة" التي كانت كافية ليتسمروا حول الشاشة الصغيرة دون أن يعنيهم من أبطال العمل، ويسجل له أنه لم يحصر نفسه بالدراما الجادة، فأبدع في الكوميديا "ريش على مفيش" 1978، "أنا وأنت وبابا في المشمش" 1989، و"لما التعلب فات" 1999.


قام مبدع "ليالي الحلمية" ببناء مدرسة خاصة لم يجد إلا قلة يرثونها، استطاع من خلالها أن يغير شكل الدراما التلفزيونية من خلال عشرات الأعمال مثل: وقال البحر، المشربية، ضمير أبلة حكمت، زيزينيا، الراية البيضا، عصفور النار، وما زال النيل يجري، أرابيسك، امرأة من زمن الحب، أميرة في عابدين، كناريا وشركاه، عفاريت السيالة، أحلام في البوابة، المصراوية، الحب وأشياء أخرى، رحلة السيد أبو العلا البشري، والحصار.


حصد عكاشة العديد من الأوسمة والجوائز من أبرزها شهادة تقدير عن مسلسل ليالي الحلمية في عيد الإعلاميين السابع عام 1990، وجائزة الدولة للتفوق في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة عام 2002، وجائزة الدولة التقديرية في الفنون العام 2008.