الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سياسة مصر!


من أجمل التعبيرات التى جاءت فى سياق خطاب الكنيست الشهير للرئيس الراحل العظيم أنور السادات وصفه البليغ عن "سياسة مصر" .. والكلمتان تحملان رنينا وطنيا صادقا ينطوى على مبادئ وثوابت تحكم القرار المصرى فى أى قضية وتحت أى ظروف أو ضغوط دولية، والتعبير ببساطة لا يهدف إلى التضخيم أو المبالغة الإنشائية فى قيمة وحجم مصر، وإنما يضع الحقيقة أمام الرأى العام العالمى بأننا ننتمى إلى دولة ذات تاريخ وحضارة وعمق سياسى وجغرافى ومنها نبدأ وعندها ننتهى!.

واستوقفنى التعبير الذي مر عليه أكثر من ٤٣ عاما بعد الإفراج عن المصريين  المحتجزين فى ليبيا وعودتهم إلى أرض الوطن سالمين تحت مظلة الدبلوماسية المصرية وشعلة نشاط وذكاء رجالها الأكفاء .. ولنا محطات كثيرة ومشرفة برهنت فيه السياسة الخارجية لمصر على براعتها وتفوقها وربحت معارك دبلوماسية داخل الغرف المغلقة بفضل صبر وحنكة ومهارة سفرائها على التفاوض والإقناع .. وشاهدنا الرعاية المصرية للقضية الفلسطينية المركزية فى الشرق الأوسط وإصرار القاهرة على الوساطة بين الفصائل المتناحرة من ناحية، والتشبث بموقفها لحماية الأراضى المحتلة وحقوق الشعب الفلسطينى من الاغتصاب والقرصنة الإسرائيلية المحكمة.

ولمسنا كتيبة جهاد فى جبهات البلدان المفككة سياسيا وطائفيا كسوريا وليبيا واليمن والعراق لإعادة ترتيب البيت الداخلى وقطع أذرع "أخطبوط" الإرهاب فى هذه البؤر المهيأة للاختراق والتقسيم .. واليوم نتوقع صمودا مصريا صلبا ومحصنا بالوثائق والقانون الدولى للحفاظ على حصتنا المائية فى نهر النيل وتقويض مخططات السيطرة على منابعه من بوابة سد النهضة الإثيوبى والمرسومة بسيناريوهات خارجية وكتابة يهودية ملعونة!.

وبقى التنويه إلى ضرورة الخط الاقتصادى الموازى للعجلة الدبلوماسية المُنتجة .. ولابديل عن ورقة التجارة والمنفعة المتبادلة لتوطيد أركان العلاقات السياسية مع دول الجوار دون الاعتماد فقط على الجذور التاريخية والإرث القديم .. فقد غرست الخارجية المصرية بذور التعاون والآفاق الواسعة فى كل المجالات عبر الحدود وتجاوزت البحار والمحيطات لبناء شراكات شاملة مع أوروبا وآسيا وكتل الغرب المتنوعة .. ولن يروى تلك البذور الواعدة إلا اتفاقيات تجارية وحزمة من الاستثمارات العاجلة يجرى ضخها فى شرايين  العلاقات مع الأشقاء والحلفاء على حد سواء .. والترجمة الجادة لجهود ودور الدبلوماسية المصرية هى مهمة الحكومة بالتنسيق مع طائفة رجال الأعمال للإسراع فى تنفيذ مشروعات تنمية وتبادل خبرات وتكامل بين موارد الدول بما يخدم لغة المصالح والاستفادة المشتركة، علما بأن هذا الخيار سينعكس على خطوات الإصلاح الاقتصادى فى مصر وتقصير مسافات التقدم وإنعاش الوضع الداخلى فى مراحل بناء "مصر الجديدة" .. ومن أبجديات العمل الدبلوماسى أن يمهد الأرض أمام العقل التجارى ورؤوس الأموال لزرع أقدامها فى التربة الخارجية وتحويل الرؤى السياسية بين الدول إلى أرقام وحسابات مربحة للطرفين يشعر بها الفقير، وتستنشق هواءها الشعوب التى لاتقتنع بأى انفصال أو عزلة بين  عالم السياسة واحتياجات الشارع ليعيش واقعا أفضل وأرقى!.

- فى وقائع وحوادث كثيرة على مر التاريخ، ظهر الجناح العفى لـ "سياسة مصر" مجسدا فى أساتذة المفاوضات والخطاب الدبلوماسى المُفَّْوه .. ولا مجال لتحليق النسر الفرعونى بقوة إلا بالجناح الآخر على نفس المستوى والدرجة، وضعف الأجندة الاقتصادية يعرقل الأشواط التى قطعتها "الخارجية المصرية" لتقوية شوكة الأمن القومى الذى يعتمد بالدرجة الأولى على دعائم التجارة والمال قبل الحل العسكرى وقوة السلاح .. وعندئذ يكتمل المعنى المثالى لتعبير "سياسة مصر"!.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط