النيل يجرى

بغض النظر عن كل ما تتناقله وكالات الأنباء وما تتناقله وسائل التواصل الاجتماعي عن تطورات سد النهضة والتعنت الاثيوبى فى المفاوضات الجارية منذ أمد ليس بالقريب بغض النظر عن كل ذلك تعالوا معى نرجع الى تاريخنا القديم أو بمعنى أصح إلى أجدادنا الفراعنة وكيف تعاملوا مع هذا الشريان الحيوي ألا وهو نهر النيل الأزلى، كافة الملوك اول ما يفعلونه هو وضع اسس وقوانين للتعامل مع النيل والحفاظ عليه ونظافته واستمرار سريانه بالخير والنماء.

لدرجة أنهم سجلوا هذه الوصايا والتعليمات على المسلات وجدران المعابد. وبينما أنا انهل من تاريخ أجدادنا وخاصة ماتركوه عن نهر النيل استوقفتنى هذه الجملة والتى جاءت فى هذا التوقيت من التفاوض المصرى الإثيوبى لتضع نقاطا كثيرة فوق حروف أكثر ...اقرأ معى هذه العبارة (إذا انخفض منسوب النهر، فليهرع كل جنود الملك ولا يعودون إلا بعد تحرير النيل مما يقيد حريته )هذه الجملة العبقرية منقوشة على جدران مقياس النيل بمعبد حورس فى مدينة إدفو بمحافظة أسوان، إذا تناولنا كل كلمة من كلمات هذه الوصية الملكية سنجد أن النيل ليس مجرد نهر ولكنه أساس حياة مصر والمصريين منذ قديم الأزل، كما أنه يبدو من فحوى الجملة أنه كانت هناك منذ القدم قوى ظلامية تحاول أن تمنع عن مصرنا استمرار تدفق شريان حياتها أو تقليل منسوب تدفقه وهذا واضح من مطلع الوصية وفيها يقول إذا انخفض منسوب النهر بما يعنى أن الخفض ليس من السماء ولكن بأيدي البشر، وعليك أن تتذوق جمال الجملة وهى تطالب كل جنود الملك بسرعة تحرير النيل ممن يقيدون حرية سريانه وتدفقه ووصوله إلى أرضنا وصبغها بالخير والنعم.

الفراعنة بكل ما أوتوا من قوة كان لهم أعداء يحاولون أن يهددون أمن البلاد والعباد ويحاولون أن يوقفوا أو يقللوا من تدفق نهر النيل الأبدي ولم يكن الفراعنة ليسمحوا بذلك أبدا وذلك واضح من هذه الوصية ومن غيرها مما تركوه محفورا على آثارهم ومسطورا فى جدران التاريخ الفرعونى القديم.

إذن إثيوبيا اليوم هى ذلك الكائن الذى ذكره الفراعنة القدامى بأنه يسعى لخفض منسوب النهر الخالد بطريقة أو بأخرى ووصفهم الفراعنة بمن يسلب الحرية ولا بد من منعهم وتلقينهم درسا واضح المعالم بأن النيل ليس صناعة بشرية ولكنه خلق ربانى يسرى كما أمر الله الذى ذكر مصرنا مرات عديدة فى كتابه الكريم واكد انها بلد سلام وامان . اذن محاولات اثيوبيا فى الغى والمماطلة والتهرب والتسويف وفرض سياسة الأمر الواقع و ملء السد الحزين المسمى بالنهضة هى محاولات فاشلة مهما كان من يقف وراء أديس أبابا ويمنحها الدعم بكافة أشكاله لمحاربة مصر فى شريان حياتها . اثيوبيا ممثلة فى رئيس وزرائها المتعالى، فاقد  الحنكة السياسية،  المغطى نفسه بقوى خربة خارجية مهدت له طريق الغى ممنية اياه بالفوز العظيم والانتصار المجيد على مصر هذه الاثيوبيا وهذا المدعو احمد بن ابى لن يتحقق له ما يصبو اليه هو وداعميه ولن ينال سوى ماناله اعداء مصر على مر التاريخ وهو خير شاهد ، المؤكد والجلى أن القيادة السياسية على دراية بنهاية الطريق ولكنها تريد أن تخطو خطوة خطوة لكى تقطع على المراوغين والافاقين طرقهم الملتوية  كما أن القيادة السياسية التى تنتهج  أيضا سياسة النفس الطويل فى التفاوض تريد ان يخرج الطرف الآخر كل ما لديه من حجج وبراهين وهى تعلم انها واهية وعلى يقين بأن وراءها أهداف أخرى ملوثة وايادي كثيرة خبيثة ملعونة ..ملف التفاوض المصرى الاثيوبى السودانى ملف القاهرة على دراية بكل تطوراته ولديها رؤية وخطة لكل تصعيدات وهذا ما تريد القيادة السياسية أن تؤكده من خلال ماينشر ومايصدر عن المسؤولين، والأيام ستقول إن ما ستحصل عليه مصر من مكاسب من مفاوضات سد النهضة تفوق بكثير ما هو موجود حاليا كما أن أديس أبابا ستذعن فى نهاية الأمر لكل المطالب بصورة أو بأخرى وإلا فان الجنود  سيهرعون لتحرير النيل ممن يقيد حريته وسريانه وعطائه فى مصرنا الحبيبة التى أكد هيرودوت انها ليست هبة النيل ولكنها هبة أبنائها بدليل أن النيل يسرى فى سبع دول ولم تقام فيهم حضارة ونشأت فى مصر بلد العزة والقوة التى قال عنها الأديب العالمى نجيب محفوظ انها وجدت قبل التاريخ وان التاريخ جاء بعدما جاءت مصر وتجلت وعلت وتعالت .. النيل سيسرى والحاقدون سيموتوا بغيظهم ولن يسلب احدا حق مصر والمصريين فى الحياة الممثل فى نهر النيل الذى تغنى به وله المشاهير والخالدين ..