الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إيهاب كاسب يكتب: مستشار مع إيقاف التنفيذ

صدى البلد


في الوقت الحالي، وفي ظل الظروف المُختلفة، التحديات جسام، كثيرة ومتعددة وفي كل المجالات، داخل وخارج البلاد، تحتاج لتكاتف حقيقي، وإحترافية عالية جدًا، في إدارة كُل الملفات وجميع التفاصيل، الصغيرة قبل الكبيرة، ولذا فكُل جُهد لمسؤول مهما كان حجم مسؤوليته مُقدرا ومُقدسا، نرفع له القُبعة إن أصاب، ونُحفزه، ونشجعه على الاستمرار، ونقف له بالمرصاد أن أخطأ، السؤال هل نُحاكم الأشخاص على نواياهم؟ على أفعالهم النبيلة رغم سوء عرضها أم على طريقة العرض؟!


لا أعتقد أن هذه المرحلة، الفارقة، تحتمل التقييمات السطحية للأمور، ولكن، علينا أيضًا أن ندرك حجم الظرف الراهن، ونُدرك أهمية الاستثمار في القوة البشرية لتعظيم وتعزيز النتائج، وبدلًا من الخروج بتصريحات صحفية حول إنتاج شيء ليس بجديد من مسؤول كبير فهو أمر يحتاج إلى الوقوف أمامه، لماذا؟

أولًا: لأن مصر الكبيرة تحتاج إلى المسؤولين الكبار. 

ثانيًا: أن فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رسخ لمفهوم توزيع الأدوار. 

ثالثًا: أن هناك إختراعا ليس بجديد يُطلق عليه العلاقات العامة، وهي واحدة من أهم الأدوات التي نشأت في نهاية القرن الثامن عشر لمساعدة الدول والأنظمة السياسية ورجال المال والأعمال والشخصيات السياسية والمرشحين للإنتخابات على عرض تجاربهم ونتائجهم ومسيراتهم ونجاحاتهم بطريقة إحترافية إبداعية تسهم في تعظيم وتعزيز النتائج على كافة المستويات، وبالتالي فإن تجاهل الدولة أو المؤسسات مهما بلغ حجمها لتعيين إدارة إحترافية ذات خبرات كبيرة في هذا المجال، أو تطوير ما لديها من موظفين فإنها تفوت على ذاتها فرصة كبيرة لتعظيم الاستفادة من مواردها وهو الأمر الذي يتجلى في خسائر أو عدم تحقيق أفضل نتائج مُمكنه.


وخلال السنوات الأخيرة بزغ نجم العلاقات العامة، وأصبح مُنتشرا بشكل كبير في منطقة الشرق الأوسط، خاصة بعد حاجة بعض الدول لها لتحسين صورتها أمام المجتمع الدولي نتيجة للأحداث الكثيرة والكبيرة التي مرت بها المنطقة، لعل آخرهم قطر التي دفعت مبالغ مالية كبيرة لإحدى شركات العلاقات العامة الأمريكية لتحسين صورتها أمام المجتمع الدولي إبان إشتعال أزمتها مع دول الخليج الثلاث ومصر، مثل هذه الشركات تعمل على عرض الحقائق بأفضل صورة مُمكنه أو قلبها إن كانت لا تلتزم بمواثيق العمل المهنية الإحترافية.


ما دفعني لكتابة هذا المقال، هو الخبر الذي أصدره أحد رؤساء الجامعات المصرية، للإعلان عن إنتاج العسل، الخبر لم يتضمن أي معلومات حول الكميات أو أنه نوع فريد أو أي شيء يُمكن معه القبول بفكرة خروج الخبر من مكتب رئيس الجامعة وليس عميد كُلية الزراعة المسؤولة  عن هذا الإنتاج أو ما دونهما وفقًا للترتيب الوظيفي، بحيث يخرج الشخص المسؤول، ورغم خلو الخبر من المعلومات حول كميات الإنتاج وحجم المشروع وغيرها من المعلومات، فإن الوقوف ليس أمام الخبر ذاته بقدر الصورة المُصاحبة للخبر حيث يجلس الدكتور رئيس الجامعة خلف مكتبه واضعًا أمامه كم كبير من برطمانات العسل، حتى أنه لم يُكلف خاطره بأخذ هذه الصورة في المناحل ذاتها أو المكان المخصص لإنتاج العسل.


تخيل أنك تُهدي الإعلامي المُتآمر صورة لمسؤول كبير بين برطمانات عسل، ما الذي يُمكنهم أن يفعلوه بهذه الصورة؟ ولماذا لم يُعلن عن هذا الخبر من جانب الشخص المسؤول عن المشروع مباشرة، مثلًا مدير المناحل، مدير المعامل، عميد الكلية، ولو فرضنا وجود أرقام كبيرة ودلالات لهذا الخبر تفرض أو تبرر حرص المسؤول الكبير أن يُعلن بنفسه عن تفاصيل الخبر مثل، إنتاج عسل فريد المواصفات، إنتاج أضخم كمية، أكبر مناحل في الشرق الأوسط، توقيع عقود تصدير عالمية، توزيعه بالمجان على الطلاب لتقوية الجهاز المناعي لديهم خاصة وأن الخبر لم يتضمن تفاصيل عن المشروع بقدر الإشارة إلى معلومات حول فوائد العسل في تقوية الجهاز المناعي للإنسان في ظل انتشار فيروس كوفيد 19.


اللي يشوف الصورة لازم يسأل سؤال مُهم؛ هو المسؤول عنده مستشار إعلامي أو مستشار علاقات عامة والا لأ؟! ولو عنده ليه سمح بصورة زي دي؟! ، فكرة أن المسؤول لا يسمع لمُستشارة هي فكرة سيئة للغاية وتفسد علينا الكثير من النجاحات والتجارب والطرق المُبتكرة للإعلان عن الأشياء والمنتجات الجديدة، والأكثر سوءًا من ذلك هو ألا يكون المستشار قدم نصيحته للمسؤول بسوء الصورة التي بُثت مع الخبر الصحفي الذي انتشر، وهُنا لابد من الإشادة بالمواقع الإخبارية التي لم تنشر صورة المسؤول مع الخبر واكتفت بصورة أخرى لمناحل العسل حتى وإن كان ذلك ليس بدافع من حرصها على الصورة العامة للمسؤول أو المؤسسة التعليمية العريقة ومنصب رئيسها الرفيع. 


نحن بحاجة قوية إلى أن يُدرك المسؤولون في كافة المؤسسات مهما كان حجمها لأهمية وجود خبير في مجال العلاقات العامة والإستشارات الإعلامية، ليس من الضروري أن يكون من خارج المؤسسة، بالعكس، ربما يكون الأفضل هو تطوير أدوات العاملين في إدارة الإعلام والعلاقات العامة داخل المؤسسة ضمن جهودها الاستثمارية في قوتها البشرية لضمان الوصول إلى أفضل النتائج، افسحوا المجال أمام هذه الإدارة واسمعوا لها وانصتوا لعلكم تستطيعون، ناقشوهم واسمعوا لهم فذلك أفضل لكم وللمؤسسة ولأهدافكم القريبة والبعيدة الصغيرة والكبيرة.