EN
الأرواح الخفيفة تأخذ أصحابها دائما إلى فوق، يهربون من الشر، يعرفون جيدا النهاية كيف ستكون، يتأملون في صمت، يعلقون بحكمة، يتحدثون بتأنى، يعرفون أين سيضعون قدمهم في الخطوة التالية، أهم صفاتهم التخلي وعدم التمسك، لا يدخلون في صراعات فقيرة مع أحد، تماما كما حدث في قصة إبراهيم أبو الأباء ولوط عندما قال له "أليست كل الأرض أمامك، اعتزل عني، إن ذهبت شمالا فأنا يمينا وإن يميننا فأنا شمالا".
ما يميز أصحاب الأرواح الخفيفة حساسيتهم الشديدة وحواسهم المدربة وأذهانهم المفتوحة على التقاط الرسائل ورؤية التفاصيل، وإدراكهم أن كل كلمة هى لهم وليس للجالس بجوارهم، ولا يرون أنفسهم حكماء، وأنه ليس بالضرورة أن تكون كلماتهم وأفكارهم دائما هى الصواب، وأن كل معلومة لابد من التأكد منها قبل نقلها وتداولها، لا يتطاولون ولا يشعرون بأنهم يقودون العالم في اى اتجاه، فقط لديهم المعرفة الواعية والصامتة في أحيان كثيرة.
حاول أن تدرب روحك دائما على الخفة والطيران، والابتعاد قليلا عن الأرض لترى وتسمع صوت قلبك، فكر في كلماتك قبل أن تنطق بها أجعلها أولا تمر على قلبك وعقلك، احترم مشاعر الآخرين، خاصة في تلك الأيام، لا تقتحم خصوصية أحد، وأحذر دائما الخير الجارح، فلا تُذكر الإنسان الذى أمامك بمشكلته في صورة دعاء بأن يعوض الله عليه بالنسل الصالح او هؤلاء الذين لم يتزوجوا لأسباب عديدة، ليس من الضروري أن تسأل "هانفرح فيك امتى"، ولا تنظر لمريض كورونا على سبيل المثال على أنه متهم، ولا تحاول أن تفتش وتسأل كيف ومتى وأين أصيب، وحاول ألا تنال شرف أن تكون أول من يبلغ الأهل والأصدقاء عن المصاب، دع كل إنسان وشأنه وتمنى فقط الخير والستر للجميع.
أصحاب الأرواح الخفيفة يتحدثون عن الآخرين بصورة ايجابية داخل أنفسهم، لديهم قناعة أن الحوار الذاتي الايجابي عن الناس مسئول عن أغلبية القرارات والمعاملات معهم، يعرفون أن المشاعر الداخلية تشبه تماما صدى الصوت من المستحيل أن تقول في داخلك أحبك وترتد إليك "أكرهك".
روحك الخفيفة هى وسيلتك التى ستقودك في هذه الحياة، ستجعل كلماتك رغيف خبز ساخن للجائعين، ومنديل يمسح دموع هؤلاء الذين ارهقتهم الدنيا في دروبها، دواء حقيقي للنفوس المتعبة، ستكون فنار يطمئن ويحذر دون ادعاء للحكمة او اصرار على ارتداء ثوب المُعلم، إذا وجدت في طريقك أحد هؤلاء تمسك به ولا تتركه ولكن برفق فأرواحهم تعشق الطيران.
