الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

من نوفمبر 1955 إلى يوليو 1952.. كيف لعبت الأحداث السياسية دورًا في تقديم موعد قيام الثورة؟

جمال عبد الناصر وثورة
جمال عبد الناصر وثورة 23 يوليو 1952

يوافق اليوم، الخميس، الذكرى الثامنة والستين لثورة 23 يوليو، والتي كانت بوابة عبور مصر من النظام الملكي إلى النظام الجمهوري؛ وقد تحدث الرئيس الراحل "محمد أنور السادات" في كتاب له بعنوان "البحث عن الذات"، والذي روى فيه قصة حياته ومراحل كفاحه، عن الثورة التي تعد أحد أهم الأحداث السياسية في تاريخ البلاد، والظروف التي أدت إلى قيامها في عام 1952، كما سلط الضوء على المواعيد المبدئية التي تحددت لانطلاقها وأسباب تقديم موعدها أكثر من مرة.


وأوضح "السادات" في الفصل الرابع من كتابه، والذي جاء تحت عنوان "العمل من أجل قيام الثورة"، أنه في أعقاب صدور النشرة العسكرية بعودته إلى القوات المسلحة اعتبارًا من 15 يناير لعام 1950 برتبة "يوزباشي"، وهي الرتبة التي خرج بها، كان الرئيس الراحل "جمال عبد الناصر" هو أول من زاره مهنئًا وكانت برفقته "عبد الحكيم عامر".




وتابع أنه علم من "عبد الناصر" آنذاك أن تنظيم الضباط الأحرار قد أصبح أوسع انتشارًا وأن قوته تشتد يومًا بعد يوم، كما طلب منه أن يتقدم لامتحانات الترقية كي يستعيد ما فقده من رتب خلال فترة بقائه خارج الجيش، وألا يهتم بالصعاب التي سوف تواجهه حيث سيذللها التنظيم ويتخطاها، وهو ما تم بالفعل، وحصل "السادات" على رتبة "بكباشي" في وقت قصير.


وأشار كذلك في إطار حديثه عن الظروف التي أدت إلى تحديد موعد لقيام الثورة إلى أنه في شهر أكتوبر لعام 1951، ألغى "النحاس باشا" المعاهدة المبرمة بين مصر وإنجلترا عام 1936.


واستطرد حديثه موضحًا أن الهيئة التأسيسية للضباط الأحرار اجتمعت في أوائل يناير 1952 برئاسة "عبد الناصر" لبحث الموقف وصدر قرار بتحديد موعد قيام الثورة في نوفمبر عام 1955، لكن لم تمض سوى أيام قليلة حتى وقع حريق القاهرة في 26 يناير 1952.


وأضاف أنه في ضوء هذا الحدث كان على تنظيم الضباط الأحرار مراجعة حساباته، لافتًا إلى أنه علم كذلك من خلال تواصله مع "يوسف رشاد"، الذي كان في ذلك الوقت صديقًا شخصيًا للملك، بعد حريق القاهرة بأيام أن الملك أصبح يشعر بأنه لم يعد له مكان في مصر كما بدأ يرسل الذهب في طائرته الخاصة إلى بنوك "جنيف"، وهو ما دفعه والرئيس الراحل "عبد الناصر" إلى الاقتناع بأن حركة الضباط الأحرار لن تجد مقاومة تُذكر من جانب الملك.




واجتمعت الهيئة التأسيسية للضباط الأحرار في فبراير لعام 1952، وتقرر القيام بالثورة في نوفمبر 1952 بدلًا من عام 1955.


وبالنسبة للسبب وراء اختيار شهر نوفمبر على وجه التحديد، فقد أوضح "السادات" في كتابيه "البحث عن الذات" و"يا ولدي هذا عمك جمال"، أن  ذلك راجع إلى أنه في نوفمبر يكون الملك والوزراء قد عادوا من الإسكندرية، وبذلك يكون من الممكن تركيز الضربة في القاهرة، لكي تكون الضربة واحدة وكاملة وسريعة ودون حاجة إلى معارك أو دماء.


لكن في أول يوليو 1952، علم "السادات" من "يوسف رشاد" بشأن قلق الملك حيال زيادة منشورات الضباط الأحرار، كما فوجئوا في 18 يوليو بإصدار الملك قرار بإلغاء انتخابات مجلس إدارة نادي الضباط، والتي كان التنظيم قد كسبها من الضباط الموالين للملك.


وأفاد "السادات" أيضًا بأن "عبد الناصر" علم في الوقت ذاته بأن الملك ينوي تغيير الوزارة وأن وزير الحربية في الوزارة الجديدة هو اللواء "حسين سري عامر"، والذي سيكون أول ما يفعله بمجرد توليه الوزارة بدون شك هو القضاء على الضباط الأحرار من أجل إثبات ولائه وقوته للملك.


ومن هنا اتخذ "عبد الناصر" قرار قيام الثورة قبل تولي الوزير مهام منصبه، وكان معنى هذا أن تقوم الثورة في يوليو بدلًا من نوفمبر.




وعن تفاصيل الأيام القليلة التي سبقت قيام الثورة، يقول السادات في كتابه "البحث عن الذات" إن "عبد الناصر" أرسل إليه رسالة في يوم 21 يوليو تسلمها في مطار العريش، وطلب منه فيها التوجه إلى القاهرة يوم 22 يوليو، إذ أن موعد قيام الثورة تحدد؛ وكان نص القرار: "تحددت الفترة من 22 يوليو إلى 5 أغسطس سنة 1952 لبدء المشروع، وكان المشروع بالطبع هو الثورة.


ووصل "السادات" بالفعل إلى القاهرة في اليوم المشار إليه؛ وقامت الثورة في ليل 22-23 يوليو.


وعن سعادته بهذا الإنجاز كتب قائلًا: "أخيرًا تحقق الحلم الذي عشت به وله سنوات عمري.. تحول إلى حقيقة يزخر بها صدري.. تستولى على كياني.. فيتضاءل إلى جانبها هذا الكيان.. كل شيء في الواقع يتضاءل.. يصبح وهمًا.. إلا هي.. الحقيقة الوحيدة.. شامخة مهيبة تحجب الرؤية عن كل ما عداها".


وأكد أنه سارع بالتوجه إلى الإذاعة بمجرد أن أشرق صباح يوم 23 يوليو 1952، كي يعلن ميلاد الثورة.