الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لكل من يفتي في قضية التحرشّ!


"عدم الحجاب تعري نعم، لأنك تبرزين مفاتنك التي تستفز بالفطرة ذكورتي".. هذه عبارة أحد المدعين بأنهم شيوخ أو دعاة عبر صفحته بموقع تويتر... وأضاف: "هناك أسباب للجريمة عديدة، من ضمنها الملابس الصارخة التي تعتمد على الإغراء.

هذا سبب فقط من ضمن مجموعة أسباب، وليس هو السبب الوحيد، ولابد من معالجته كغيره من الأسباب التي تؤدي للتحرش، لكن هذه الأسباب لا تُبيح ولا تُبرِّرْ للمتحرِّش فعلَه المرفوض بحالٍ من الأحوال".

ثم أكد في منشوره والفيديو الذي بثه عبر صفحته الشخصية، أن هناك فرقًا بين محاولة علاج الأسباب التي قد تساهم في حدوث الجريمة، وبين اعتبار هذه الأسبابِ شيئًا مبررًا للجريمة فهذا مرفوض، مُعلِّقا: "نلتزم بغض البصر كما أمر الله وبالحجاب والاحتشام كما أمر الله، ونؤكد أنَّ تبرير التحرش عبث، وكذلك محاولة التغاضي عن معالجة أسبابه - ومن ضمنها الملابس الفاضحة - هي أيضًا عبث".

إذن، فقد ربط هذا الداعية أمر اللبس بإثارة حواسه الشهوانية، ما يدفعه لارتكاب التحرش، وبالتالي يقع في الزنا، الذي جرَّمه الله في كتابه العزيز.

ولن أعَقِّبْ على هذا العبث في الحديث، الذي صدر من ما يسمي نفسه داعية، ولكني سأقول له بالحجة والبرهان، ماذا أنت فاعل لو عشت في أوروبا، وقد عشت في بلدانها، وتسير النساء في شوارعها، شبه عاريات، كما يرتدن الشواطئ عراة تمامًا.. فهل بمنطق سعادتك ستهجم على المرأة وقتها وتوقع بها الفاحشة.

 مثالٌ آخر، لو أنت أو أنا متواجدون في أحد هذه الدول والخمر متوفرة في كل مكان، هل هذا يُبيح شرابها؟ أم أننا نلتزم بما ورد في نصوص القرآن وصحيح الدين.. بلاش هذا أو ذاك، إذا كان يعمل معنا من أصحاب الذمم الواسعة ممن يتلقون الرشاوي، فهل نقوم بفعلتهم؟.. خلاصة القول أن ليس كل ما هو مُتاح، نقوم بعمله، فعلينا إعمال العقل والشريعة في جميع أمور ديننا.

فأنت محتاج لضبط النفس والاضطلاع أكثر في صحيح الدين لتفهم قواعده. ومع الأسف، أراك تناقض نفسك فيما نشرت، فأنت تقول أن الرجل مأمور بغض البصر، وتعترف بأن التحرش جريمة، إلا أنك لخَّصْت العَرَض كله في الملابس الفاضحة.. فهل هذا هو الدين من وجهة نظرك أم خلط الأمور كلها!

مع الأسف، هؤلاء الدعاة هم من يؤَّثِرون في نفوس المراهقين وبعض الرجال، الذين هم متعطشون لسماع هذه الأقوال، لأن عقولهم في إجازة عن العمل.. فقط يسيرون كالحيوانات وراء  غرائزهم.. فما الذي فضَّل الله به الإنسان عن سائر مخلوقاته؟ 

نعمة العقل: "لعلكم تتفكرون.. لعلكم تعقلون.. لعلكم تتقون".. لكن، ما دامت العقول في إجازة، فلا داعي للتفكير أو حتى إمعان النظر في آيات الذكر الحكيم.

تباينت آراء رواد موقع التدوينات القصيرة "تويتر" حول هذا الداعية، على خلفيةِ تصريحٍ له حول قضية التحرش الجنسي، تزامنًا مع واقعة أحمد بسام زكي، المعروف إعلاميًا بـ "الشاب المتحرش"، والذي تباشر النيابة العامة التحقيق معه.

التحرش جريمة لا تقبل التبرير، وليس لها أعذار، حتى لو كانت المرأة مرتدية ما يحلو لها، فحسابها عند رب العالمين، وأنت مأمور بغضِ البصر.. ولا يجوز التحرش بها أو النظر إليها. 

التحرش الجنسي يدخل ضمن دائرة العنف ضد المرأة, وهي جريمة يُعاقب عليها القانون، والحمد لله أن المصريات الآن يشهدن صحوة تجاه قضية التحرش، فعندما تجرَّأتْ إحدى الفتيات وتقدمت ببلاغ ضد شاب تحرّش بها قبل سنوات؛ والشاب الآن يُسجن على ذمة التحقيق بتهم اغتصاب وإساءات جنسية بحق فتيات أخريات.. والنيابة العامة تشجّع على تقديم بلاغات وعدم الاكتفاء بالكتابة على وسائل التواصل الاجتماعي؛ ويأخذ الأزهر موقفًا واضحًا يرفض فيه الحجة المعتادة التي تربط جريمة التحرش بثياب المرأة، كما ذكر الشيخ المزعوم.

وبعد القضية بأسبوع، تُقِّرُ الحكومة مشروع قانون لضمان سرية بيانات المجني عليهم في حالات التحرش.

من قلبي: ليس الحديث عن قضايا التحرش أو الاغتصاب جديدًا على المجتمع المصري، لكن يبدو أن هذه المرة التعامل مع هذه القضية سيختلف، فقد حرَّك المياه الراكدة في قضايا التحرش مجتمعيًا وقانونيًا وأصبح لدينا الآن قانون حماية وسرية لبيانات المبلغات، ولابد أن نثَّمن دور مؤسستي الأزهر والإفتاء، بتحركاتهم التي وقفت بقوة في وجه  قضية التحرش  والجدل.

من كل قلبي: "أتمنى أن يصبح أحمد بسام زكي، عبرة لمن لا يعتبر من الشباب والرجال بموضوع التحرش، كما أطالب الأزهر بالتدخل لمنع مهازل هؤلاء الدعاة أو من يسمون أنفسهم بالدعاة والشيوخ.. ولا تسمح لهم مطلقًا بالظهور عبر أي وسيلة فضائية، بل وتُعاقب كل من يظهر على وسائل التواصل الإجتماعي، بدون إِجازة أو رخصة منها حتى لا نفتك بالمجتمع".
وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط