الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أول عملة ورقية.. التجار يبتكرون الوثائق لحماية الذهب والفضة.. القصة كاملة

أول عملة ورقية
أول عملة ورقية

تشير الدراسات التاريخية إلى أن الصين أول بلد طبع العملة الورقية، وذلك في عهد سلالة تانغ بين عامي 618 - 907 ميلادية، وكانت الفكرة الأولى لنشوء العملة الورقية.


وقد ولدت بين التجار الذين يتنقلون من بلد إلى بلد ويحملون نقودهم الذهبية والفضية معهم، فكانت عرضة للضياع والسرقة فاستعاضوا عنها بوثائق خطية تثبت مقدار ملكيتهم فكانت تمثل البديل الورقي البدائي للعملة المعدنية "الذهب والفضة"، وشهادة بقدرة حاملها على دفع المقدار المثبت على متنها.


وكانت تلك كالورقة تدفع إلى التاجر الذي تشترى منه البضاعة وهو بدوره يستطيع أن يتسلم المبلغ المثبت على هذه الورقة من الشخص المودع عنده مال التاجر المشتري ثم تطور استعمال هذه الأوراق، فصار بالإمكان دفعها إلى أي بائع أو مشترٍ بشكل متداول ليكون المرجع النهائي في القبض هو المركز المودع فيه المال.


اقرأ أيضا:


ولم تصل النقود إلى أوربا سوى في القرن الـ14 ولم تتطور إلى ما يشبه وظيفتها الحالية سوى في القرن الـ17، فكان أول مصرف أوروبي يصدر العملة الورقية هو مصرف ستوكهولم في عام 1660 إلا أنه فشل في عام 1664 بالإيفاء لدفع قيمة كل ما أصدره من عملات ورقية بالذهب، فأعلن إفلاسه في ذلك العام.


وفي عام 1669 بدأ مصرف اسكتلندا بإصدار العملات الورقية، ولا يزال حتى الآن - بعد أكثر من 300 عام - يقوم بهذه المهمة بنجاح، ليصبح بذلك المصرف الذي أصدر عملات ورقية لأطول وقت دون توقف.


وفي عام 1660 أصدرت العملة الورقية لأول مرة في أمريكا، وذلك في مستعمرة خليج ماسشوتس (إحدى المستعمرات 13 التي تؤلف أمريكا في ذلك الحين)، إلا أن العملات الورقية كانت تصدرها مصارف، خاصة مما جعل البعض يرفض استلام عملات التي تصدرها مصارف لا يثق بها، بل وقد كان البعض يستلم عملات أخرى بأقل من قيمتها لنفس السبب.


في عام 1776 (مباشرة بعد الاستقلال من بريطانيا) بدأ البنك المركزى بإصدار عملة الدولار، إلا أن هذه العملة لم تكن مغطاة بالذهب كالنقود القانونية مما لم يشجع الناس للتعامل بها، ولكن القانون الذي أقره الكونجرس كان يُجرّم كل من لا يقبل الدولار كعملة باعتباره عدو للدولة.


ولم تستمر هذه الثقة طويلًا، فتكاليف حرب الاستقلال أجبرت الحكومة على طبع العملات بشكل كبيرن مما تسبب في تضخم هائل فقد الدولار على أثره قيمته، إلى أن رُبط بالذهب والفضة في عام 1789 على يد ألكسندر هاميلتون.


وقد استمر هذا الوضع حتى عام 1860، حينما أجبرت الحرب الأهلية الحكومة الأمريكية على طبع كميات كبيرة من النقود لم تكن مغطاة بأي من المعدنين (الذهب أو الفضة)، وقد كانت العملات المطبوعة في ذلك الوقت هي أول عملة اكتسبت اللون الأخضر الذي يشتهر به الدولار الأمريكي حاليًا.


والتضخم الهائل جعل الحكومة الأمريكية تُعيد ربط الدولار بالمعدنين في عام 1879، ثم أعيد فك الربط بشكل مؤقت في عام 1933 على يد الرئيس فرانكلين روزفلت للتخلص من آثار الكساد العظيم وقد أعيد ربطه من جديد في العام الذي تلاه ولكن بتعديل كبير في سعر الدولار، وكذلك بمنع الشعب الأمريكي من استبدال الدولار بالذهب أو الفضة (أو حتى الاحتفاظ بكميات كبيرة من الذهب أو الفضة)، وقد كان يحق للحكومات الأجنبية فقط استبدال الدولار بأي من المعدنين، في عام 1971 قام الرئيس نيكسون بإعادة فك ارتباط الدولار بالذهب وبقي الدولار حتى الآن كذلك.


ومن المعروف اقتصاديا أنّ النقود الورقية المتداولة الآن لم تعد قابلة للتحويل إلى ذهب أو فضة عند طلب حاملها بما يساوي القيمة الاسمية المثبتة عليها، بل هي نقود تعتمد على ثقة المتداولين لها بالجهة المصدِّرة (الدولة أو البنك المركزي) فهي نقود تعهدية من قبل الجهة المصدرة.


قد يكون إصدار العملة الورقية مقابل مبالغ من الذهب أو كميات من السبائك الذهبية المرصدة لدى مؤسسة النقد العالمي أو مقابل ضمانات مقبولة تقدمها الدولة المصدِّرة أو مقابل الاثنين معًا.


وقد تكون مثل هذه الأوراق بمثابة أمر رسمي من السلطة يفرض على الشعب، ويُجعل تداول الأوراق النقدية أمرا الزاميا ضمن الحدود الجغرافية لهذه الدولة، فتعتبر من الناحية الواقعية نقودا محلية إذ ليس بإمكان الدولة فرض قبولها أو إلزام التداول بها خارج حدودها الإقليمية بل تتمكن الدولة من جعلها أداة للمضاربات المالية بواسطة إبدالها بقطع نادرة على أمل جني الأرباح في المستقبل عند ارتفاع قيمة تلك القطع.