الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الآن.. أشاهد «الاختيار»!


لست فى حاجة الآن لمشاهدة حلقات "الاختيار" بعد كل مظاهر الحفاوة والفخر والانبهار بأحداثه وأبطاله على الشاشة والجبهة معا .. ولم يعد الأمر يقتضى تحليلا فنيا لمستوى العمل وتفاصيل السيناريو والرؤية الإخراجية حتى وإن كانت به ثغرات أو ثقوب فى المعالجة الدرامية، انطلاقا من أن الأهم فى المشهد هو العزف على نغمة الدراما الوطنية وتسجيل البطولات والملاحم العسكرية الباسلة فى صورة أعمال وتابلوهات سينمائية وتليفزيونية تزين "تاج" رجالنا فى الجيش المصرى وتغذى القوة الناعمة ضد خفافيش الظلام وتنظيمات الإرهاب الدولى بكل أنواعها وأذرعها!.

وقد تابع ملايين المصريين والعرب صراعا دمويا شرسا ومتطورا بين جنودنا وعناصر إجرامية مزودة بأحدث الأسلحة وأدوات القتال والتمويل الخارجى المشبوه .. وإذا كانت كتيبة أحمد المنسى الشجاعة فى موقعة البرث قد دفعت ثمن الواجب المقدس وقاومت الرصاص الغادر حتى آخر قطرة دم وبصدور مفتوحة وشهيدة، فثمة مئات القصص والروايات عن مجندين وحراس على جبهة الوطن تصلح مادة ثرية ودسمة لعشرات السيناريوهات .. فقط تنتظر القلم الموهوب فى صياغة هذه القصص الواقعية فى قالب درامى وإنسانى يبتعد عن الخطاب المباشر واللغة التقليدية المعتادة فى تصوير ورسم شخصياتها .. وتتشوق لعيون مخرجين يجيدون إدارة الكاميرا وتوظيف عدستها بذكاء وحرفية فى استخلاص الرسائل والمبادئ والنفاذ منها إلى عقل ووجدان المتفرج قبل التفكير واللهث وراء انتزاع الدموع من عينيه واختزالها فى لحظات الاستشهاد أو الفراق الموجعة!.

وما طرحته تجربة "الاختيار" سوى أول الغيث، ولابد أن تعقبه قطرات إبداعية مماثلة تصنع تاريخا دراميا حافلا بالأعمال والبصمات فى السنوات المقبلة .. ولايقتصر الهدف على ضخامة الإنتاج أو شهرة النجوم، وإنما التركيز الأكبر على انتقاء الورق المكتوب وإفراز فرق عمل أخرى بقيادة إخراجية واعية تتعمق داخل حياة صغار الجنود بمختلف درجاتهم الاجتماعية والتعليمية وتعبر عن جوهر المجتمع المصرى .. بل ويتجاوز العمل الفنى ذلك أيضا إلى اختراق "كهف" الإرهابيين وتشريحهم نفسيا لمعرفة وقراءة كيف تحولوا إلى قطع شطرنج عمياء و"دُمى" تحركها الأصابع الشيطانية .. ومن هذه الزاوية أضمن كنزا معرفيا وثقافيا لايفارق أذهان الأجيال القادمة ويزرع بداخلها الانتماء لهذه الأرض والاعتزاز الدائم والصادق بعظمة وشرف خير أجنادها!

وأتشرف بجارى العميد متقاعد محمد سامى منصور الذى خدم فى القوات المسلحة حتى بلغ المعاش، ويحمل فى ذاكرته ومشواره مستودعا من نماذج مشرفة ومضيئة على غرار "المنسى" وكتيبته .. وغيره كثيرون يمكن الرهان عليهم كمصادر لبناء أساطير فنية وتاريخية عنهم وعن تضحياتهم سواء داخل خنادقهم أو خلف جدران عائلاتهم التى أنجبت المعادن الأصيلة!.

- والآن .. أستطيع مشاهدة "الاختيار" بعد نهاية "ماراثون رمضان" اللاهث .. أشاهده فى هدوء وتأمل دون لهفة أو تسابق بين التعليقات والتويترات .. ولكنى مع كل مشهد يمر سأظل أحلم بأجزاء جديدة وسلسلة متصلة من "دراما الشجعان" .. ولن أفقد الأمل والرغبة فى انتشار أعمال ومشروعات فنية طموحة تتحصن فيها الفكرة ببراعة الكلمة وجمال الصورة و"صدق" كل فنان أمام الكاميرا!.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط