الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فيروز نبيل تكتب: وللكورونا وجوه عديدة

صدى البلد

أظهرت أزمة كورونا كمية تناقضات بين البشر لا حصر لها.. فعلى سبيل المثال وجدنا بعض الأبناء يرفضون استلام جثامين آبائهم او أمهاتهم المتوفين بسبب كورونا. وعلى الجانب الأخر ابن يُصر على حمل أمه المصابة بكورونا وتوصيلها الى غرفتها بالمستشفى وحفيد يُعطي جدته المصابة بكورونا قبلة الحياة فى محاولة منه لإنقاذها من الموت دون ان يخشى اصابته بهذا الفيروس اللعين. 


ومن المواقف القاسية التى نُشرت مؤخرا على وسائل التواصل الاجتماعي مقطع الفيديو الذى قامت بنشره مؤخرا السيدة الفاضله الدكتورة عبلة الكحلاوي وهى مالكة دار الباقيات الصالحات لرعاية المسنين وذكرت من خلاله انها ناشدت أبناء بعض النزلاء كي يستلموا آباءهم وأمهاتهم بعد انتشار العدوى بفيروس كورونا داخل الدار ولكنهم رفضوا استلامهم للأسف وكان ردهم كالتالي "اعتبريهم مصابين بكورونا"، الحقيقه منتهى القسوة والجبروت للأسف ولكننا وجدنا على الجانب الآخر شبابا ومؤسسات وشخصيات عامة تتواصل مع الدكتورة عبلة الكحلاوى لرعاية المصابين بالدار وتوفير كافة احتياجاتهم.


وجدنا بعض الجيران يحاصرون جيرانهم المصابين بكورونا ويطالبونهم بالرحيل خوفا من انتقال العدوى لهم ولم يكتفوا بذلك بل قطعوا عنهم المياه والكهرباء ومنعوا اى دليفري ان يقوم بإيصال الطعام والدواء اليهم .


وعلى الجانب الآخر وجدنا جيرانا يقومون بدعم جيرانهم المصابين وتحضير الوجبات الصحيه والفاكهه لهم مع كتابة عبارات إيجابية لدعمهم مثل لا تخافوا نحنُ بجانبكم ولن نتخلى عنكم وسوف نستمر بدعمكم حتى شفائكم ، وغيرها من عبارات الدعم النفسي والمعنوي التى يحتاجها المريض حتى يتعافى. فكما نعلم جميعا ان الحالة النفسية الجيدة للمريض هى العامل الأساسي فى تقوية جهاز المناعه والمساعدة فى الشفاء من اى مرض يتعرض له الإنسان.


وجدنا ايضا مشاهد اخرى لبعض الجيران لأطباء وممرضات يقومون بالابتعاد عنهم وعدم التعامل معهم تخوفا من نقل العدوى لهم وعلى الجانب الأخر جيران يستقبلونهم بالتحية والتصفيق ويقفون لهم اجلالا واحتراما تقديرا للدور الذي يقومون به فى انقاذ المصابين .


وجدنا البعض يتجمهرون فى احدى القرى لمنع دفن جثمان احدى الطبيبات التى توفاها الله وهى تحارب هذا الفيروس اللعين وتقوم بعلاج المصابين ووجدنا على الجانب الآخر البعض يتبرع بتغسيل وتكفيين مصابي كورونا والبعض الآخر يتبرع بمدافن عائلته لدفن جثامين شهداء كورونا.


وجدنا بعض الصيادلة والتجار الذين تاجروا وتربحوا من هذه الكارثة وقاموا بتخزين المطهرات والكمامات وغيرها من السلع والأغذية المهمه المطلوبة لعلاج هذا الفيروس ورفعوا الأسعار بشكل مبالغ فيه لكي يجنوا الملايين على ارواح واجساد البشر ولكننا وجدنا ايضا العكس تماما من بعض الصيادلة والتجار المحترمين الذين التزموا بالأسعار المقررة وايضا بطريقة التوزيع العادله بين المستخدمين حتى يستطيعوا افادة اكبر عدد ممكن من المستخدمين.

 
وجدنا أيضا بعض البشر يقومون بشراء كميات كبيرة من الدواء والفيتامينات المستخدمة فى علاج كورونا وتخزينها بمنازلهم كنوع من التأمين لهم فى حال اصابتهم بالفيروس مما تسبب فى عجز كبير فى هذه الأدوية وبالتالي تسببوا فى عدم وصولها للمصابين الفعليين، وعلى الجانب الأخر وجدنا البعض يتكفل بتوفير الأدوية وشرائها وتوصيلها للمرضى الفقراء.


وجدنا بعض المصابين بكورونا يتعمدون الاختلاط بغيرهم وعدم إخطار غيرهم بمرضهم وعلى العكس تماما وجدنا بعض المصابين يقومون بعزل نفسهم ويبتعدون عن جميع معارفهم واصدقائهم فور علمهم بإصابتهم بل ويقومون بإبلاغ كل من تعاملوا معهم قبل علمهم باصابتهم لكي يطمئنوا على أنفسهم وعلى كل من خالطوهم.


الخلاصة مما سبق أن كورونا أظهرت اسوأ ما فينا ولكنها ايضا اظهرت أجمل ما فينا، فالبعض ظهر مدى القبح والأنانية والقسوة بداخله والبعض الأخر ظهر مدى الإيثار والرحمة والخير بداخله.


فى الحقيقة من لم تُغيره أزمة كورونا فى اعتقادي انه لن يتغير ابدا أي مفقود فيه الأمل او حالة مستعصية بلغة الطب فهذا الوباء هو اقوى اختبار من الله عز وجل للبشرية ومن لم يستوعب الدرس ويجتاز هذا الاختبار بنجاح فقد خسر دنياه وأخراه ومن عَدل مساره واستوعب حكمة الله من هذا الوباء فقد نجا وربح دنياه وأخراه.


وفى النهاية وضح لنا جميعا أنه حقا للكورونا وجوه عديدة.