الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لماذا شرعت الأضحية وعلاقتها بالحج.. علي جمعة يوضح

د. علي جمعة
د. علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الأضحية تشتمل على معانٍ جليلة وحِكم قيمة‏‏ منها‏:‏ التشبه بالحجاج حين ينحرون هديهم في فريضة الحج‏، سواء على وجه الوجوب للمتمتع والقارن أو على الاستحباب للمفرد‏.
إقرأ أيضا: 
أيهما أفضل الصدقة أم الأضح
واستدل «جمعة» في فتوى له، بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:‏ «ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم إنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها‏,‏ وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع من الأرض فطيبوا بها نفسا» (‏الترمذي‏).‏

وأضاف جمعة: من التشبه بالحجاج أيضا في الأضحية أنه يسن لمن أراد الأضحية عدم قص الأظافر وحلق الشعر إلا بعد ذبح أضحيته،‏ كما هو شأن الحجاج‏,‏ وهو تشبه بهم في كونهم شعثا غبرا‏,‏ فعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال‏: «‏من أراد أن يضحي فلا يقلم أظفاره ولا يحلق شيئا من شعره في العشر الأول من ذي الحجة» (‏سنن الدارمي‏).‏

وأوضح من التشبه بالحجاج أيضا في الأضحية التوسعة على الفقراء والمساكين وإدخال السرور عليهم،‏ كما قال تعالى‏: «فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ»، ولذلك كان تقسيم الأضحية كما قال الإمام أحمد‏:‏ نحن نذهب إلى حديث عبد الله‏:‏ يأكل هو الثلث‏،‏ ويطعم من أراد الثلث‏، ويتصدق بالثلث على المساكين‏.

وتابع: وقال الشافعي‏:‏ أحب ألا يتجاوز بالأكل والادخار الثلث‏، وأن يهدي الثلث، ويتصدق بالثلث‏. (‏تفسير ابن أبي حاتم‏)‏ ومن هنا قال تعالى‏: «لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ»، ففي الآية دلالة صريحة على أن الأضحية لا تطلب لذاتها‏،‏ ولكن للتوسعة على الفقير وابتغاء التقوى ومحبة الخير لكل الناس‏,‏ ويؤكد ذلك ما روي عن عائشة رضي الله عنها‏: «أنهم ذبحوا شاة فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ‏ما بقي منها؟ قالت‏: ‏ما بقي منها إلا كتفها‏.‏ قال‏: ‏بقي كلها غير كتفها‏» (‏الترمذي‏).‏

وتابع: من حكم مشروعية الأضحية تحقيق فضيلة التقوى‏,‏ وذلك بالإذعان والطاعة والانقياد لأمر الله تعالى حيث قال‏: «لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ المُحْسِنِينَ»‏ وتتحقق التقوى كذلك بحسن اتباع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-في هديه وبيانه لشروط الأضحية التي تدور حول سلامتها من العيوب تقوى للمضحي ونفعا للفقير،‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أربع لا تجوز في الأضاحي‏:‏ العوراء بين عورها،‏ والمريضة بين مرضها، والعرجاء بين ظلعها، ‏أي عرجها‏، والكسير التي لا تنقي، أي الهزيلة‏» (سنن أبي داود‏)‏ ذلك أن الله طيب لا يقبل إلا طيبا،‏ قال تعالى‏: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ» والإنفاق لا يكون إلا من أطيب ما يملكه الإنسان‏.‏

وواصل: لكل هذه المعاني ولغيرها كانت الأضحية ذات شأن ومشروعية واستحباب من قبل الشرع الشريف،‏ إذ فيها دلالة على حسن العلاقة بين العبد وربه‏, ‏وبين الإنسان وأخيه الإنسان‏,‏ ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم- :‏ «من وجد سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا‏» (‏أحمد‏).‏

وأبان بأن وقت الأضحية يبدأ من بعد صلاة العيد لقول الله تعالى‏: «فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ»‏ وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من ذبح بعد الصلاة تم نسكه‏,‏ وأصاب سنة المسلمين» (‏البخاري ومسلم‏)، وينتهي الوقت بغروب شمس ثالث أيام التشريق‏، وفي ذلك توسعة للزمان حتى تتحقق التوسعة على الفقراء طول أيام العيد‏.